ثمار الحرب.. من سيقطفها
نزار مكي
لم تشتعل الحرب إلا لمطامع سلطوية فرقت بين من ارتكبوا جريمة انقلاب اكتوبر 2021 ، ذلك الانقلاب الذي اتفقت اطرافه علي انهاء مسار التحول كهدف مشترك ثم وجدوا انفسهم لاحقا في مواجهة فرضتها الاهداف الخاصة بكل فصيل و عمقتها مخاوف كل طرف من تربص الآخر به و أدت المقاومة و الرفض للانقلاب منذ فجر يومه الاول الي تعميق تلك الخلافات والي تصدع حلف من خططوا ودبروا ونفذوا بعد ان اصطدم بجدار الرفض الشعبي وفشل الانقلاب في اكمال مهامه وتحقيق اطماع المتحالفين علي وأد مسار التحول فأقبلوا علي بعضهم يتلاومون ثم تبادلوا الاتهامات لينتهي بهم الامر الي حرب يصفها كل طرف زورا بما يشاء ويلصق بها الشعارات مستجديا شرعية لجريمته التي دمرت البلاد وهجرت قتلت وافقرت وأذلت العباد . من الطبيعي ان يؤدي طول أمد الحرب الي ارهاق اطرافها وإن يؤدي ذلك الارهاق الي إخراج أسوأ ما في اطرافها الي العلن فيصعب إخفاء اهداف وطبيعة اطرافها ولا يجدي ما تدثرت به وكما تصدع حلف انقلاب اكتوبر ها نحن الان نشهد التصدعات والانقسامات الداخلية في كل طرف ويخرج الي العلن كل يوم ما يثبت انها حرب بقايا الانقاذ ومخلفاتها النتنة . وفي ذات الوقت ينشط من يبحث عن ضالته بين الركام . الحقيقة انه لا يوجد طرف يملك القدرة علي الاستمرار في حرب الي ما لا نهاية مهما امتلك من القدرات والمهارات عسكريا وسياسيا واعلاميا فالنهاية حتمية والخسائر ايضا حيث لن يخرج طرف بكامل قوته ولكن طول أمد الحرب ادخل فاعلين جدد استقوي بهم كل طرف وهؤلاء ايضا لهم اجنداتهم الخاصة التي ستكون حاضرة بقوة في النهاية ما يعيدنا الي وضع مشابه لحالة التصدع التي انتهي اليها انقلاب 25 اكتوبر مع تعقيدات اكبر نتيجة تعدد الفاعلين في الحرب من الداخل ومن الخارج ما يزيد من تعقيدات الوصول الي الحل والذي كلما تأخر كلما ازدادت تلك التعقيدات ونشبت حروبات ومعارك جانبية . المتغيرات علي الأرض لا تنبئ بتفوق يقترب الي الحسم لصالح أي طرف بينما تشهد الاسافير الكثير من الانتصارات في تنافس محموم يهدف الي تغبيش الوعي و التضليل وصولا الي تشكيل حالة من الاستعداد لتقبل ما سيأتي من سيناريوهات سواء علي مستوي عملية انهاء الحرب او علي مستوي ما سيعقبها من ترتيبات ووضع سياسي . حملة التخوين و الرمي بتهم العمالة وموالاة الدعم السريع للقوي المدنية وكل من يتخذ موقفا رافضا للحرب من اساسها ليست مجرد فورة حماس او ردات فعل علي جرائم مليشيا الجنجويد بل هي مخطط يرسم طريق العودة الي ظلمات الانقاذ مع استغلال الحرب ذريعة لتصفية كل الخصوم المدنيين واقتلاع جذور الثورة حتي لا تولد فكرة تغيير من جديد و يُصادر المستقبل مرة أخري . الدعم السريع وبعد ان (شفشف) ما وجده من شعارات محاولا تغيير بعضا من تاريخه المثقل بخدمات الانقاذ ، بعد كل ذلك بقي كما هو مجرد بندقية مصوبة الي صدور المواطنين وقوة باطشة جاهلة اقصي جهد مستشاريه عندما يخرجون في القنوات هو محاولة التأكيد باستمرار ان جرائم الجيش اكثر وافدح من جرائم مليشيتهم واستدعاء. مظلوميات كان الدعم السريع ذراعا لصانعيها وكان شريكا للجيش في ارتكابها .اقصفوا حواضننا ونقصف حواضنكم معادلة دموية حمقاء يطبقها طرفا الحرب فيسقط المواطنون العزل ضحايها باعداد تفوق اعداد من يسقطون من حملة السلاح وكما اتفقا سابقا علي قطع طريق التحول الديمقراطي وصوبا اسلحتهما الي صدور الرافضين لانقلاب اكتوبر ها هما الآن يرتكبان الجرم مرة أخري وبطريقة اشد فداحة وفتكا و تدميرا . طموحات الجيش المؤدلج هي العودة الي نسخة جديدة من الانقاذ وطموحات الدعم السريع هي الحفاظ علي الامبراطورية العسكرية والمالية محمية بنفوذ سياسي وكلما طال أمد الحرب كلما تبخرت. تلك الطموحات فالعقل السياسي للجيش قد اصابه التشرذم بعد ان ضربت خلافات النفوذ الانقاذيين والدعم السريع اصابت جرائمه ببشاعتها ورعونتها طموحه السياسي في مقتل فحصد الادانات و الرفض داخليا وخارجيا . ويصل داء الضعف السياسي الي تقدم التي ستعاني تبعات انفجار لغم مقترح تشكيل حكومة الذي قدمته الجبهة الثورية ورفضته بقية المكونات واذا لم يتم تدارك ذلك فالنتيجة ستكون انقسام تقدم …أي حكومة وفي أي أرض تلك التي فكر فيها أصحاب المقترح واي خدمات سيقدمونها للمواطنين وكيف واي اعتراف سيحصلون عليه ؟ …هذا المقترح ليس اكثر من لغم ذرع بخبث و تلقفه بغباء الطامحون الي كراسي سلطة . كثر المتنافسون علي الثمرة تعميهم شهوات المصالح الضيقة من السلطة والمال ولكن لن ينالها احدهم كما يتوقع .
المصدر: صحيفة الراكوبة