اخبار السودان

حرب السودان تدخل عامها الثالث وسط غموض حول مآلاتها

على بعد أيام يدخل السودان عامه الثالث من حرب عبثية دارت رحاها بسبب تمسك قيادات الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه بفرض سطوتها على حكم البلاد بعد الإطاحة بالحكومة المدنية.

ففي الخامس عشر من أبريل 2023  وصلت مساعي التهدئة والمباحثات التي أجرتها قوات الدعم السريع مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لتسليم السلطة لحكومة مدنية، إلى طريق مسدود؛ ما تسبب باندلاع شرارة الصدام العسكري الذي خلّف حربا دامية ما زالت رحاها تدور حتى اليوم.

حرب تراوح مكانها وسط خريطة نفوذ متغيرة لا رابح فيها سوى تجار الجيش الذين احترفوا بقواتهم والميليشيات المتحالفة معها، سد طرق المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الأممية والدول، لمصادرتها وبيعها في السوق السوداء.

وقدمت عدة دول وأطراف خارجية مبادرات للسلام لاقت ترحيب طرف في النزاع، دونما موافقة الجيش، الذي يصر على الحرب في ظل هيمنة ميليشيات إخوانية تسيطر على مركز اتخاذ القرار بالجيش.

وقال رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، إن لا حل عسكريا في البلاد، وإن الحرب تنتهي بإرادة سياسية، معتبراً أن سيطرة الجيش مؤخرا على القصر الرئاسي في الخرطوم، وإن كانت تُغير المشهد التكتيكي، إلا أنها لا تُغير شيئا من الواقع الجوهري المتمثل في استحالة تحقيق أي طرف نصرا حاسما دون إلحاق خسائر فادحة بالسكان المدنيين.

كما أكد في مقال بصحيفة ” فايننشال تايمز” أن إطالة أمد الصراع لن يؤدي إلا إلى تعميق المعاناة وترسيخ الانقسامات، مشيرا كذلك إلى خطر حقيقي ومتزايد من تجزئة السودان على أسس تُمليها المصالح المتضاربة.

ومنذ بداية الحرب سجلت خروقات وانتهاكات على يد الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه، لم تتوقف على عمليات القتل والإعدامات بل وصلت حد نهب المساعدات الأممية.

وكشفت تقارير أممية ومنظمات دولية، عن عمليات سطو نفذتها ميليشيات متحالفة مع قوات الجيش السوداني، على قوافل المساعدات الدولية، وبيعها في السوق السوداء، داخل السودان وفي دول مجاورة.

وبالتزامن مع ذلك بدأ العام 2025 بمجازر دموية وسط ارتفاع في وتيرة الغارات التي شنتها طائرات الجيش على مواقع سكانية مكتظة، لا سيما في ولايتي الجزيرة وود مدني؛ ما تسبب بمقتل المئات من المدنيين، لاتهامهم بدعم قوات الدعم السريع.

وكان آخر فصول انتهاكات الجيش، بعد سيطرته على القصر الرئاسي ومناطق مهمة في الخرطوم؛ إذ نفذت قواته والميليشيات المتحالفة معه لا سيما الموالية لجماعة الإخوان، إعدامات ميدانية بحق المدنيين لاتهامهم بدعم قوات الدعم السريع.

وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك الخميس الماضي، إنه “روّع” بالتقارير عن عمليات إعدام نفّذت خارج نطاق القضاء بحق مدنيين في الخرطوم بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على العاصمة في نهاية مارس، بحسب فرانس برس.

وأورد تورك في بيان “لقد روّعت بالتقارير الموثوقة عن عمليات إعدام نفّذت خارج نطاق القضاء بحق مدنيين في أحياء في الخرطوم للاشتباه في تعاونهم مع قوات الدعم السريع”.

وتخوض  قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو حربا ضد الجيش بقيادة  عبد الفتاح البرهان منذ نيسان/أبريل 2023.
وأعلن الجيش الأسبوع الماضي، استعادة السيطرة الكاملة على الخرطوم بعد أسابيع من القتال، فيما قال دقلو إن قواته “أعادت تموضعها” فقط.

وفي ظل انسداد أي أفق للسلم، يبقى أطفال السودان أكثر فئة تدفع ثمن الحرب؛ إذ ألقت الحرب بنحو  17 مليون طفل، خارج المدارس ومؤسسات التعليم، ومنذ بدء الحرب تعطلت الدروس وضاع أكثر من عام دراسي، بل وتحولت معظم المدارس، التي نجت من الدمار، إلى مخيمات للاجئين.

وفي السودان 19 مليون تلميذ، 90 % منهم محرومون من مواصلة دراستهم بسبب استمرار الحرب والنزوح الذي طال ملايين السكان في معظم الولايات.

وبحسب “اليونيسيف” لم يتأثر الأطفال وحدهم بالحرب، بل تأثر المعلمون والمدارس وبنية التعليم في البلاد، فبعد توقف الدراسة وإغلاق المدارس، توقف صرف رواتب المعلمين، وكاد قرابة نصف مليون مدرس يتحولون وأسرهم إلى “متسولين”، بعضهم هجر مهنة التعليم واختار مهنة أو حرفة بديلة، بينما لجأ آخرون إلى بلدان الجوار وقد لا يعودون، فيما دُمرت آلاف المدراس والمنشآت التعليمية، وتحولت الآلاف منها إلى ملاجئ لإيواء النازحين.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *