رشا عوض

استشعر ملايين السودانيين أن ذلك الانقلاب نذير شؤم على البلاد وما خاب ظنهم

اليوم تمر الذكرى الرابعة لانقلاب 25 أكتوبر 2021 المشؤوم الذين سموه “إجراءات لتصحيح المسار” بهدف تجنيب البلاد الحرب الأهلية!!

ذلك الانقلاب ولد منبوذا، فخرجت التظاهرات ضده قبل أن يولد من رحم “المؤامرة الكيزانية ضد الثورة”!

استشعر ملايين السودانيين أن ذلك الانقلاب نذير شؤم على البلاد وما خاب ظنهم! فلم يكن الانقلاب تصحيحا لمسار، بل كان إغراقا للبلاد في الدم والأشلاء والكراهية، كان تدميرا شاملا للوطن الذي يحتاج الآن إلى مئات المليارات من الدولارات، حتى يصل إلى الحالة الاقتصادية والأمنية التي كان عليها في 24 أكتوبر 2021..!! ليس نفس الحالة طبعا، فهناك فارق كبير وعظيم أغلى من الأموال والمباني التي هدمت والبنية التحتية التي تحطمت!! هناك عشرات الآلاف من القتلى المدنيين والعسكريين في كل أطراف القتال، نزيف غير مسبوق من الفئة العمرية الشبابية في كل أقاليم السودان! نزيف من حاضر ومستقبل البلاد..!

هذا النزيف لا يقتصر فقط على الشباب الذين قتلوا في الحرب بل يشمل أعدادا تفوقهم من الشباب السوداني الذي فقد الرغبة في العودة إلى السودان حتى لو توقفت الحرب وبات في أجندته هدف واحد:

الهجرة وإن كان ثمنها فقدان الحياة غرقا على السواحل الأوروبية! كما يوجد آلاف المعاقين إعاقات دائمة! والذين سيقضون بقية أعمارهم في ملاحقة التعافي من آثار جروحهم! وهناك موت خارج ساحات القتال يتربص بكل السودانيين وهو الأوبئة والحميات التي تحصد الأرواح بلا رحمة نتيجة لانعدام الأدوية والرعاية الصحية وسوء التغذية!

أما الخسائر المادية الضخمة للمواطنين العاديين، فحدث ولا حرج! فكل من أفنى عمره في سبيل سترة حاله وجد نفسه بين عشية وضحاها لا يملك قوت يومه!

أضف إلى كل ذلك الفرص الاقتصادية والتنموية الضائعة على السودان كدولة لو نجح الانتقال المدني الديمقراطي!

كل هذه الأثمان الباهظة في مسابقة دنيئة نحو مقاعد السلطة بواسطة السلاح!

المعاتيه الذين يحلمون بالحكم العسكري لم يجتهدوا في استيفاء أهم شرط من شروط الحكم العسكري الناجح في القمع والفساد، أي شرط احتكار السلاح بواسطة جيش واحد خاضع لسلطة قائد واحد! هؤلاء المعاتيه جعلوا البلاد زاخرة بالمليشيات، والجيش الرسمي نفسه حولوه إلى حزب سياسي بتيارات متنافسة، ويدين ضباطه بالولاء لقادة سياسيين غير قائد جيشهم كنتيجة طبيعية للتسييس الكيزاني!

الإصرار على حيازة السلطة السياسية بالسلاح في ظل هذا الواقع هو وصفة نموذجية لاندلاع حرب تدمر الوطن وتشرد مواطنيه! ورغم علم هؤلاء المعاتيه بذلك لم يترددوا في جرجرة البلاد إلى حرب؛ لأنهم ببساطة غير وطنيين وغير إنسانيين ومعاناة البشر لا تحرك لهم ساكنا!

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.