أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول:
هي لحظة تؤتي خفقها وجعًا.. فقط لتستبيح المواعيد!!
والبيان الذي أصدرته درع السودان ورفضت فيه العقوبات الأوروبية على أبو عاقلة كيكل ، تضمن عدة نقاط تكشف عدم إلمامها بماهية القرارات الدولية ، وجهلها بكيفية الوصول إلى نقطة صياغة القرار، والذي تسبقه تقارير وجمع للأدلة وشهادة افراد.
وجاء في البيان: “نرفض قرار الاتحاد الأوروبي القاضي بفرض عقوبات على القائد كيكل، وذلك لأسباب جوهرية. أولها: انعدام الأساس القانوني والانحياز السياسي، وأن القرار فشل في تقديم أي أدلة موثوقة تثبت الادعاءات الموجهة ضد القائد كيكل أو قواتنا، واعتمد على تقارير إعلامية مضللة صادرة عن جهات موالية للمليشيا”.
ومن المعلوم أن العقوبات الأوروبية حددت الجريمة التي ارتكبتها قوات كيكل وسمّت مجزرة الكنابي، كما أن التقارير التي رُفعت كانت بعد ارتكاب الجرائم مباشرة، أي أن كيكل حينها كان يتبع للدعم السريع، وبالتالي لا يمكن أن تكون التقارير ادعاءات صادرة من الدعم السريع، الذي هو نفسه مدان في هذه الجرائم، وصدرت بحقه عقوبات من جهات أخرى. كما أن كيكل تجاهل إفادات أهالي الضحايا.
وعقب فرض العقوبات الأوروبية، رحب مؤتمر الكنابي بها، وقال إنه يجب أن يُقدَّم إلى محاكمة عادلة، واعتبروا هذه الخطوة تطورًا مهمًا في اتجاه تحقيق العدالة الدولية، وبمثابة اعتراف صريح بحجم المأساة
فأخطر ما يواجهه كيكل هو ما تم تقديمه من إفادات مثبتة وموثقة، بُني عليها اتهام الاتحاد الأوروبي.
وتقول درع السودان إن مهمتها تأمين المدنيين ومكافحة التمرد، وأنه من المؤسف أن تُفسّر هذه الجهود النبيلة كتهديد للاستقرار.
ومن السخرية أن تصف درع السودان الجرائم التي قامت بها في ولاية الجزيرة بالجهود النبيلة!!
كما يرى البيان أن العقوبات صدرت دون إخطار القائد أو تمكينه من الدفاع عن نفسه أو الاطلاع على أية أدلة، مما يُعد خرقًا صريحًا للمادة (6) من لائحة العقوبات الأوروبية، كما تجاهل القرار الخلفيات الأمنية والسياسية وظروف الحرب التي يخوضونها) .
وهنا يخلط كيكل الأوراق فالعقوبات التي فُرضت عليه ليست بسبب خوضه حربًا ضد الدعم السريع، فلو كان هذا هو السبب، لَفُرضت العقوبات على قيادات عسكرية أخرى.
فما صدر من عقوبات ضده هو نتيجة ارتكابه لجرائم ومجازر ضد المدنيين العزل، وهذا يفهمه كيكل، لكنه يحاول استدرار التعاطف عند الرأي العام، بأنه يخوض حربًا ضد الدعم السريع، ويقوم بجهود نبيلة!!
والسؤال: لماذا كلما فُرضت عقوبات على قائد عسكري ميداني، اعتُبر القرار ظلمًا وتجاهلًا لما قامت به الدعم السريع؟!
فالدعم السريع تُدان على كل الجرائم التي ارتكبها في الجزيرة والخرطوم ودارفور، ولكن ذلك لا يُعفي غيرها من العقوبة!! والحرب ضد الدعم السريع لا تسمح بارتكاب جُرائم ضد المواطنين، ولا يشفع القتال في صفوف الجيش، ولا يمنح حصانة من العقاب.
فالحديث العاطفي الذي أصبح يُصبغ به الخطاب السياسي والعسكري وحتى الإعلامي، على شاكلة “نحن ندعم الجيش”، لا يصلح لتبرير الجرائم، ولا لتمرير المصالح السياسية، ولا لكيل الشتائم عبر الإعلام؛ فكلها حيل واستهبال لا يُنفي الحقيقة.
وكيكل، طالما أنه يطالب بإخطاره ومساءلته عن جرائمه، فعليه أن يُقدم النصح للسلطة العسكرية للسماح لبعثة تقصي الحقائق الدولية بالدخول، لمواجهته وغيره.
ويتحدث بيان كيكل عن أن العقوبات ما هي إلا حملة استهداف لرموز النصر الوطني، ومحاولة يائسة لوقف التقدم الميداني لقواتهم، وذلك بإرضاء بعض القوى العميلة والمتواطئة داخليًا وخارجيًا)!!
وهنا تتجلى حالة الضعف التي ترجمها المنطق الهزيل والإفلاس في التعبير؛ فما مصلحة الاتحاد الأوروبي في معاداة كيكل؟!
فالرجل شخصية محلية، ليس لها وزن سياسي ولا حتى عسكري، ناهيك عن المستوى الدولي، حتى يكون ذلك سببًا يدفع الاتحاد الأوروبي للتربص به! فاسمه خارجيًا لا يوجد إلا في قائمة القادة العسكريين من الطرفين الذين قتلوا شعبهم. أما زج خصومه السياسيين، الذين قال إن الاتحاد يسعى لإرضائهم، فهذا جهل سياسي مريع.
فهل يعلم كيكل أن العقوبات الأوروبية أيضًا يراها أهل الضحايا جهودًا نبيلة، وأنها بداية محاسبة!!
وأن كيكل ليس وحده، فربما تطول العقوبات شخصيات غيره؟!
طيف أخير:
#لا_للحرب
مدير الطيران المدني… هل يقبع في سجون السلطة الانقلابية؟!
وما هي الأسباب!!
الجريدة
المصدر: صحيفة الراكوبة