اخبار السودان

حصحص الحقّ : إباحة المسلمة البالغة للكتابيّ

محمد الصادق

 

المحصِنات قُرئت بالكسر ؛

وهي القراءة الأصحّ ،

فهي اسم فاعل من أحصن :

وفي قوله تعالي :َ {ٱلَّتِیۤ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا}

أي التي اختتنت ،

فقد كانوا يرون أن الختان يحصّن البنت ، كما يفعل الزواج ، وقد جاء الاحصان في القرآن أيضا بمعني الزواج: {فَإِذَاۤ أُحۡصِنَّ}.

ولمّا كان الإختتان مرتبط بالبلوغ

لأنهم كانوا لا يختتنون إلا عند البلوغ ،

فإن لفظ المحصنات أُطلق علي البالغات ؛

وهذا ورد في عدة آيات :

{وَٱلَّذِینَ یَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمۡ یَأۡتُوا۟ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَاۤءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَـٰنِینَ جَلۡدَةࣰ} .

مما يعني أن من يرمي من لم تبلغ فلا شيء عليه ، لأنه لا يترتب علي رميها تشكيك في نسبة الولد.

{وَمَن لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن یَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُم مِّن فَتَیَـٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۚ} .

أي من لا يستطيع نكاح البالغة فلينكح (فتاة) غير بالغة ؛

ولكن اذا تزوجت الفتاة ، وأتت الفاحشة فإنها تجلد ٥٠ ، لأن البالغة تجلد ١٠٠ :

{فَإِذَاۤ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَیۡنَ بِفَـٰحِشَةࣲ فَعَلَیۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ}

أما قوله تعالى :

{ٱلۡیَوۡمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتُۖ

وَطَعَامُ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ حِلࣱّ لَّكُمۡ

وَطَعَامُكُمۡ حِلࣱّ لَّهُمۡۖ

وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ

وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ إِذَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ…}

فهو يفيد إباحة المسلمة البالغة للكتابي.

وهذا أوضح شيء في القرآن ،

لا ينكره إلا مكابر.

فالنص القرآني لا يريد أن يكرر :

حِلࣱّ لَّهُمۡ ؛ حِلࣱّ لَّكُم.

وإلا فما الذي أقحم عبارة :

{َٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰت}

في سياق تحليل أشياء لم تكن حلالا من قبل؟؟!! .

وعندما ترجع إلي التفاسير

تجد المفسرين لا يفسرونها

فهل هذا معقول؟! .

تأمل في كلام الإمام الشوكاني مثلا :

“ولَمْ يُعَرِّجِ المُفَسِّرُونَ

عَلى بَيانِ المُناسَبَةِ

لِذِكْرِ حِلِّ المُحْصَناتِ مِنَ المُؤْمِناتِ

في أثْناءِ إباحَةِ طَعامِ أهْلِ الكِتابِ ،

وإباحَةِ تَزَوُّجِ نِسائِهِمْ” !!!! .

وهذا يعني أن الشوكاني

يستغرب من وجود عبارة :

{وٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰت}

في هذا السياق !! .

وليس الشوكاني وحده

وإنما كثير من المفسرين

استغربوا لوجود العبارة

لكن لو رجعت إلي الآيات

تجد أن عبارة {الۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ} ذكرت بعدها..

ومع ذلك انظر كيف جاء تفسيرها في كتب التفسير :

“أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ ، والنَّحّاسُ ، والبَيْهَقِيُّ في (سُنَنِهِ) ،

عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ :

﴿وطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ قالَ : ذَبائِحُهُمْ ،

وفي قَوْلِهِ:

﴿والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ قالَ : حِلٌّ لَكُمْ ،

﴿إذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ يَعْنِي : مُهُورَهُنَّ”

ففي التفاسير تفسر :

{والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُم} فقط بإضافة عبارة : (حل لكم) !! .

لكن لا يفعلون هذا مع العبارة التي جاءت قبلها علي نفس النسق :

{وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰت} !! .

المسألة واضحة جدا :

{وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰت} .. [حِلٌّ لَهُم].

{فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَـٰلُ} ؛

{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِۦ ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَاۤۚ}

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

نرجو من كل من فهم المعلومة

أن يساهم بنشرها وبشرحها ،

حتي تعم الفائدة ،

ولكي نزيل الدخيل

من المفاهيم الساذجة والخبيثة ..

فهذه إذن نصيحة ،

والدين النصيحة كما في الحديث :

(لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)

 

□■□■□■□■

>>> تذكرة متكررة

 

نذكّر بالدعاء علي الظالمين

في كل الأوقات .. وفي الصلاة

وخاصة في القنوت

قبل الركوع الثاني

في الصبح

علي الذين سفكوا الدماء

واستحيوا النساء

واخرجوا الناس من ديارهم

بغير حق

واسترهبوا الناس

النساء والاطفال وكبار السن

وساموهم سوء العذاب

وعلي كل من أعان علي ذلك

بأدني فعل أو قول

(اللهم اجعل ثأرنا

علي من ظلمنا)

فالله .. لا يهمل

ادعوا عليهم ما حييتم

ولا تيأسوا ..

فدعاء المظلوم مستجاب

ما في ذلك شك :

{قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی

لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم}.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *