تعيين كامل إدريس رئيساً لوزراء السودان يثير الجدل

وصف مراقبون خطوة تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء بأنها تفتقر للشرعية السياسية المطلوبة ولن تنال قبولاً دون توافق عريض.
بورتسودان : التغيير
جدل كثيف صاحب قرار تعيين د. كامل الطيب ادريس رئيساً لمجلس الوزراء السوداني ما بين مؤيد ومعارض لرجل ارتبط اسمه دائماً بالمناصب منذ أيام نظام عمر البشير مروراً بثورة ديسمبر وفترة الحرب، فمع كل ترشيح لرئيس الوزراء كان يبرز اسمه حتى أنه ذات مرة شوهد في إحدي المطارات حاملاً أمتعته الشخصية تمهيداً لقرار تعيينه الذي تأخر لسنوات، فلماذا ومن هو كامل إدريس؟.
وكان رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، عيّن الأسبوع الماضي الدبلوماسي دفع الله الحاج علي وزيراً لشؤون مجلس الوزراء، ومكلفاً بتسيير مهام رئيس الوزراء، لكن الأخير رفض القرار بحسب العديد من المصادر نتيجة لخلافات داخلية بين أعضاء مجلس السيادة.
الجذور والمؤهلات
ينحدر كامل إدريس من قرية الزورات شمالي مدينة دنقلا بالولاية الشمالية ووالدته هي السيدة آمنة حاج حسن لكنه نشأ في مدينة أم درمان وتخرج في كلية القانون جامعة الخرطوم، كما حصل على الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف سويسرا وشغل منصب المدير العام للمنظمة الدولية للملكية الفكرية “ويبو”.
حصل الدكتور كامل ادريس على بكالوريوس القانون في جامعة الخرطوم، بكالوريوس الآداب (فلسفة) من جامعة القاهرة وماجستير الشؤون الأفريقية من جامعة أوهايو (بعض المصادر تفيد أنه ماجستير القانون والعلاقات الدولية) ودكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف، وهو عضو الجمعية الدولية لتطوير التعليم والبحث في قانون الملكية الفكرية 1999م، أستاذ فخري في القانون بجامعة بكين، الصين 1999م، دكتوراه فخرية في مجلس الدكاترة بجامعة الدولة لمولدوفا، جمهورية مولدوفا 1999م، دكتوراه فخرية مركز فرنكلين بيرس للدراسات القانونية (كونكرد، نيو هامبشاير) الولايات المتحدة الأمريكية قبل التحاقه بالويبو سنة 1982م.
عمل الدكتور إدريس عضواً في السلك الدبلوماسي السوداني برتبة سفير، وكان عضواً في لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي في الفترة 1992 1996 والفترة 2000 2001م عمل أيضاً كمتحدث رسمي ومنسق لمجموعة البلدان النامية.
يتقن الدكتور إدريس اللغة العربية والإنكليزية والفرنسية وله معرفة باللغة الإسبانية، التحق بالويبو سنة 1982م وصار مديراً لها في سبتمبر 1997م، وجددت ولايته لست سنوات أخرى في 2003م حتى استقال قبل سنة من انتهاء تكليفه.
خلال مسيرته المهنية، حاز إدريس على عدد من الجوائز والتكريمات من مختلف الجهات.
تناقض
ووصف كثيرون رئيس الوزراء الجديد بأنه شخص متناقض يبحث عن مصلحته فقط، مشيرين إلى أنه كان عضواً غير ملتزم في الحزب الشيوعي السوداني، كما عمل في الجبهة الديمقراطية والاتحاد الاشتراكي ثم اقترب من تنظيم الجبهة الإسلامية وترشح في الانتخابات ضد البشير في العام 2010م بطلب من الإسلاميين ليمنح الانتخابات شرعية، وظهر بعدها في تسجيل فيديو شهير أيام الثورة السودانية يصف فيه نظام البشير بالمجرمين ويطالبهم بالتنحي، ورشح لمجلس الوزراء إبان الثورة وبعد انقلاب البرهان ضد حكومة حمدوك في 2021م، كما انتشر مؤخراً تسجيل آخر لكامل إدريس يرفض فيه أي إهانة للجيش السوداني ويطالب بحجب المناصب عن الأشخاص الذين يسيئون للجيش.
