اخبار السودان

“توظيف سياسي”.. سيناريوهات وراء تمسك أردوغان بدستور تركي جديد‎

ذهب خبراء إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يهدف من سعيه لسن دستور جديد إلى الترشح لولاية أخرى، رغم نفيه أي دوافع ذاتية من وراء ذلك.

وقال خبراء في الشأن التركي في تصريحات لـ”إرم نيوز”، إن نوايا أردوغان يجب أن تفصل عن رغباته، مؤكدين أن في صدارة السيناريوهات الخاصة بتأكيده على ضرورة سن دستور جديد هو الترشح لولاية أخرى في ظل عدم سماح الدستور الحالي الذي يحدد مدة معينة لذلك، رافضين ربط العملية السياسية الخاصة بدمج حقوق “الأكراد” على أثر التفاهم مع حزب العمال الكردستاني بذلك، وهو ما يحدث بسهولة بإضافة ملحق بالدستور الحالي.

وذهبت السيناريوهات إلى أن حاجة أردوغان لدستور جديد قد تكون مرتبطة بتجهيز عملية سياسية لأحد أبنائه بجانب استمرار وجود يديه في السلطة عبر أحد معاونيه وبالتحديد وزير الخارجية هاكان فيدان ذي الأصول الكردية.

وكان أردوغان قد شدد مؤخرا على عدم نيته في الترشح للانتخابات مجددا، وذلك في رده على ما وجه من المعارضة ببلاده حول سعيه إلى إقرار دستور جديد يضمن له الترشح لولاية رئاسية جديدة.

توظيف سياسي

وترى الأكاديمية والباحثة في الشؤون التركية والدولية، الدكتورة هدى رزق، أن أردوغان يحاول استغلال واقعة إعلان حزب العمال الكردستاني إلقاء السلاح وحل نفسه والتفاهم الذي جرى بين رئيس الحركة القومية دولت بهجلي والزعيم الكردي عبدالله أوجلان في هذا الإطار، وانعكاسات ذلك على الواقع السياسي في تركيا.

وأوضحت رزق في تصريح لـ”إرم نيوز”، أن هذه الانعكاسات تستغل بربط الاعتراف بحقوق الأكراد في تركيا بالدستور، بالحديث عن سن دستور جديد، في حين أن الأمر يمكن تداركه إذا كان متعلقا بما يضاف ضمن الاتفاق بحقوق الكرد، بأن يدرج ذلك كملحق في الدستور الحالي دون تغيير أو تعديل بالدستور ذاته.

وبينت رزق أن تعديل الدستور أو سن آخر جديد أمر يراود أردوغان منذ فترة، واضعا ذلك تحت شعار “إرساء الديمقراطية”، ولكن الهدف الحقيقي هو التعامل مع الدستور الحالي الذي يمنع الرئيس من التجديد أكثر من ولايتين، ولكن مع تعديل الدستور أو المجيء بجديد، يصبح أردوغان من الناحية القانونية أمام تعامل مختلف بالأحقية في الفوز بولايتين جديدتين، لأن ما كان يقيده سيكون وقتئذ سقط مع الدستور القديم، وهو ما جرى قبل ذلك في دستور 2014 ليتولى الرئاسة في 2018 فترتين متتاليتين، وإذا تم تعديل الدستور أو وضع آخر جديد، يحق له خوض الانتخابات على ولاية رئاسية جديدة عكس ما هو الآن بالدستور الحالي.

وذكرت رزق أن أردوغان يريد أن يستغل التفاهم الذي جرى مع الأكراد ويوظف عبارة “تركيا بلا إرهاب” لمصلحته السياسية ليظهر على أنه الرئيس الوحيد الذي استطاع إنهاء الصراع بين الأتراك والأكراد، وذلك في وقت يرى فيه إمكانية الذهاب بالأمر إلى تصويت حزب الشعوب الديمقراطي أي الأكراد له، بعد أن كانوا يصوتون قبل ذلك لحزب الشعب الجمهوري “المعارضة” التي وجه لها الضربة القاضية بسجن رئيس بلدية إسطنبول السابق أكرم إمام أوغلو، الذي بحسب تقديرات يعتبر الوحيد القادر على إسقاط أردوغان في الانتخابات.

وتابعت رزق أن الدستور الجديد واستغلاله هو والصلح مع الأكراد يفتح لـ”أردوغان” الطريق قانونيا وسياسيا لفترة رئاسية رابعة، وحتى إن كان يزعم عدم الترشح من جديد فهو يعني الترشح حتى لو قال عكس ذلك، أو يكون بصدد تجهيز عملية سياسية لأحد أبنائه بجانب أن يكون لتعديل الدستور استمرار وجود يديه في السلطة عبر أحد معاونيه وبالتحديد وزير الخارجية هاكان فيدان ذي الأصول الكردية.

نوايا أردوغان

ويقول الباحث السياسي المختص في الشأن التركي محمود علوش، ليست النية التي أعلنها أردوغان بعدم الرغبة في ترشحه لولاية رئاسية جديدة هي الحاسمة في هذه المسألة، موضحا أن هذه المرة ليست الأولى التي يتحدث فيها الرئيس التركي عن عدم الرغبة في الترشح مجددا أو أن هذه الولاية هي الأخيرة.

ويعتقد علوش عبر حديثه لـ”إرم نيوز”، أن البيئة السياسية الداخلية في تركيا أصبحت مساعدة أو داعمة بقدر أكبر للرئيس أردوغان من أجل المضي قدما في تعديل الدستور في ظل ما لديه من هدف ضروري بالتحول إلى دستور مدني في ظل اعتباره أن ذلك سيتوج مسيرته السياسية في الإدارة التركية.

وبحسب علوش، فإنه حتى الآن لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأن هناك شخصية أخرى من الممكن أن تكون بديلة لـ”أردوغان” عن حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية المقبلة وعلى الأقل لم تظهر حتى الآن مؤشرات حول ذلك.

وأردف علوش، أن تصريح الرئيس أردوغان يفتح المجال أمام سيناريوهات واحتمالات جديدة فيما يتعلق بالمنافسة الرئاسية المقبلة لاسيما أن هناك تطورين مهمين، الأول يتعلق بحديثه عن عدم الرغبة في الترشح والثاني خروج رئيس بلدية إسطنبول السابق أكرم إمام أوغلو، المعتقل الآن، من المعادلة السياسية الداخلية في تركيا.

وأضاف علوش، أنه على الرغم من عدم استطاعة الجزم ما إذا كان إعلان أردوغان الحاجة إلى دستور مدني جديد هو الاتجاه داخل حزب العدالة والتنمية، لكن بالتأكيد فإن الأمر يفتح الباب أمام إعادة تشكيل واسعة النطاق للسياسة الداخلية في تركيا خلال الفترة المقبلة.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *