اخبار السودان

ثورة شباب السودان المتجددة من أجل حرية حقيقية وديمقراطية وطنية

زهير عثمان حمد

زهير عثمان حمد

الموجة الثانية من الثورة السودانية : بين الأصالة والحداثة في السودان ، تجددت الثورة بحيوية مفاجئة رغم محاولات القوى الإقليمية والدولية لفرض أجندات عبر “القوة اللطيفة” التي سعت للتأثير على المجتمع المدني بطرق غير مباشرة ، إلا أن هذه الخطة لم تؤت ثمارها. فعوضًا عن نجاح التدخلات الأجنبية في زراعة جذور تؤثر على المشهد الوطني بعمق ، أعادت الثورة السودانية تجديد ذاتها عبر موجة جديدة وقوية. ورغم التحديات والانقلابات ، تؤكد الموجة الثانية أن القيم الشعبية الساعية إلى الحرية ، والديمقراطية ، والكرامة باتت تتلاقى بشكل غير مسبوق مع قيم الأصالة ، في توليفة فرضتها “الظرفية التاريخية”، وتزداد نضجاً بالتزامن مع المعركة ضد القوى التي تحاول فرض التبعية.
التوقيت والفرصة التاريخية
لقد جاء هذا التوقيت ليشكل محطة فارقة ؛ فمع اقتراب نهاية الصراع الحالي ، تتسارع وتيرة الحركة الثورية نحو التحرر الكامل من سيطرة النخبة التي خدمت الأجندات الخارجية ، والتي لم تحقق سوى إعادة السودان إلى دائرة الصراع والاعتماد. الموجة الثانية من الثورة السودانية جاءت لتعبر عن استكمال المشروع الوطني السوداني ، الذي انطلق من إرادة شعبية خالصة أفرزت شباباً صامداً ، كوادر “لجان المقاومة”، وقيادات جديدة تحمل راية التحرر الوطني.
التلاحم بين الأصالة والحداثة
يأتي التحدي الأكبر لهذه الموجة في تحقيق التوازن بين قيم الأصالة من ناحية ، وبين قيم الحداثة مثل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية من ناحية أخرى. الإسلاميون هنا ، كما تظهر الوقائع ، يجدون أنفسهم في وضع غير مألوف ؛ فقد تحولوا ليصبحوا المدافعين عن الحريات والديمقراطية في ظل التخبط الذي أصاب النخب الليبرالية المتحالفة مع القوى الانقلابية. وبرغم المفارقة التاريخية ، فإن هذا الموقف يدعم شرعية مطالبهم لدى الكثيرين ممن يرفضون الانقلابات كوسيلة للتغيير السياسي ، ويؤمنون بأن الحريات يجب أن تتحقق عبر إرادة الشعب وأصواته لا عبر القوة العسكرية.
الدماء والتضحيات كوقود للمسيرة
على مدى سنوات ، قدمت الثورة السودانية تضحيات كبيرة ، خاصة من شباب لجان المقاومة الذين سقطوا شهداءً ، وملأوا شوارع المدن بصمودهم ، وأكدوا بمواقفهم وإرادتهم الصلبة أن السودان ليس مجرد ساحة للمصالح الإقليمية والدولية. ومع اقتراب اللحظة الحاسمة ، يتعاظم الأمل بأن تخرج جحافل الثوار ليعيدوا تعريف الحرية ويثأروا للشهداء الذين سقطوا خلال فترة الانقلاب وما بعدها. هذه التضحيات لا تُنسى ؛ فهي شاهد حي على أن قيم الأمة الأصيلة الكرامة والعدالة والقيم الحديثة الديمقراطية والحرية ليست متعارضة ، بل متكاملة.
قراءة جديدة للديمقراطية والإرادة الشعبية
إن هذه الموجة تؤكد أن الديمقراطية ليست مجرد نسخ للنماذج الغربية ، بل هي تمثيل حقيقي للإرادة الشعبية وقيم الأمة. السودان ، كجزء من العالم الافريقي ، يواجه ظروفاً فريدة تتطلب حلولاً محلية تتماشى مع قيمه الثقافية والتاريخية. ويبدو أن الديمقراطية الحقيقية التي تدافع عنها الثورة السودانية هي تلك التي تعبر عن الكرامة والمناعة الوطنية ، وتسعى لإنهاء التبعية الخارجية ، على عكس الديمقراطية المستوردة التي روجت لها بعض القوى الخارجية عبر وسائل ناعمة لضمان مصالحها.
آفاق الثورة وأمل المستقبل
الموجة الثانية من الثورة السودانية توحي بأن ثورات السودان لم تنتهِ ، بل تعيد تعريف ذاتها وتثبت جذورها بعمق في واقع الشعوب. الشعب السوداني ، بوعيه العميق وإرادته التي تعززت من خلال تجربته مع محاولات التدخل ، اختار قيادة تعبر عن طموحاته الوطنية وتسعى إلى استقلاله الكامل. هذه القيادة الشعبية لا تستسلم للتأثيرات الخارجية ، بل تؤمن بأن التحديث وتحقيق مطالب الحرية والكرامة لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال إرادة الشعب ذاته ، بعيداً عن أي محاولات لفرض حلول جاهزة من الخارج.
في النهاية ، يظل الطريق أمام الثورة السودانية صعبًا ، لكن التاريخ يظهر أن الإرادة الشعبية قادرة على تحقيق المستحيل.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *