تقدم … والانفتاح على الداخل
إبراهيم عمر
ذكرت مصادر علمية داخل «تقدم» ان حراكا سياسيا وتنظيميا انطلق بالداخل لتكوين التنسيقيات الخاصة بالولايات والتي من أبرز مهامها اختيار ممثلي القوي السياسية والمدنية المشاركة في مؤتمر تنسيقيات القوى الديمقراطية والمدنية «تقدم» المزمع عقده باديس ابابا خلال الفترة المقبلة.
وعلى الرغم من تأخر هذه الخطوة كثيرا في ظل تعقيدات الحرب وما خلفته على الصعيد الاجتماعي من نزوح وتشريد في الداخل والخارج لكافة أطياف الشعب لا سيما شريحة الشباب التى كانت معول التغيير في الثورة السودانية ، مما أفقر المشهد الداخلي تنظيميا وعمليا، قياسا على الجهود المبذولة خارجيا من قبل القيادة المرحلية (لتقدم).
لذا فإن العودة لترتيب الصفوف وبناء الكيان المدني الديمقراطي أمر في غاية الأهمية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن ، وهو ما لا يختلف عليه اثنان ، ولكن تظل هنالك عقبات أساسية من أجل استكمال ترتيبات التنظيم المدني الديمقراطي ، و التى تتطلب التجرد من كل شئ يضر بمستقبل بناء الوطن ، وتوفر الإرادة الحقيقية لتلبية تطلعات الشعب دون المزايدة السياسية ، وقطعا هذا لا يتم دون وضع معايير صارمة في عمليات الترشيحات لاختيار لجان التنسيق القاعدية بشكل تراع فيه الشفافية والمصداقية والبعد عن الشللية والمجاملة، فان هذا المنهج الكيزاني الخبيث سوف ينتج عقلية الإقصاء وهي أداة من أدوات العنف الباطن ان جاز التعبير ، فهل نحن ندرك لهذا الأمر ؟ تجربة تقدم في اختيار ممثلي الداخل لتكوين الآلية التنسيقية كانت مريرة واحدثت شرحا واضحا بين الفاعلين الحقيقين في عملية التحول لغياب المعايير الضابطة للاختيار وترك الأمر للمزاج الشخصي لبعض المتنفذين داخل تقدم خاصة في ما يخص شرق السودان ، وتكرار هذه المنهج في تكوين تنسيقيات الولايات سوف يولد حالة انقسام حقيقي في المشهد الداخلي للقوى المدنية في الشرق تحديدا لتعقيداته الجوسياسية والاجتماعية علاوة على ما أفرزته الحرب من واقع جديد فيه ، كل هذا يجب أن يوضع في اعتبار القيادة المرحلية لتقدم حتى لا نبكي على اللبن المسكوب لاحقا!!
كما أن التمثيل يجب أن يكون متسقا مع القضايا المطروحة من كل ولاية و التى تحمل هموم إنسان المناطق ، وهذا يتطلب عدم الدخول في مناطق التعطيل(الوحل) من خلال ممارسة سياسة القطيع واستخدام أدوات العنف الباطن في تجزئة المجزء.
فمن المؤكد أن هذا الوطن المترامي الأطراف ومتعدد المناخات والثقافة والسحنات والأعراق لا يمكن أن تتماثل ازماته ومعوقاته وتحدياته وسبل معالجتها في رؤية أو تصور يصيغة ويهندسه نخبة تكاد لا تمثل إلا نفسها في حقيقة الواقع!!
لهذا وغيره يجب أن تتمترس «تقدم» جيدا خلف قيم الثورة وان تنأ عن قيم الكيزان التى تقوم على اسس الشلة والمحسوبية في الترشح والتمثيل للعمل العام ، وأننا نرى ونسمع كثير من التجاوزات القائمة على هذه الفرضية خاصة في ملف شرق السودان مما يشي بتحول غير محسوب تكون نتائجه كارثية ، وهذا التنبيه يتطلب العمل الجاد وإعادة الترتيب في غرفة القيادة في ما يخص الشرق.
المصدر: صحيفة الراكوبة