اخبار السودان

تفسيرات شيطانية (٦) : الحكم بما أنزل ألله

محمد الصادق

انزلناه} بمعني : (احكمناه) ؛
فبالمقارنة بين فصلت والنور :
{احكمت اياته ثم فصلت}
{انزلناها وفرضناها}،
•°•{انزلناها} بمعني (احكمناها)
و {انزلناه في ليلة القدر} تعني : (احكمناه) في ليلة القدر
ففي ليلة القدر (انزل) القرآن :
بمعني ان آيات كثيرة انزلت (في مكان) ايات اخري ،
اي حلت مكانها.
بما يعني تبديل في الاحكام
باخري اقتضتها حكمة الله:
(فيها يفرق كل امر حكيم) ؛
ولذا اشار العلماء الي ان أحكام سورة النور نهائية
لقوله : (سورة انزلناها) أي احكمناها علي غيرها
أو جعلناها حاكمة على غيرها.
>>> فإنزال الحديد لا يعني تنزيله من السماء ؛ فقد جاء في التفاسير :

“﴿وَأنْزَلْنا الحَدِيدَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ :
أحَدُهُما : أنَّ اللَّهَ أنْزَلَهُ مَعَ آدَمَ …
الثّانِي: أنَّهُ مِنَ الأرْضِ غَيْرَ مُنَزَّلٍ مِنَ السَّماءِ ، فَيَكُونُ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿وَأنْزَلْنا﴾ مَحْمُولًا عَلى أحَدِ وجْهَيْنِ :
أحَدُهُما : أيْ أظْهَرْناهُ”
فإنزال القرآن بلغة اليوم هو التعديل ؛ فكما يتم التعديل في القوانين كذلك يعدّل الله في شرائعه بما يوائم حياة عباده، وهذا ليس بدعا ، فحتي خلق الإنسان كان فيه تعديل :
{فسواك فعدّلك} ؛ لكن طبيعة الإنسان تميل إلي القديم وترفض التغيير ؛ ويتهمون الرسول بالإفتراء :
{وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا یُنَزِّلُ قَالُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ}
ولكن الرسول يدافع عن نفسه :
{قُلۡ مَا یَكُونُ لِیۤ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَاۤء نَفۡسِیۤۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّۖ}
وبعد كل ذلك قد يرفض الناس التعديل(الإنزال) فيحذرهم الله أن من لا يأخذ بهذه التعديلات فهو ظالم وفاسق وكافر :
{وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰۤئكَ هُمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ/ الظالمون/ الفاسقون}.
وللاسف فقد وقع المسلمون في المحظور؛ فهم اليوم لا يحكمون بما (انزل) الله حيث أنهم يأخذون بقتل المرتد، وبرجم الزاني ، وبمنع تزويج المسلمة من الكتابي ، ومنع طعام اهل الكتاب. وكل ذلك كان احكام قديمة تم انزال ايات جديدة عليها.
الآن يحدث العكس؛ فالبعض يفهم أن الحكم بما أنزل ألله هو (السلطة السياسية) ؛ فينادون بحكام يطبقوا حكم الردة والرجم ..الخ !! .
في حين أن الحكم بما أنزل ألله هو التسليم والإذعان للتعديلات التي أمر بها الله من حرية العقيدة ؛ وجواز تزويج المسلمة البالغة للكتابي ، والأكتفاء بجلد الزاني المحصن .. الخ
الحكم بما أنزل ألله يتعلق بالقرآن ؛ وليس له علاقة بالسياسة ؛ لكن للأسف فقد انتشر تفسير شيطاني يخيّل للناس تعلقه بالسلطة والحكم ؛ ولكن القرآن أعظم من كل سلطة ؛ ولذلك عندما كان الرسول علي فراش الموت لم يهتم بشأن الحكم وإنما بشأن الصلاة والقرآن ؛ ولكن الشيطان خيّل للبعض أن وزع السلطان أكبر من وزع القرآن !!! .
{إِنَّ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ یَهۡدِی لِلَّتِی هِیَ أَقۡوَمُ}، وفيه خطاب للرسول نفسه :
{إِنَّكَ لَا تَهۡدِی مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ} ؛ ومع وجود القرآن يصبح وجود الرسول نفسه غير ضروري ؛ وهذا ما أربك بعض الصحابة أنفسهم؛ فقيل لهم: {أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ}؟ .
اليوم هناك فرق كبير بين تديّن المسلمين في الشرق وبين تديّنهم في الغرب ؛ فبينما يركّز الأولون علي تولّي السلطة ( يعني من أجل خدمة القرآن) يجعل الآخرون كل اهتمامهم بالقرآن ودعوته ؛ فانظر ما حصاد هؤلاء وحصاد اولئك ؟؟!! .
المسلمون في المشرق “قرطسوا” القرآن ؛ وكثيرا ما يعترضني البعض ومنهم “مشايخ”، ونحن نعرض القرآن كمادة “قابلة للفهم”: ما شأنك بهذا؟؟!! لماذا تعرض هذا للعوامّ؟؟!! .
فأقول لهم الأسلام أصلا دين العوام ، وليس به ظاهر وخفي :
{مَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِ ۦۤ إِذۡ قَالُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرࣲ مِّن شَیۡءࣲۗ
قُلۡ مَنۡ أَنزَلَ ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِی جَاۤءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورࣰا وَهُدࣰى لِّلنَّاسِۖ تَجۡعَلُونَهُ ۥ قَرَاطِیسَ تُبۡدُونَهَا وَتُخۡفُونَ كَثِیرࣰاۖ}.
الأستهتار و”الإستهوان” بشأن القرآن ستظهر عاقبته عندما يشفع النبي شفاعته التي ذكرت في القرآن مثلما اوضحنا في موضوع : (تفسيرات شيطانية: الشفاعة والمقام المحمود) حينما يشفع (يتكلم مبرءا نفسه) :
{وَقَالَ ٱلرَّسُولُ یَـٰرَب :
ِّ إِنَّ قَوۡمِی ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورࣰا}

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نرجو من كل من فهم المعلومة
أن يساهم بنشرها وبشرحها ،
حتي تعم الفائدة ،
ولكي نزيل الدخيل
من المفاهيم الساذجة والخبيثة ..
فهذه إذن نصيحة ،
والدين النصيحة كما في الحديث :
(لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)
□■□■□■□■
>>> تذكرة متكررة

نذكّر بالدعاء علي الظالمين
في كل الأوقات .. وفي الصلاة
وخاصة في القنوت
قبل الركوع الثاني
في الصبح
علي الذين سفكوا الدماء
واستحيوا النساء
واخرجوا الناس من ديارهم
وساموهم سوء العذاب
وعلي كل من أعان علي ذلك
بأدني فعل أو قول
(اللهم اجعل ثأرنا
علي من ظلمنا)
فالله .. لا يهمل
ادعوا عليهم ما حييتم
ولا تيأسوا ..
فدعاء المظلوم مستجاب
ما في ذلك شك :
{قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی
لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم}.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *