كشف ما يعرف بـ”أزمة السفارات” جانبا من الخلافات المكتومة بين مصر وبعض الدول الغربية، وبدت بعض العواصم متقاعسة عن حماية عدد من مقار السفارات المصرية لأسباب سياسية، حيث سُمح لمتظاهرين بالاحتجاج أمامها، ولم يتم توفير الحماية الأمنية اللازمة لها، والتي تفرضها التقاليد الدبلوماسية.
وتفجّرت أزمة بين مصر وبريطانيا عندما استشعرت القاهرة نوعا من التهاون المتعمّد من قبل لندن في ردع متظاهرين ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، وفُسّر الأمر على أنه رسالة تحوي اعترافا ضمنيا حول رعاية الحكومة البريطانية للجماعة، لأن غالبية من احتجوا عند مقر السفارة المصرية في لندن ينتمون إليها.
ولم يعد خافيا أن عددا كبيرا من قيادات جماعة الإخوان وكوادرها من مصر، ودول عربية، يتخذون من بريطانيا مكانا للإقامة وممارسة نشاط سياسي وعمل إعلامي منذ سنوات، وارتفع عدد المقيمين مع عودة العلاقات بين مصر وتركيا وقيام الأخيرة بتحجيم وجود العناصر الإخوانية على أراضيها، ما دفع عددا منهم إلى الخروج واختيار لندن مقرا بديلا، حيث لا تُفرض شروط قاسية عليهم، وشكلوا ما يعرف بـ”لوبي لندن” الإسلامي.
وزادت سخونة الأزمة مع تأكيد وزارة الخارجية البريطانية أن المبنى الرئيسي لسفارتها في حي “غاردن سيتي” بالقاهرة سيبقى مغلقاً “إلى أن يُستكمل تقييم أثر هذه التغييرات”، والسفارة ستواصل أداء مهامها.
وخلقت هذه الخطوة انطباعات بأن الأزمة يمكن أن تتصاعد، ما لم يتم احتواؤها سريعا، فصدور بيان من الخارجية البريطانية عقب صدور بيان من السفارة في القاهرة، يؤكد أن الفجوة عميقة بين مصر وبريطانيا، وتتجاوز ما حدث للسفارتين.
وجاءت الخطوة البريطانية بعد قيام الحكومة المصرية برفع حواجز ضخمة وضعتها منذ سنوات في محيط سفارتي بريطانيا والولايات المتحدة بوسط القاهرة، أدت إلى إعاقة حركة المرور في الشوارع المحيطة بهما، لكن تقديرات الأمن رفضت رفع الحواجز وقتها، خوفا من حدوث اعتداءات عليهما من مواطنين غاضبين.
وقامت السلطات المحلية برفع الحواجز أخيرا بعد حادث سفارة مصر في لندن، حيث احتج ناشط معارض يدعى أنس حبيب أمام السفارة، وحاول شخصان مصريان التصدي له، لكن الشرطة البريطانية منعتهما وقبضت عليهما.
وأجرى وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي اتصالاً هاتفياً مع مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، وطلب توضيحاً بشأن واقعة اعتقال أحد الشابين في لندن، والذي دافع عن اقتحام مقر السفارة من قبل متظاهر ينتمي إلى جماعة الإخوان.
المصدر: صحيفة الراكوبة