تقدُّم في مواجهة التخلّف السودانية , اخبار السودان
تقدُّم في مواجهة التخلّف
خالد فضل
يبدو أن أقدار دعاة التقدم والديمقراطية والحرية والسلام والعدالة من السودانيين/ات؛ تضعهم دوما في فوهة مدافع وصواريخ وراجمات دعاة التخلف والديكتاتورية والاستبداد والحروب والمظالم من مواطنيهم (مجازا) فالأخيرون لا يحفلون أبدا بسبط حقوق أو رابطة مواطنة!! وهذا هو محك الصراع وبؤرته الملتهبة، بسلاحين جد مختلفين، سلاح الوعي والحرية والسلمية والحجة والرأي والفكر لدى دعاة الديمقراطية وسلاح العنف والحرب والترويع والتخويف والمكارثية والتخوين وإثارة الكراهية ونشر الأكاذيب والتضليل وتعمية الوعي وتغبيش الوقائع وهي الأسلحة المعتمدة لدى دعاة التخلف وناشريه، بتسميم الفضاء الإنساني وتعميق الجراح الملتهبة وفتح القروح القديمة. كما أنّ القدر الشخصي للدكتور عبد الله حمدوك قد وضعه على رأس المسؤولية الوطنية في فترة من أشد فترات التاريخ السوداني مفصلية منذ تكوين الدولة السودانية قبل قرنين من الزمان، فهو من رأس السلطة التنفيذية المدنية لفترة انتقالية بعد ثلاثين عاما من تسلط عصابة الإسلام السياسي، وقد عصفت عوامل التخلف وأدواته بتلك الفترة الانتقالية قبل اكمال المشوار، مثلما يتصدى اليوم لرئاسة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وفي مواجهة ذات عوامل التخلف وأدواته، بل في سبيل التصدي لهوجاء الحرب المستعرة بعبثية مفرطة، وجهالة جهلاء، وأذكر أن سيدة مثقفة من قريباتي كانت قد اتصلت عليّ هاتفيا من خارج السودان، وبلغة نسائية تقليدية قالت لي: أجيي دا شنو ودي حرب شنو والله الجماعة ديل خجلونا!! كانت تشير الى ما يصاحب هذه الحرب من رعونة لدرجة خروج المشافي وسيارات الإسعاف من الخدمة في العاصمة والمدن الأخرى.
إذا (تقدم) تخوض في غمار بحر لجي، أمواجه عاتية، تشوبها كل نوازع ونقائص البشر من تشف وانتقام وأنانية وحب للذات وشره للتسلط والاستبداد بالأمر كله ثروة وسلطة أرضا وبشرا ودون ذلك وأد كل مظاهر الحياة للشعب، والدعوات المسعورة لاستمرار الحرب دون اكتراث بمصائر الناس يمثل اوضح دليل على فظاعة ووحشية بعض بني البشر من فصيلة السودانيين، فالجهل في تقديري ليس هو الأمية الأبجدية؛ هذه أمرها هيّن ويمكن فكها في فصول محو الأمية، إنّ قمة الجهل هي بناء تصوّر وهمي يحقق الرغبة الذاتية وإلباسه ثوب الحقيقة التي لا جدال حولها ومن ثم التبتل في محراب ذلك الوهم باعتباره الحقيقة المطلقة وما سواها باطل، إنّه الذهول عن حقائق الواقع ومجافاة الخبرة وإعادة التجربة مرات ومرات دون تعديل في أي جزء منها ومع ذلك توقع الحصول على نتائج مغايرة للنتيجة الأولى.
أوضح مثال على ذلك ما يجري الآن في السودان، الحرب التي تدور منذ ما يقارب العام، يصر قادة الجيش برئاسة الفريق البرهان على استمرار الحرب وعدم التوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار مع قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، والأخير كان قد وافق على ابرام اتفاق لوقف اطلاق النار دون شروط استجابة لدعوة (تقدم) ولقائه بقيادتها في أديس، وهو موقف يحسب لصالحه على كل حال، فقوات الدعم السريع منتشرة في عشر ولايات تقريبا وتتحكم فيها دون أن تحكمها طبعا، ومع ذلك يقول البرهان إنه سيواصل الحرب، ويعمل على تأليب القبائل والمناطق وتسليح المدنيين ليكونوا مليشيات تقاتل قتال الجيش، وهذه تجربة قديمة مكررة برع فيها الحكم الإنقاذي أيما براعة ومن ثمارها المرة (الجنجويد) وقوات الدعم السريع نفسها، فالأمر إعادة للتجربة بذات المعطيات فهل من راشد يتوقع الحصول على نتائج مغايرة، وحدهم الجهلاء من يتوقعون ذلك!! ثم ها هو حاكم ولاية نهر النيل يصدر فرماناته في محاولة بائسة لإلغاء الثورة المجيدة وإعادة عقارب الساعة لتوقيت العهد المباد، لجان المقاومة لم تتشكل بقرار إداري حتى يحلها حاكم لكنه الجهل المركب والتخبط.
قلنا إن قدر تقدم وكل قوى الثورة هو مواجهة لوثة التخلف والجهل، وفي سبيل ذلك لابد من عمل دؤوب وصبر جميل، وإذا كانت الخطوات قد نجحت مع قائد الدعم السريع، وهناك استجابة معقولة من قيادة الحركة الشعبية/ شمال قيادة الحلو، فإنّ الأمل معقود في استجابة مماثلة من الرفيق عبد الواحد ومن الحزب الشيوعي وحزب البعث ومن لجان المقاومة وكل التشكيلات الثورية الأخرى، فالهدف موحد هو بناء سودان التقدم والسلام والحرية والعدالة ومحاصرة جيوب وعوامل وعناصر الجهل والتخلف وإعادة تربيتها على قيم ومبادئ حقوق الإنسان، ووقف الحرب خطوة لازمة لبدء العمل من جديد في بناء وطن يسع الجميع.
المصدر: صحيفة التغيير