اخبار السودان

تورط جماعة الكيزان في التصفيات الجسدية وإخفاق حكومة الثورة في محاكمتهم

حسن عبد الرضي الشيخ

 

شهد السودان على مدى العقود الماضية سلسلة من الاغتيالات السياسية والتصفيات الجسدية، التي كان لجماعة الحركة الإسلامية (الكيزان) اليد الطولى فيها، حيث استخدمت العنف كأداة لتصفية الخصوم، سواء عبر السم أو الاغتيالات المباشرة أو تدبير الحوادث المشبوهة.

 

تحية وتقدير منصة منبر شات : وشكراً لكشف المستور

 

في الآونة الأخيرة، تناول قروب “منبرشات” على وسائل التواصل الاجتماعي تفاصيل هذه الاغتيالات، مسلطًا الضوء على جرائم الكيزان وأدوارهم الخفية في المشهد السوداني. ومع استمرار تسليط الضوء على هذه القضايا، يبقى السؤال: هل سيحاسب القتلة يومًا ما، أم أن العدالة ستظل مؤجلة؟ .

 

ثقافة الاغتيالات : من السم إلى القذائف

 

واحدة من أشهر حالات الاغتيال السياسي كانت تصفية الدكتور خليل إبراهيم، زعيم حركة العدل والمساواة، والذي لم تقتله قذيفة الطيران وحدها، بل كان قد تجرّع السم قبلها على دفعات، مما أثر على صحته ودفعه إلى البقاء في موقعه، رغم تحذيرات مساعده سليمان صندل من طلعات الطيران المتكررة فوق رؤوسهم. ولم يكن شقيقه، جبريل إبراهيم، بمنأى عن هذه المحاولات، حيث فشلت محاولة لتسميمه في دولة مجاورة قبل عام من اغتيال خليل.

 

محاولات تصفية الخصوم : من النميري إلى الصادق المهدي

 

لم تكن هذه الجرائم سلوكًا جديدًا على الجماعة، فقد سبق لهم التخطيط لاغتيال الرئيس الأسبق جعفر نميري عند عودته إلى السودان عام ١٩٨٥م، لكن سقوط نظامه حال دون تنفيذ المخطط. وبعد ذلك بثلاث سنوات، كان أحد نواب الجبهة الإسلامية في البرلمان يحمل مسدسًا في حقيبته، مستعدًا لتنفيذ أمر باغتيال رئيس الوزراء آنذاك، الصادق المهدي، إذا أصرّ على طرح مشروع إلغاء قوانين سبتمبر. إلا أن الصادق المهدي تراجع في اللحظة الأخيرة، ربما بسبب تحذير ما، مما أدى إلى إفشال المخطط.

 

وحين نفذ الكيزان انقلابهم في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م، كان الصادق المهدي هدفًا مباشرًا لهم. قاد الطبيب أحمد قاسم فريق الاعتقال، لكن الصادق أفلت من قبضتهم، ثم مات الطبيب في ظروف غامضة عند مدخل كبري أم درمان، وسط روايات متضاربة حول ما إذا كان ضحية تصفية داخلية أم خطأ في تغيير كلمة السر.

 

تصفية الشهود بعد فشل محاولة اغتيال مبارك

 

أحد أبرز الملفات التي أحرجت النظام الإسلامي في السودان كان تورطه في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا عام ١٩٩٥م. وكما أشار الشيخ حسن الترابي في شهادته لقناة عربية، فإن قيادات نافذة في حكومة البشير كانت ضالعة في العملية. وبعد فشلها، بدأت سلسلة من التصفيات استهدفت المنفذين، ثم فريق المعاونة، ولم ينجُ حتى أعضاء لجنة التحقيق الذين اطلعوا على تفاصيل العملية.

 

إخفاق حكومة الثورة في محاكمة الكيزان والقضاء على فتنتهم

 

بعد سقوط نظام البشير في ٢٠١٩م، كان من المفترض أن تفتح حكومة الثورة ملفات هذه الجرائم وتحاكم المسؤولين عنها. لكن التردد، والصفقات السياسية، والضغوط الداخلية والخارجية حالت دون ذلك، مما منح عناصر الحركة الإسلامية الفرصة لإعادة ترتيب صفوفهم. وعلى عكس ما فعله الجيش السوري مع فلول المعارضة، حيث واجههم بحسم منذ البداية، فإن حكومة الثورة تركت الكيزان يتحركون بحرية، مما سمح لهم بالعودة إلى المشهد السياسي والعسكري عبر التحالفات والتخريب الممنهج.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *