اماني عبد الرحمن بشير
لم تعد الكلمات تكفي. لم تعد الأقلام تسعفنا ونحن نكتب عن الفاشر، المدينة التي دخلت عامها الثالث تحت حصار خانق، وسط صمت دولي مخزٍ وتواطؤ إقليمي فاضح. ملايين من النازحين، معظمهم نساء وأطفال، يعيشون الموت البطيء في معسكرات أشبه بالمقابر المفتوحة. لا غذاء، لا دواء، لا إنسانية. فقط الجوع والمرض والخوف.
في مشهد يلخص وحشية هذه الحرب، أقدمت ميليشيا الدعم السريع يوم أمس على حرق عربات الإغاثة التي كانت محتجزة بمدينة الكومة. هذه العربات كانت تحمل الغذاء والدواء لأهالي الفاشر، لكنها لم تصل. تم حجزها، ثم أُحرقت بدم بارد. ولم تكتفِ الميليشيا بالجريمة، بل نشرت إشاعات مغرضة تدّعي أن القوافل “ضُربت بمسيّرات تابعة للجيش السوداني”، في محاولة مفضوحة لتضليل الرأي العام وتغطية جريمتها.
إن ما تقوم به قوات الدعم السريع في الفاشر وما حولها، جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان (Genocide). حصار المدنيين، قطع المساعدات، التجويع المتعمد، استهداف القوافل، حرق مخازن الغذاء، منع الدواء … كل ذلك يدخل ضمن تعريف القانون الدولي للإبادة الجماعية وجرائم الحرب.
القتل هنا ليس بالسلاح فقط، بل بمنع الدواء عن المريض، وحجب الغذاء عن الجائع، ودفن الأمل في قلوب الأمهات .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة