المصادر المحلية قالت إن الحادثة كشفت حجم المخاطر المرتبطة باستنفار الأطفال وتركهم وسط تشكيلات مسلحة تضم بالغين يتعاطون الخمر والمخدرات، وهو ما اعتبره ناشطون انتهاكًا صارخًا لحقوق الطفل ومؤشرًا خطيرًا على تدهور المسؤولية الأمنية والأخلاقية في المدينة..

التغيير: الحصاحيصا

أثارت جريمة اغتصاب بشعة لطفل يبلغ من العمر 15 عامًا، قالت مصادر محلية إنه يتبع  لقوات درع السودان كمستنفر، غضبًا واسعًا في مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة.

وذكرت المصادر أن الحادثة وقعت داخل مبنى حزب المؤتمر الوطني المحلول الذي استولت عليه قوات درع السودان وأصبح مقرًا لأنشطتهم، وهو المبنى الذي تعرض سابقًا لقصف جوي، ويقع بجوار مبنى قوات الدفاع الشعبي وبيت المعتمد ومصنع الصداقة.

وبحسب المصادر ذاتها، فقد وقع الاعتداء الجماعي داخل الدار التي اتخذها أفراد هذه القوات مكانًا للسُكر المتواصل، وبحضور أطفال مستنفرين.

وتدّعي المنشورات المتداولة على مواقع التواصل أن المعتدين كانوا في حالة سُكر، وأن الجريمة ارتكبت في هذه الأجواء، فيما ذكرت مصادر محلية للتغيير أن المتهمين قد قُبِض عليهم، لكنهم لا يتواجدون داخل قسم الشرطة في الحصاحيصا، ما أثار تساؤلات حول مصيرهم واحتمال وجود ترتيبات لإبعادهم عن السجون المعروفة.

ولم تصدر أي بيانات رسمية من شرطة الحصاحيصا أو النيابة العامة أو قوات درع السودان نفسها تأكيدًا أو نفيًا للوقائع، ما يزيد حالة الغموض والتوتر الشعبي.

وتؤكد المصادر المحلية أن الحادثة كشفت حجم المخاطر المرتبطة باستنفار الأطفال وتركهم وسط تشكيلات مسلحة تضم بالغين يتعاطون الخمر والمخدرات، وهو ما اعتبره ناشطون انتهاكًا صارخًا لحقوق الطفل ومؤشرًا خطيرًا على تدهور المسؤولية الأمنية والأخلاقية في المدينة.

من الناحية القانونية، اعتبر مصدر قانوني أن ما حدث هو جريمة اغتصاب قاصر وهي جناية كبرى تستوجب فتح تحقيق جنائي فوري ومحاكمة عادلة للمتورطين.

وأشار في حديث لـ «التغيير» إلى أن أي متهم مرتبط بتنظيم مسلح يجب فصله أولًا عن هذا التنظيم تمهيدًا لمحاكمته أمام القضاء المدني، حتى لو كان التنظيم غير رسمي. وأضاف: هذا الشرط يكتسب أهمية خاصة في ظل الاتهامات المتداولة بإبعاد المتهمين عن السجون المعروفة وإحداث تفاوت في إجراءات المساءلة.

واقع أمني قاس

وتثير الحادثة تساؤلات أوسع عن واقع الأمن في الحصاحيصا، حيث يشكو السكان من انفلات أمني يتجلى في جرائم سرقات ليلية ونهب وابتزاز المارة عند الحواجز من قبل عناصر مستنفرين يتخذون من عمليات التأمين ذريعة للتصرفات الإجرامية. ويتساءل المواطنون كيف سيتم محاسبة هؤلاء الأفراد، وما هي آليات حماية المدنيين والأطفال، خصوصًا في ظل انشغال المؤسسات الرسمية وعدم وجود رقابة فعالة.

ورأى مواطنو الحصاحيصا في صفحاتهم الاجتماعية على مواقع التواصل أن الطابع السياسي والمجتمعي للحدث يجب أن يلفت نظر المسؤولين لأبعادً أوسع تتعلق بتجنيد الأطفال، وانتشار التشكيلات شبه العسكرية، وضعف المساءلة القانونية. وطالب المواطنون بتحقيق شفاف وسريع من قبل الجهات المختصة، لحماية الضحية وتقديم مرتكبي الجريمة إلى العدالة، ووضع ضوابط لمنع استغلال وتهجير الأطفال إلى أطر عسكرية غير مسؤولة.

واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”. أسفرت المواجهات عن مقتل آلاف الأشخاص وتشريد ملايين داخليًا وخارجيًا، وانتشار العنف في الخرطوم ودارفور وكردفان والنيل الأزرق.

وأدى تعدد الجيوش وانقسام السلطة العسكرية إلى إضعاف سلطة الدولة وتعطيل الخدمات الأساسية وتهديد المدنيين، بما في ذلك صعوبة استخراج الوثائق المدنية وتأمين المرافق العامة.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.