اخبار السودان

تشكيل أي حكومة سيعقد المشهد.. وشرعية بورتسودان منزوعة منذ الانقلاب العسكري السودانية , اخبار السودان

 

الجبهة المدنية بها أطراف من خارج تقدم مثل حركة عبد الواحد النور وعبد العزيز الحلو وحزب البعث والاتحادي الأصل جناح الحسن الميرغني، هذه الأطراف لا علاقة لها بالقضية الداخلية لـ”تقدم”

التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن

قطع رئيس التجمع الاتحادي بابكر فيصل بأن التباين حول الموقف من الحكومة المدنية سيتم حسمه تنظيميا، معربا عن تمنياته بأن لا تتحول قضية الاسم “تقدم” لمحل نزاع بين الطرفين.

دعنا نبدأ مما يحدث داخل تقدم من بوادر لانشقاقات بين مكونات تريد المشاركة في حكومة مدنية وأخرى رافضة، كيف ستتعاملون مع هذا الواقع؟

تقدم تحالف يضم عددا من التيارات؛ أحزاب سياسية وحركات مسلحة ونقابات ومهنيون ومجتمع مدني ولجان مقاومة، هو تيار عريض تواثق على أهداف متعلقة بإيقاف الحرب ورؤية ما بعد إيقافها، مع مرور الوقت وتطورات الحرب هناك مجموعة رأت الذهاب في اتجاه تشكيل الحكومة ترى فيها وسيلة ناجعة لمخاطبة المظالم التي يتعرض لها قطاع كبير من الشعب السوداني من عدم القدرة على الحصول على أوراق ثبوتية أو الجلوس لامتحانات الشهادة إلى جانب الإشكالات التي صنعها قرار استبدال العملة، ومن جهة ثانية ترى هذه المجموعة أنها وسيلة لنزع شرعية بورتسودان، فيما يرى تيار آخر ضرورة مواصلة النضال بذات الوسائل القديمة السياسية والدبلوماسية والتواصل مع الجماهير، وبالنسبة له شرعية بورتسودان منزوعة منذ الانقلاب العسكري، هذه القضية طفت على السطح، وصارت جندا للنقاش في مؤتمر الهيئة القيادية الذي عقد الشهر الماضي في كمبالا، لكن لم يتم التوصل فيه إلى نتيجة، فاحال القضية للآلية السياسية التي كونت لجان فرعية منها لجنة لمناقشة الحكومة لم تصل لنتيجة أيضا، فأعادت الموضوع للآلية السياسة مرة أخرى. الآن نحن موجودين في كينيا؛ اللجنة نفسها موجودة وكذلك الأطراف التي تمثل التيارين في مسعى لإيجاد حل، وأتوقع الوصول لنتيجة.

 هل نتوقع أن تمضي تقدم بمشاركة فصيل يدعو لتشكيل الحكومة؟

من الصعوبة بمكان وجود فصيل يدعو لتشكيل حكومة وآخر ضدها ضمن تحالف موحد بقنوات تنظيمية واحدة!

من الصعوبة بمكان وجود فصيل يدعو لتشكيل حكومة وآخر ضدها ضمن تحالف موحد بقنوات تنظيمية موحدة!

حدث من قبل اشتباه في اسم تحالف الحرية والتغيير بعد الانفصال في وقت توصم فيه الدعاية الكيزانية تقدم بأنها الجناح السياسي للدعم السريع، هل هناك مخاوف من حدوث اشتباه مماثل في اسم “تقدم”؟

في خاتمة المطاف هذا التباين لا بد من حسمه بشكل تنظيمي ومؤكد إذا تنظيميا تفاصلنا قضية الاسم ستكون قابلة للنقاش، نتمنى ألا يصبح الاسم مجالاً للنزاع، هو يعبر عن تيارات سياسية مواقفها ستضح للساحة العامة، مثلما حدث عندما أطلق المنقسمون من الحرية والتغيير على نفسهم “الكتلة الديمقراطية” وفي الحقيقة كانوا كتلة غير ديمقراطية انحازت للعسكر، الناس ميزت بين مواقفها والموقف الآخر، ليست لدينا مخاوف في الأسماء؛ في النهاية ذلك “الطرف الآخر” سيتهمها تحت أي اسم.

تجري حاليا اجتماعات لتوسيع الجبهة المدنية في وقت لم يُحْسَم خروج المجموعة التي ستذهب في اتجاه تشكيل حكومة!

لا أرى ترابطاً عضوياً بين الموضوعين؛ لأن الجبهة المدنية بها أطراف من خارج تقدم مثل حركة عبد الواحد النور وعبد العزيز الحلو وحزب البعث والاتحادي الأصل جناح الحسن الميرغني، هذه الأطراف لا علاقة لها بالقضية الداخلية لتقدم، ومهمة تكوين الجبهة المدنية هي قضية عاجلة مثل المهام الأخرى التي تمت إجازتها في تقدم، إلى جانب الجبهة المدنية لدينا مؤتمر المائدة المستديرة، وهذه هي الخطوات التي سنمضي فيها في كل الأحوال، كما أن المشكلة الداخلية شارفت على الانتهاء.

المائدة المستديرة ربما تضم أطرافًا من داخل المعسكر الذي يدعو لاستمرار الحرب في بورتسودان

ما هو الفرق بين الجبهة المدنية والمائدة المستديرة؟

الجبهة المدنية تجمع الأطراف المتقاربة في الرؤية، وتشترك في الأهداف الكبيرة المتعلقة بمستقبل البلاد ورؤية ما بعد الحرب، فيما تجمع المائدة المستديرة الأطراف المشتركة في هدف وقف الحرب فقط، وربما تكون فيها أطراف من داخل المعسكر الذي يدعو لاستمرار الحرب في بورتسودان.

هل نتوقع مشاركة واجهات من المؤتمر الوطني؟

لدينا في تقدم موقف واضح من المؤتمر الوطني وواجهاته، وأتوقع أن يكون هو موقف الجبهة المدنية العريضة أيضا، عدا هؤلاء أي طرف ينادي بوقف الحرب سيكون جزءا من المائدة المستديرة.

ما هو موقف تقدم من تكوين حكومة منفى؟

مهما قيل من مبررات حتى وإن كانت موضوعية لتشكيل حكومة؛ إلا أنه سيضع البلاد في طريق التقسيم. أما إذا كان الهدف هو نزع الشرعية من حكومة بورتسودان فنحن لا نعترف بشرعيتها، ونتحرك بشرعية ثورة ديسمبر ورئيس تقدم هو رئيس وزراء حكومة الثورة المنقلب عليه، وفي عضويتها كثير من أعضاء حكومته.

لذلك نحن متأكدون من عدم جدوى أي حكومة لجهة أنها ستفرض أجندة على الأرض فيها إضعاف للتيار المدني في شكله العام والكبير.

عندما طرحنا سؤال التقسيم في حوار سابق مع رئيس حزب الأمة كانت إجابته أن بورتسودان ذهبت في طريق التقسيم بالفعل.

صحيح! هناك أمثلة كثيرة حول اتخاذ قرار من طرف واحد بتغيير العملة، والامتحانات، منع الناس من الأوراق الثبوتية، جميعها خطوات في اتجاه التقسيم، لكن نحن نعلم أن حكومة بورتسودان تحركها أجندة الحركة الإسلامية التي تضع التقسيم كجند أساسي في برنامجها منذ مثلث حمدي وفصل الجنوب، فالاتجاه نحو التقسيم مفهوم من جانبهم، لكن القوة المدنية لا بد أن تسعى للحفاظ على وحدة السودان أرضه وشعبه.

حكومة بورتسودان تحركها أجندة الحركة الإسلامية التي تضع التقسيم كجند أساسي في برنامجها منذ مثلث حمدي وفصل الجنوب

ما هي خيارات الحلول وسط عدم إثمار حراك تقدم المستمر منذ اندلاع الحرب؟

مسؤولية إيقاف الحرب في المقام الأول تقع على عاتق الطرفين المتحاربين، ولا بد أن يصلوا للإرادة الكافية لإنهائها، لكن القوى المدنية في حالة الحروب تكون هي الأضعف؛ لأن جيشها المدني الذي كان يتحرك في شوارع الخرطوم، ويخرج في تظاهرات، ويقيم الندوات ويلتقي في دور الأحزاب صار موزعا بين الملاجئ والمنافي وأماكن النزوح، وتحول همه في السعي للحصول على الأكل والمشرب والبحث عن الأمان. لكن مع هذا الضعف تقوم بأدوار أساسية في غرف الطوارئ والعمل على إيصال المساعدات إلى جانب الدور السياسي المتعلق بالحركة والدبلوماسية في الإقليم والمجتمع الدولي ولها صوت يستمع إليه في كثير من المنابر، وتظل مطالبها الأساسية متعلقة بوقف الحرب وحماية المدنيين وإغاثة الناس.

كيف ترى الواقع في البلاد بعد تكوين هذه الحكومة المتوقعة في مناطق سيطرة الدعم السريع؟

ستذهب الأوضاع في شكل أكثر تعقيدا؛ لأن تشكيل حكومات يفرض واقعا مختلفا تحدث فيه ديناميكيات متباينة، وتترتب عليه مصالح مجموعات، وستفرض هذه الحكومات التي تحمل السلاح أمرا واقعا تسمح فيه بدخول الإغاثة أو رفضها، وقد يضطر المجتمع الدولي للتفاهم معها، عليه وجود حكومتين في الأرض سيفرض حالة من الأمر الواقع التي لا يمكن تجاوزها. ومع وجود عوامل أخرى متمثلة في خطاب الكراهية والانقسام الاجتماعي ستذهب البلاد في اتجاه التمزق والتفتت.

العقوبات على “البرهان” و”حميدتي” مقصود بها ممارسة ضغوط على جميع الأطراف للذهاب لطاولة التفاوض

كيف ترى تأثير العقوبات التي فرضت على قائدي الجيش والدعم السريع على الساحة العسكرية؟

موقفنا المبدئي مع عدم الإفلات من العقاب وإنصاف الضحايا، لكن رؤيتنا أن يتم ذلك عبر القنوات القانونية لذلك أيدنا تقرير بعثة تقصي الحقائق وتوصيتها المتعلقة بإنشاء آلية دولية مستقلة للنظر في الانتهاكات، وذهبنا أبعد من ذلك، وطالبنا بتوسيع ولاية محكمة الجنايات الدولية لتشمل كل السودان، ولا تقتصر فقط على دارفور.

ندعو في هذا الإطار الدول التي ألقت بعقوبات على الجيش والدعم السريع وقيادات الحركة الإسلامية أن تقدم الأدلة التي تمتلكها للآلية المستقلة والجهات القانونية لتعضيد الأدلة؛ وبالتالي البعد عن أي شبهات سياسية، وأن تكون المحاسبة قانونية.

هذه القرارات لا شك لديها جانب سياسي مقصود به ممارسة الضغوط على جميع الأطراف لتذهب لطاولة التفاوض، والعقوبات بدأت متدرجة حتى وصلت لقيادة الطرفين، “برهان” و”حميدتي” ما يعني رغبتهم في إرسال إشارات واضحة وممارسة ضغوط أكبر وتأكيد أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام الأوضاع في السودان.

كل من يحرص على الجيش يجب أن يدعو لوقف الحرب

هناك مخاوف من تكرار تجربة “البشير” الذي دفعته قرارات الجنائية للتمسك أكثر بالسلطة؛ هل ترى أن هذا الأمر يمكن أن يتكرر في حالة “البرهان”؟

في مستوى العقوبات الحالي ما زالت هناك فرصة جيدة لجلوس الأطراف للتفاوض، لكن تطاول أمد الحرب قد يجعل الأمر يتحول لقضايا جنائية، وتتدخل محكمة الجنايات، ويحدث مثلما حدث في زمن “البشير” مواجهتهم بإجراءات قانونية وجنائية لا يمكن “للبرهان” أو “حميدتي” التهرب منها.

الأمر يتطلب نظرة واعية من الناس الذين صدرت ضدهم عقوبات للذهاب للتفاوض وهو أمر دون شك تتحكم فيها حسابات السيطرة العسكرية على الأرض، وكل طرف يريد أن يوسع مناطق سيطرته لذلك نشاهد حاليا المعارك المحتدمة في الخرطوم والفاشر، ربما تكون معارك تستبق محاولة الدخول في حوار جديد، وربما كل طرف يريد الذهاب وهو في وضع أفضل.

ما هي توقعاتك لإدارة “ترامب”؛ هل تعتقد أنها ستذهب في ذات الاتجاه؟

استمعت لخطاب التنصيب؛ وكان لافتا فيه طرح ترامب لنفسه رجل سلام عالمي وقال إنه يريد عمل تسوية لكافة الحروب الموجودة في العالم، وهذا الموقف عززه الوصول لاتفاق غزة الذي مارس فيه ترامب ضغوطا كبيرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي قبل وصوله للبيت الأبيض، واللافت للأمر أن الاتفاق تم بوساطة بين الإدارات الأمريكية القديمة والجديدة.

أعتقد أن السودان سيكون في الدرجة الأدنى من الأهمية مقابل الحرب الأوكرانية مثلا التي سيكون لها الأولوية، لكن إن جاز لي التوقع وفق المعطيات الموجودة أرى أنه سيكون هناك تحرك من إدارة ترامب للضغط على الأطراف عبر السعي مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لتوصيل الطرفين لطاولة مفاوضات لجهة أن الحرب السودانية خلقت توترا في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.

مع ذكر التوترات الإقليمية؛ كيف تعلق على ما حدث في جوبا للمواطنين السودانيين وما قبله أحداث الجزيرة؟

ما حدث أمر مؤسف للغاية! ردة الفعل التي حدثت مغايرة للموقف الرسمي والشعبي الذي كان في جوبا إبان اندلاع الحرب، وجنوب السودان من الدول القلائل التي سمحت للسودانيين بدخول أراضيها حتى بدون وثائق رسمية، كما سمحت للأطباء بالعمل وفق شروط مسهلة عكس الدول الأخرى، وشاهدنا تفاعل الجماهير الجنوبية مع الفريق القومي السوداني وفريق الهلال، لكن مع الأسف أحداث مدني نكأت جراح قديمة وذاكرة أليمة لدى الجنوبيين مرتبطة بسنوات الحروب الطويلة والانتهاكات التي صاحبتها لذلك جاء رد الفعل قاسيا راح ضحيته مواطنين عزل أبرياء لا علاقة لهم بأحداث مدني!

لكن تحرك السلطات الرسمية في جوبا كان حاسما وكذلك كافة البيانات التي صدرت تجاه التهدئة كانت حكيمة. لكن أتوقع أنه في حال استمرار الحرب لن يقف الموضوع على جنوب السودان فقط لجهة أن الحرب السودانية لها تقاطعات بين عدد من الشعوب في تشاد وإثيوبيا ومصر وغيرها والتطورات الداخلية لا شك سيكون لها انعكاسات، وشاهدنا بيان أديس أبابا في هذه الأحداث، ووصفها لها بأنها غير مقبولة.

هل تتوقع تحركات إقليمية خاصة من دول الجوار ربما تشمل الدول التي تدعم أحد طرفي الحرب تجاه الدفع بوقفها؟

نعم هذا ما نتوقعه، لأن تأثيرات الحرب لن تنحصر في السودان ومعظم هذه الدول لديها مشاكل داخلية ونزاعات قبلية واستمرار الحرب ستتضرر منه كل دول الجوار، وفي سعيها لحماية مصالحها ستتحرك في اتجاه وقف الحرب لكن كما ذكرت، فإن الموضوع مرتبط بالأطراف المتصارعة وموازنات القوة الميدانية والضغط الخارجي المطلوب في الفترة المقبلة.

معروف عنك أنك من القلائل في الحرية والتغيير لديك تواصل مع العسكر؛ هل ما زال موجودا أم انقطع؟

تقريبا مجمد منذ فترة! طبعا بعد رفضهم لرؤيتنا ذهبوا في خطوات تصعيدية كبيرة، شخصيا صدر أمر قبض في مواجهتي ضمن قيادات تقدم، وأمر قبض ثاني ضمن أعضاء لجنة إزالة التمكين، هم ذهبوا في خياراتهم، لكن سيظل موقفنا الثابت الوقوف على مسافة واحدة من طرفي الصراع، وما يُرَوَّج له غير صحيح، نحن ليست لدينا مصلحة في تدمير الجيش ومصلحتنا الأولى في وقف الحرب ونعتقد أن الجيش نفسه مشاكله ستتفاقم مع استمرارها، وكل من يحرص على الجيش يجب أن يدعو لوقف الحرب.

 

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *