حسن عبد الرضي الشيخ
تحياتي وتقديري لكل المتابعين الكرام..
في تعليقٍ محترمٍ على موضوعٍ ضمن مقالات “حديث الكتب”، كتب أحد الإخوة متسائلًا عن كيفية إعداد تلك المقالات، وهل أستعين بالذكاء الاصطناعي في كتابتها؟
وكان جوابي كما أحب أن أكرره هنا أن الفكرة في أصلها تعبيرٌ شخصيٌّ نابعٌ من قناعةٍ عميقة، أما الذكاء الاصطناعي فأستخدمه في دور التدقيق، والتحرير، والتعديل، وأحيانًا في البحث عن بعض المعلومات. مع أن الذكاء الاصطناعي كثيرًا ما يخذلني في إيراد عباراتٍ خاطئة، عندما يفوت عليَّ تدقيقها.
مثلًا، وردت في مقالي السابق (التحدي الذي يواجه العرب) هذه الجملة:
(وانطلاقًا من كتابه، يمكن أن نعمل على إقامة نظام سياسي ديمقراطي عادل، يفصل بين الدين والدولة، دون أن يُنكر القيم الروحية)، وهي فكرة خاطئة خطأً فادحًا، ولا بد من الاعتذار عنها وتصويبها، إذ لم يرد هذا النص في الكتاب، بل الفكرة الجمهورية تدعو الى فهم جديد للاسلام يقوم عليه نظام ديمقراطي اشتراكي يتوج بعدالة اجتماعية شاملة.
أعتذر للقراء عن هذا الخطأ. وكما أسلفت، فإني أحرص على استغلال الذكاء الاصطناعي كأي أداةٍ يستعين بها الكاتب لتحسين صياغته وتوضيح فكرته.
إن سلسلة “حديث الكتب” هي فكرتي الشخصية، وقد جاءت بدافعٍ واضح، هو لفت الانتباه خصوصًا في السودان إلى كنزٍ مهجورٍ بين أيدينا: الكتاب. ولا سيما كتب الفكرة الجمهورية (مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه)، وكتابات الإخوان الجمهوريين، وغيرها من الكتب التي أراها بحق أغلى من كل جواهر الأرض، بما تحويه من فكرٍ مستنير، وروحانيةٍ عميقة، وإنسانيةٍ صافية، وفهمٍ جديدٍ للإسلام.
ما أتمناه من خلال هذه المقالات ليس مجرد عرض كتب أو استعراض عناوين، بل أن أُسهم، مع غيري، في تقديم بديلٍ حقيقي لأولئك الذين سئموا الغث من الحديث، وأرهقهم الانحدار.
فبدلًا من لعن ظلام “الكيزان” الحالك، أحببت أن أُضيء شمعةً صغيرة، لعلها تُلهم غيري ليُشعل شموعًا أكبر وأوسع.
إننا بحاجةٍ إلى أفقٍ أرحب، وإلى تقديم فكرٍ راقٍ يُعيد ترتيب علاقتنا بالإنسان، وبالدين، وبالحياة.
وهذا ما وجدته في الفكرة الجمهورية، وكتابات مفكريها.
كل كتابٍ هو حوارٌ مؤجّل، وكل فكرةٍ نيّرة هي شعاعٌ ينتظر أن يصادف قلبًا مستعدًا.
فإن كانت هذه السلسلة قد لامست في القرّاء الأجلّاء شيئًا من ذلك، فالحمد لله..وإن لم تفعل، فربما يفعل غيرها ما عجزت عنه فكرتي.لكم المحبة دائمًا..
وإلى لقاءٍ قريب، في رحاب كتابٍ جديد.
المصدر: صحيفة الراكوبة