اتهامات
وارتبط اسم كامل إدريس بقضية واتهامات بتزوير تاريخ ميلاده للبقاء مدة أطول في المنظمة الدولية للملكية الفكرية التي كان يرأسها وتسرب موضوع تغيير تاريخ ميلاد د. كامل إدريس إلى الصحف مما حدا بمنظمة الملكية الفكرية لإصدار بيان تنفي فيه أن التغيير سيساعد د. كامل إدريس على تمديد ولايته على رأس المنظمة حيث أن هذه مسألة تحددها الدول الأعضاء ولا يوجد سقف للسن في هذا المنصب حيث شكلت لجنة تحقيق للنظر في إذا ما كان مديرها العام كامل إدريس قام بتزوير سنة الميلاد وسيرته الذاتية في طلبات التوظيف والإقرارات التي وقعها عبر حياته الوظيفية.
في عام 2006 قام د. كامل إدريس بتغيير سنة ميلاده من 1945 لـ 1954م بحجة خطأ مطبعي تم اكتشاف الخطأ الآن فقط رغم أن د. كامل إدريس وقع على 12 وثيقة سفر يؤمن فيها أن 1945 هي تاريخ ميلاده.
مواقف
ويرى العديد من المهتمين أن تعيين كامل إدريس يمكن أن يرافقه الصواب والنجاح باعتباره شخصية محايدة تم ترشيحه أيام الثورة لذات المنصب، مشيرين إلى أن فرص نجاحه ربما تكون كبيرة على عكس توقعات الكثيرين ربما تكون خطوة جديدة تمهيداً لوقف الحرب.
تحديات
ويواجه رئيس الوزراء الجديد تحديات كبيرة، أبرزها إدارة الأزمة السياسية والاقتصادية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتحقيق الاستقرار في ظل الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023م.
والتحدي الثاني هو القبول من قبل الشعب السوداني حيث بدأت الانقسامات والأحاديث الرافضة لتعيينه حتى من المعسكر الداعم لاستمرار الحرب، حيث عبر كثيرون عن رفضهم لتعيينه وبدأوا في نشر قضايا فساد قالوا إنها مرتبطة بمسيرة الرجل، بجانب الرفض المتوقع من قبل الطرف الآخر للحرب الدعم السريع الذي يرفض الاعتراف بكافة قرارات مجلس السيادة ويعتبرها غير شرعية.
ردود فعل
القيادي بحركة العدل والمساواة السودانية المتحالفة مع الجيش إدريس لقمة، عبر عن رفضه لتعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء وقال “لقمة” في منشور على (فيسبوك)، إنه سيقاوم التعيين، متسائلا: “ماذا قدم كامل إدريس…؟”
فيما قال القيادي بالتيار الوطني نور الدين صلاح الدين، إن تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء يمثل خطوة تفتقر للشرعية السياسية المطلوبة.
وشدد صلاح الدين في تدوينة على (فيسبوك)، على أن أي حكومة تشكل لن تنال قبولاً داخلياً أو خارجياً دون توافق عريض ناتج عن عملية سياسية شاملة.
وأضاف: “الأجدى هو دعم حوار سوداني سوداني حقيقي، وتهيئة المناخ لذلك، والوفاء بتعهد البرهان في 4 يوليو 2022 بخروج القوات المسلحة من الشأن السياسي والتزامها بواجباتها الدستورية”.
ويقول الأكاديمي عادل طه سليمان، إن المشكلة ليست في رفض تيارات سياسية لتعيين كامل إدريس ولا دفع الله ولا حمدوك ولا غيره.
وأضاف: “تعيين كامل إدريس مؤكد أنه جاء بمباركة قيادة في الحركة الإسلامية وهي مسرحية كيزانية لن تنطلي على أحد مهما كان انتماء الرجل السياسي والأيديولوجي”.
وتابع: “في الوقت الراهن القضية الكبرى والتحدي الذي يواجه البلاد هو إيقاف الحرب المستعرة لازال قائما بالتالي اذا لم تحل سيأتي كامل إدريس ويذهب كما جاء، يجب حل المشكلة من جذورها”.
المصدر: صحيفة التغيير