اخبار السودان

حرب السودان.. قراءة في تقرير النيويورك تايمز

مجديعبدالقيومكنب

 

مجدي عبد القيوم(كنب)

 

التقرير قطع قول كل خطيب

التقرير عزز شكوي السودان ضد الامارات

التقرير اخرس السن المدلسين

يجب أن تدفع الإمارات كل ألتعويضات

تأثير التقرير علي المشهد السياسي والمسرح العملياتي

 

الإمارات ظلت داعمة للسودان وليس صحيحا أنها تلعب دورا شريرا بمساندة الدعم السريع

د/حمدوك

صحيفة ذا ناشونال

نشرت صحيفة النيويورك تايمز تقريرا استقصائيا مطولا تحت عنوان *الإمارات تؤدي لعبة مزدوجة قاتلة في السودان* والذي نشر ترجتمه الحرة في موقعها في ٢١ سبتمبر٢٠٢٤
معلوم أن صحيفة النيويورك تايمز شبه رسمية وتعبر عن الإدارة الأمريكية كما أنها علي صلة وطيدة بالمخابرات الأمريكية ومن المؤكد أن لما تنشره هذه الصحيفة ثقل من ناحية الموثوقية .
تناول التقرير الاستقصائي تفاصيل علي درجة عالية من الأهمية فيما يتصل بحرب السودان كما أنه ارتكز علي صور بالاقمار الصناعية لحركة مسارات الطائرات الإماراتية التي تنقل السلاح لمليشيا الدعم السريع وكذا استخدام الإمارات لشعار الهلال الأحمر للتمويه وابان التقرير استخدام الإمارات لمستشفي في أم جرس التشادية والمخصص لعلاج جرحي مليشيا الدعم السريع لتخزين السلاح.
نتناول في هذا المقال تقرير النيويورك تايمز واسباب نشره في هذا التوقيت واثاره وتداعيات نشره علي المشهد السياسي والعملياتي في السودان
في البدء نقول أن التقرير العاصف مثل قول جهيزة الذي قطع قول كل خطيب واثبت بما لا يدع مجالا للشك ضلوع الإمارات في الحرب التي تدور في بلادنا لأكثر من عام
من المؤكد أن المعلومات الواردة في التقرير ليست جديدة بالنسبة للاجهزة الأمريكية سواء الإدارة أو الأجهزة الرسمية كالمخابرات الأمريكية ولكن الجديد أن أمريكا قررت الإفراج عن تلك المعلومات والأدلة الدامغة حول دور الإمارات في الحرب ويمكن قراءة الأسباب التي دفعت بامريكا لنشر تلك المعلومات من عدة زوايا منها ما هو متصل بعلاقاتها الاستراتيجية بالامارات وما يتعلق بالموقف من السودان ولعلنا معنيين أكثر بدلالات نشر التقرير وتوقيته وانعكاساته علي المشهد السياسي في السودان .
في التقدير أن التقرير فيما يتصل بالعلاقات الأمريكية الاماراتية يستهدف إبراز الأدلة الدامغة التي تدين الإمارات لخدمة اغراض استراتيجية تتصل بالابتزاز السياسي لتحقيق مصالح اقتصادية أمريكية عليا علي غرار قضية خاشوقجي أو قضية الإبادة الجماعية التي لفت انشوطة الجنائية حول رقبة الدكتاتور المخلوع عمر البشير.
ما يتصل ببلادنا فقطعا التقرير ملك السودان أدلة دامغة علي تورط الإمارات في الحرب التي تدور في بلادنا وبالتالي عزز الشكوي التي قدمها السودان ضد الإمارات في مجلس الأمن
وما ينجم عنها مستقبلا كسداد كلفة ما دمرته الحرب فيما يلي إعادة الإعمار.
اذا كان القانون الدولي حمل السودان تعويض ضحايا المدمرة كول أو اجبر ليبيا علي تعويض ضحايا حادثة لوكربي فإن السودان قطعا سيطالب بسداد كلفة ما دمرته الامارات بسبب اسلحتها والدعم اللوجستي بكافة أشكاله للمليشيا المتمردة
هذا علي الصعيد القانوني اما علي الصعيد العسكري فقطعا فإن الإمارات لم تعد قادرة علي استمرار إمداد المليشيا بالسلاح ولهذا قطعا تاثيره الكبير علي المسرح العملياتي .
التقرير أصاب في مقتل واخرس السن المدلسيين الذين طفقوا يسودون الصفحات ويمارسون تغبيش الوعي بشكل ممنهج وينفون صلة الإمارات بالحرب في السودان
دأبت بعض الاقلام علي تزييف الحقائق وبشكل مننهج وكرست كتاباتها لتحميل وزر اشعال الحرب للاسلاميين وأنها صراع بين أنصار الدولة المدنية ودعاة الشمولية ومن المؤسف أن تنضم لهذا الرهط أقلام يسارية في تناقض واضح بين ما يعتنقونه من أفكار حول التحرر الوطني وما يعرفونه عن حروب الموارد ومحاولات الاستعمار المستمرة لنهب خيرات الشعوب وما اختزونه عن راس المال المعولم والشركات عابرة القارات ويعرفون أكثر من غيرهم لماذا التخريب الممنهج لمشروع الجزيرة وتهجير السكان وأثر ذلك علي علاقات الإنتاج.
من المؤسف أن يكتب يساري قح ساخرا من فكرة الاستنفار الشعبي متناسيا ارث المقاومة الشعبية الفكري لمجرد التبرير لموقفه السياسي من المؤامرة التي تتعرض لها البلاد وفشله في قراءة المشهد بشكل سليم إلي أن اخرسه الثوار في غاضبون وملوك الاشتباك والقموه حجرا
تصدر مشهد حملة المباخر الاماراتية الكتاب الذين ينتمون لتحالف تقدم فشرعوا اقلامهم وعبأوها بمداد الزيف والخداع دفاعا عن الامارات ودرء التهم عنها بضلوعها في الحرب مع انهم اكثر
السودانيين تيقنا بدور الإمارات القذر وذلك لسبب بسيط هو صلتهم الشخصية بالإمارات ويقف علي رأس هذه المجموعة أعضاء تحالف تقدم
يتصدرهم رئيس التنسيقية الدكتور عبد الله حمدوك الذي ابتدرنا المقال بتصريحه الذي ورد في سياق حواره مع صحيفة ذا ناشونال.
لعل المرء يحتار في المواقف السياسية التي اتخذها الدكتور حمدوك منذ أن ابتدأت هذه الحرب الضروس فهو لم يكتف بترأس تحالف يضم ذات المجموعة التي تسببت في إفشال حكومته بوضع الكثير من العصي في دواليبها فعلاوة علي اتفاقها في جوبا أثناء مفاوضات جوبا علي استبداله وهو ما وقفت الوثيقة الدستورية امامه وحالت دون تحقيقه أو مؤامرة رفع المرتبات التي دبروها حتي قبل أن يؤدي القسم بعد أن فشلوا في تسويق مرشحهم لرئاسة الوزراء ثم لاحقا ما كالوه له من سباب في المؤتمر الصحفي الشهير بعيد اتفاق حمدوك البرهان في ٢١ نوفمبر ووصفه بانه قد تحول سكرتيرا للعسكر وانهم لن يضعوا اياديهم في يده الملطخة بدماء الشهداء
ومع ايماننا بأن هذا لا يخرج عن قواعد اللعبة السياسية إلا أنه…وهذا هو المهم.. يدلل علي العلاقة العضوية بينه ومجموعة من جانب وعلاقتهما مع الامارات وهذا ما يعنينا.
في التقدير أن تقرير النيويورك تايمز سيلقي باثاره علي المشهد السياسي بالداخل ومن المؤكد أن تأثيره الاساسي علي المجموعة التي يضمها تحالف تقدم كشخوص ومن ناحية أخري التحالف نفسه كهيئة اعتبارية ولا شك أن الجهات التي ظلت تمسك بملف الأزمة السودانية تعمل الآن علي ما يمكن أن تطلق عليه عملية فك وتركيب ليس لتحالف تقدم فقط انما كل التحالفات في المشهد باعتبار أن التحالفات التاكتيكية تنشأ وتشكل وفقا لتفاعلات الواقع كشرط موضوعي وفي تقديري أن الواقع الآن قد جرت تحت جسره مياه كثيرة .
التسريبات تعزز ما ذهبنا إليه فقد جاء في تقرير مفصل نشره موقع المحرر في ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤ أن اجتماعا انعقد في نيروبي شارك فيه إلي جانب عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز حلو دكتور حمدوك وعبد الرحيم دقلو ود/مريم الصادق والباشمهندس عمر الدقير ومجموعة من الوسطاء اوربيين وافارقة إلي جانب مسؤل رفيع من هيئة اغاثية وتم الاجتماع برعاية امريكية وناقش الاجتماع اسباب فشل الفترة الانتقالية والتي عزاها الوسطاء لضعف الكفاءة لدي الكادر الذي أدار تلك الفترة وافتقاره لمواصفات رجال الدولة وضيق قاعدة المشاركة انذاك وعدم اتاحة فرص للشباب والمجتمع المدني وضعف الأحزاب السياسية وكذلك فشل تحالف تقدم في استيعاب قطاع عريض من الشعب السوداني وجاء في التقرير أن توقيع تقدم لاتفاق مع الدعم السريع سبب له العزلة الجماهيرية سيما بعد الفظائع التي ارتكبتها المليشيا بعيد دخولها الجزيرة علاوة علي أن الاتفاق نفسه عزز من المزاعم التي تقول بأن تحالف تقدم يمثل الظهير السياسي لمليشيا الدعم السريع وخلص الاجتماع إلي ضرورة وحدة القوي المدنية تحت مظلة عريضة بما أن كل هذه التحالفات تنطلق من منصة تحقيق أهداف الانتقال والمسار المدني الديمقراطي
من المؤكد أن ما من مواطن يمكن أن يقبل بقيادة من ينادي باستسلام الجيش الوطني أمام مليشيا متمردة تنفذ مشروعا دوليا لتفكيك البلاد علي غرار الجيش الياباني ابان الحرب العالمية فهذا بؤس فكري وافتقار لادني معايير الاهلية الاخلاقية دعك عن الوطنية.
كذلك في التقدير أن تأثير تقرير النيويورك تايمز علي مسرح العمليات العسكرية سيبدو جليا في الأيام القادمة فمن الطبيعي أن الامارات بعد هذا التقرير الذي ولا شك يعقد موقفها القانوني فيما يتعلق بالقانون الدولي في ظل شكوي السودان ضدها وبالتالي يجعلها تحجم أن لم تتوقف تماما عن إمداد المليشيا بالاسلحة وبالتالي يضعفها أمام الجيش السوداني بنا يجعلها تنهار تماما.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *