اخبار السودان

جمال زمقان واخوانه تدربوا على الفساد في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم

صديق الزيلعي

صديق الزيلعي

أصبحت أخبار فساد الاسلامويين، منذ ايام بيانات لجنة تفكيك تمكين نظام 30 يونيو 1989، اخبارا عادية، تجدها في النت والصحف الاسفيرية وعند أبناء الدفعة، ووسط الاسر، والاقارب والجيران. لكن الغائب عن الرأي العام، ان ذلك الفساد، تم التخطيط له من قبل عراب التنظيم الترابي، وبدأ تنفيذه قبل الانقلاب على النظام الديمقراطي في1989. سأعرض هنا بعض صفحات ذلك الفساد الممنهج.
شاع في الاخبار مقتل المهندس جمال زمقان وحرسه، في معركة مع قوات الدعم السريع التي هاجمت قصره لاعتقاله. ونشرت بعد مقتله، معلومات ضخمة عن ممتلكاته المتعددة، وشركاته المتنوعة. كما نشر، مرة أخري، ما قام به في جهاز الامن، من تعذيب للمعتقلين، في شراكة مع صديقه، المقرب، منذ أيام الدراسة بكلية الهندسة جامعة الخرطوم، صلاح قوش. وتوقيرا لحرمة الموت، لن اتعرض الا ما يمس الشأن العام، وأبعد عن كل ما هو شخصي أو مسيء، رغم معرفتي بالكثير منه.

قدم الترابي في كتابه عن الحركة الإسلامية التبرير النظري لقضية جمع المال والاثراء، وضرب مثلا بنجاحات الاخوان، المالية والاقتصادية، بعد هجرتهم للسعودية خلال الأيام الاولي لنظام مايو. كما دعا لابتداع المناهج والسبل للنجاح في هذا المضمار، مما سيعطي للحركة الإسلامية نفوذا كبيرا في المجتمع السوداني. وكان من تلك المناهج استغلال أي فرصة، وعدم التورع عن استخدام أساليب الخداع لوصول لما نريد، والتقرب لأبناء زعماء القبائل وتجنيدهم، ومحاولة الاقتران بالزواج ببنات الاسر الغنية. وكما، نعرف، كلام شيخ حسن، وسط الاخوان أقرب للكلام المنزل، وما على الاخوان، الا السمع والطاعة، وتنفيذ ما صدر عنه. وكان من أهم التوجيهات الأخرى استعمال القوة لإرهاب أعداء التنظيم، وقد برع زمقان فيهما معا: المال والعنف.

نجحت قوى التمثيل النسبي في الفوز بقيادة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، في أكتوبر 1979. وكان اول خطوة قمنا بها هي دعوة نقابات أساتذة العمال وعمالها وموظفيها، للحضور كمراقبين لعملية التسليم والتسلم من قيادة الاتحاد السابقة. وكان ذلك القرار، بدعوة نقابات الجامعة، لتجربتنا الطويلة مع خبث ومؤامرات الاخوان. إضافة لذلك معلوماتنا المؤكدة عن وجود فساد كبير في أموال الاتحاد. كان الاتحاد يتلقى ميزانية كبيرة من إدارة الجامعة. ومن المؤسف ان نقول ان إدارات الجامعة العليا، كانت تتهيب الاخوان، لذلك تحاول كسب ودهم، بكافة السبل. وصارت الميزانية السنوية التي تمنح للاتحاد، الضخمة بحق وحقيق، ولا يتم متابعة أوجه صرفها من الادارة، وهل صرفت لصالح الطلاب أم لا؟ المهم رفض قادة دورة الاتحاد، السابقة للتمثيل النسبي، الحضور لجلسة التسليم والتسلم. وعندما أثرنا القضية امام الطلاب، صرح صلاح قوش، وكان يشغل منصب نائب السكرتير في الدورة المنهية، لجريدة آخر لحظة الحائطية، بانه سلم كل محاضر ووثائق واوراق المالية الخاصة بدورتهم المنتهية لصديق الزيلعي. وطبعا هذه واحدة من مئات الأكاذيب التي كانوا ينشرونها، في الجامعة، وبلا حرج.

كانت قيادة الاتحاد تنفق أموال الطلاب في طباعة بعض كتب الترابي. وتكرر دعوات الترابي ويوسف القرضاوي وراشد الغنوشي وغيرهم من قادة التنظيم العالمي للإخوان لتقديم محاضرات عامة، ويتم الصرف البذخي عليهم في فنادق الدرجة الأولى. كما بذلت أموال الطلاب، في سخاء، لتفصيل البدل الفخمة لقادة الاتحاد، وشراء شنط الساموسنايت الفاخرة، والسفر في رحلات مكوكية حول العالم، بأموال الطلاب وبدون علم الطلاب، فمثلا توفي مختار عجول رئيس الاتحاد في ارتيريا، وعلمنا بسفره بعد اعلان وفاته، وقس على ذلك. كما انتزع قادة الاتحاد حجرات عيادة الجامعة الطبية لسكنهم، حيث يتناول وجبات خاصة من خارج الجامعة. وصرفت نثريات مجزية لقادة الاتحاد، ومن حولهم من الاخوان. ولتقديم ادلة قانونية موثقة، اتصلنا بأحد أبرز مكاتب المراجعة القانونية بالخرطوم، وطالبنا إدارة الجامعة بتقديم ما تملك من وثائق صرف من ميزانية الاتحاد للمراجعة، ولكن كما قلت، فالتهرب كان شميتها البارزة.

مرت بنا عشرات القصص التي تكشف أساليب تعامل الاخوان مع أموال الطلاب. فمثلا اكتشفنا، بالصدفة، خلال الدورة، ان الاتحاد يملك دكانا، قرب عمارة الذهب، منحته له الجامعة، من اوقاف البغدادي، ولا توجد أي معلومة عن اين يذهب الايجار. كما كان الاتحاد يملك معظم كافتيريات وبوفيهات الجامعة، التي كانت تقسم بين قادة الاتحاد ويستجلبون من يديرها، أو يقومون بتأجيرها من الباطن. بل ان بعضها كانت يوضح تدني مستوي بعضهم، فمثلا كان أحد أعضاء المجلس الاربعيني من طلاب التربية، يطلب مني في نهاية كل اجتماع للمجلس الاربعيني ان اصدق له، باعتباري سكرتيرا للاتحاد، بقيمة تاكسي من البركس الى كلية التربية، لاكتشف، لاحقا، انه يسكن في عيادة الطلاب على بعد خطوات من مكاتب الاتحاد، وقس على ذلك. وهذه مجرد عينة سريعة، وإذا فتحنا باب العنف والتزوير والكذب والخداع واستغلال احتياجات بعض الطلاب والطالبات، فسيتعجب الكثير من القراء اننا عشنا نظام الاسلامويين قبل انقلابهم في 30 يونيو 1989.

هذا المقال، هو بمثابة مقدمة، لمقالات ستاتي مستقبل، في زمن لاحق، تحاول ان تشرح بالأمثلة ان مشروع الترابي، الذي ينفذ في بلادنا، ما بين 1989 وحتى الآن، تم التدريب عليه من خلال اتحاد طلاب جامعة الخرطوم. وان زمقان وصلاح قوش والجميعابي وعماد حسين والمعتصم عبد الرحيم والمتعافي وكمال عبد اللطيف والزبير وإبراهيم عبد الحفيظ وجبريل إبراهيم وهذه مجرد عينة لمن عاصرناهم في الجامعة، وصاروا من أثرى اثرياء السودان، رغم خلفيتهم الاسرية العادية.

[email protected]

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *