اخبار السودان

تعقيب على مقال د. الواثق كمير

في ختام مقال د. الواثق كمير، عماذا تريد قوات الدعم السريع من الحرب ، ففي الإجابة على السؤال المدخل الفعلي لإيقافها ، فبلا شك من حق أي جهة أن تتطلع إلى السلطة والحكم بالوسائل المرعية وليس بالحرب ، ولكن إذا لم يكن هنالك مشروعا ،فإن التطلع إلى السلطة لإدارة الدولة بالحرب يصبح مدخلا لإنهاء نظم إدارة الدولة نفسها، وشيوع ظاهرة الفوضى خاصة في ظل أوضاع هشة مثل حالة دولة السودان التي تتعدد فيها الولاءات والهويات التقليدية الموروثة والتي تسمو على ولاءات نظم الدولة الحديثة ..
إن الباحث قد يجد الدور الخارجي الذي كان يؤديه تحالف الأمس ما بين البرهان وحميدتي من أسباب الحرب ،وخلافهما كان ولا يزال خلافا مرجعيته ترسيم الإمارات للدور الذي يريده رئيسها لنفسه ومن هم خلفه في السودان، وقد صار حميدتي هو الأقرب إليه لأدائه على حساب حليفه السابق البرهان، فالخلاف بينهما ليس على مشروع سياسي، ولا من أجل كرامة أو ديمقراطية ، بل الخلاف من أسبابه رؤية رئيس دولة الإمارات حول من الذي يؤدى له الدور المعد من خلفهما بكفاءة وتفضيله أحدهما على الأخر . إن قحت كانت الحلقة الأضعف في المعادلة ، عبثت بقضايا الثورة ،كما والذين تولوا السلطة منها برمزية الثورة وإسم المكون المدني الشريك للمكون العسكري في ظل حكومة د حمدوك، علاقتهم بالثورة وشعاراتها لم تكن راسخة، وظفوا الثورة ليظفروا بالسلطة ، ولم يتمكنوا من تحقيق نجاحات حقيقية ،فالمكاسب التي تحققت كانت ثانوية وهي ناتجة لأن دول الغرب كانت تريد أن تضع يدها على السودان من خلال قادة المستقبل على عجالة من أمرها ، فمثلا رفع العقوبات الأمريكية مثلا طالب به الكونغرس قبل حكومة حمدوك باعتبار أن مبرراتها قد أنتفت وبالضرورة دعم الحكومة الجديدة في السودان وفي اسرع وقت ، كذلك أعفاء الديون، وخلافه، فالغرب وفقا لسياساته كان له خططه للعودة إلى السودان من خلال مدخل شعارات الثورة .
في عالم اليوم ليس هنالك ضرورة لوجود مشروع سياسي في مثل الظروف الاستثنائية ،فالمشروع السياسي يتمثل في إدارة المصالح ، والحرب هي مشروعها السياسي للمصالح المرجوة، طالما تتحقق المكاسب المرجوة ، فبمثلما ليس لقوات الدعم السريع أي مشروع سياسي وقد قامت باستدعاء شعارات تدغدغ بها المشاعر ، كما وصارت من خلالها عناصرها ترفع شعار انهاء دولة ١٩٥٦م، والتي تمثل مرجعية المواطنة بغض النظر عن ممارسات الحكومات المتعاقبة التي نشأت منذ ٥٦م ، قائد الجيش نفسه وكذلك أعوانه من المستنفرين أيضا ليس لهم أي مشروع سياسي سوى استهداف السلطة بالحرب ، شعارات الإسلام السياسي فقدت بريقها ولم تعد لها من تأثير في الحالة السودانية . التنظيمات السياسية السودانية من يمينها إلى وسطها فيسارها ظلت قابعة في أماكنها ،ولم تعد تواكب ظروف مستجدات حالة الدولة الاستثنائية التى تجاوزت مرحلة مشروعات قضايا التحرر والاستقلال .
(تقدم) ورثت كل عيوب (قحت) وزادت عليها ، كما وثقت أكثر ارتباطاتها الخارجية، وتشهد الآن منازعات داخلية قطعا ستعصف بها ،فماذا تعنى حكومة منفى بلا مشروع سياسي في ظل هذه الأوضاع.
الدولة في حالة فوضي ومدخل انتشالها من لجتها الغائرة الوعي الذي ينير للأجيال المتعاقبة عتمة الطريق.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *