تنعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن في نهاية يوليو الجاري اجتماعات الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، والسعودية، الإمارات ومصر) لبحث وقف إطلاق النار في السودان دون مشاركة العسكريين أو المدنيين ووسط خطابات مناهضة لها من أنصار النظام البائد وتطلع شعبي لوقف الحرب.

التغيير ــ أمل محمد الحسن
حيث تنعقد في العاصمة واشنطن في الثلاثين من يوليو الجاري، بتأخير يوم واحد عن الموعد المقرر سابقا 29 يوليو وفق مصدر سياسي، وتأتي اجتماعات الرباعية حول سبل وقف الحرب في السودان،  تضم الاجتماعات وزراء خارجية أمريكا والسعودية والإمارات إلى جانب وزير الخارجية المصري.
وكان مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الأفريقية، مسعد بولس، أشار في مقابلة سابقة مع قناة الجزيرة إلى إمكانية مشاركة قطر وبريطانيا ودول أخرى في مرحلة لاحقة، مشددا على عدم وجود حل عسكري للنزاع في السودان.
وبعد نجاحه في مساعي التوسط لوقف النار بين رواندا والكونغو الديمقراطية في 26 يونيو الماضي، قطع بولس بأن مهمته المقبلة قضية حرب السودان.
https://www.facebook.com/reel/1127078525914834

تواصل أمريكي سوداني

 

من جانبه أكد مصدر سياسي لـ «التغيير»  تواصل الولايات المتحدة مع طرفي الحرب بصورة مباشرة وغير مباشرة، الأمر الذي أكده الناطق الرسمي باسم وفد تفاوض الدعم السريع محمد المختار كاشفا عن تواصل الإدارة الأمريكية مع قائد قوات الدعم السريع “حميدتي”. فيما لم تتمكن «التغيير» من الحصول على رد من حكومة بورتسودان حول تواصلها مع الإدارة الأمريكية أو موقفها من اجتماعات الرباعية حتى تاريخ نشر هذا التقرير.
وقال المختار لـ «التغيير» إن الدعم السريع طالب الإدارة الأمريكية التواصل مع تأسيس “التحالف الذي يضم كيانات سياسية وحركات مسلحة” مشددا على أن الدعم السريع لم يعد وحيدا في المشهد.

مستشار “حميدتي”: طالبنا أمريكا بمخاطبة “تأسيس” وليس الدعم السريع

وقطع مستشار قائد الدعم السريع بأن قبول مخرجات اجتماعات الرباعية تحدده المداولات داخل التحالف. وأضاف: “لا توجد غضاضة في عدم مشاركة الأطراف السودانية باعتبار هذه الاجتماعات خطوة أولية لتوافق دول الرباعية” مستدركا بقوله بضرورة أن يتم التوافق حول القضية السودانية وفق رؤية السودانيين أنفسهم.

مصباح أحمد: الموقف المدني سيكون حاضرا على طاولة اجتماعات الرباعية

تفاؤل مدني

واستبق التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” اجتماعات الرباعية بإرسال رسائل للدول المشاركة، و على الرغم من عدم تسلمه ردودا رسمية وفق رئيس دائرة الإعلام بحزب الأمة مصباح أحمد؛ لكن تواصلا غير مباشر يجري بينه ومستشار الرئيس ترامب مسعد بولس المسؤول من الملف السوداني.
وقال أحمد لـ «التغيير» إن هناك تعاطيا ايجابيا مع موقف القوى المدنية من خلال الاتصالات مع الأطراف المعنية بهذا الاجتماع مؤكدا حضور الموقف المدني على الطاولة.
ووصف رئيس دائرة الإعلام بحزب الأمة اجتماع الرباعية المرتقب بأهم المبادرات في مسار حل الأزمة السودانية خاصة وأن تعاطي الإدارة الأمريكية الجديدة مع الأزمة السودانية يختلف عن إدارة بايدن، مشيرا إلى أن الرباعية امتداد لمبادرة المنامة التي توصلت لاتفاق سابق تم رفضه من قبل الجيش.
ووفق أحمد يسعى اجتماع الرباعية إلى بلورة موقف موحد بين هذه الدول لتأثيرها في المشهد السوداني ثم لاحقا تتم دعوة الأطراف السودانية للوصول إلى اتفاق مشترك.
وقال “أي تباين في مواقف هذه الدول سيؤثر سلبا ويطيل أمد الحرب” مضيفا أن التطورات السياسية بانشاء حكومتين في بورتسودان ونيالا ستخلق واقعا جديدا يتطلب السرعة لإنهاء حالة الانقسام واستعادة الاستقرار لسودان موحد بحكومة متوافق حولها.

تباينات الرباعية

اتفق المحلل السياسي محمد لطيف مع ما ذهب إليه مصباح أحمد حول ضرورة توحيد رؤى الرباعية أولا بايجاد نقاط توافقية من خلال بحث مصالح ومخاوف كل دولة، وهو ما وصفه ب”تحرير المواقف” مطالبا بعدم رفع سقف التوقعات من نتائج هذه الاجتماعات لجهة وجود تباينات كبيرة بين الدول المشاركة.
وقال لطيف لــ «التغيير» إن امريكا تنظر إلى هذا الاجتماع من جهة كونه جهداً استثماريا لابد أن تضمن فيه مصالحها وتعطل المصالح الروسية والصينية وتضمن أمن اسرائيل.

محمد لطيف: مصر تدعم الجيش بلا مواربة والامارات تريد إخراج الإسلاميين من
المشهد

وأضاف: مصر موالية للجيش بلا مواربة وتسعى لأن يوصف المجتمع الدولي الحرب السودانية بأنها حرب المؤسسة العسكرية ضد طرف متمرد، مؤكدا أن الامارات من جهتها لا تخفي موقفها المعلن من الإسلاميين خاصة رموزهم وتعتبر اخراجهم من المشهد ضرورة لا تنازل عنها، ومن جهة ثانية تتطلع لمصالحها في الموارد والموانئ السودانية.
وقال لطيف إن الموقف السعودي يسعى لأن يكون متوازنا لكنه مأخوذ بالتفكير التقليدي بضرورة حماية مؤسسات الدولة الرسمية كما أن أمن البحر الأحمر يشكل أحد هواجسها خاصة مع الوجود الحوثي الذي تقف من خلفه إيران!
وأشار المحلل السياسي إلى نقطة إعلان حكومة تأسيس وبالتالي أصبح المشهد يشمل حكومتين الأولى في الشرق والثانية في الغرب مؤكدا على أن الحكومة الوليدة سيكون لها مطالبها وتمر بمرحلة الاعتراف الأمر الذي سيستهلك زمنا أطول من الميسرين والوسطاء.

آثار ممتدة للجوار

الحرب المستمرة لأكثر من عامين امتدت آثارها إلى دول الجوار وأصبحت أحد المهددات الإقليمية الكبيرة، ووفق مدير مركز السلام وإدارة الأزمات الليبي نجم فرج وصل عدد اللاجئين السودانيين في الكفرة ،جنوب شرق البلاد، لثلاثة أضعاف سكان المدنية.

مدير مركز السلام الليبي: نحن متوافقون مع السعودية والإمارات..

وقطع نجم بتوحد رؤية الحكومتين في ليبيا اتجاه ضرورة احلال السلام في السودان، نافيا التهم التي تقول بتورط حفتر في دعم أحد الفصائل المتحاربة “هذا الحديث عاريا عن الصحة على الأقل في الآونة الأخيرة”.
وقال نجم لـ «التغيير»  إن تدفق اللاجئين السودانيين إلى بلاده وما يترتب عليه من تدخل المنظمات الأوروبية في الشأن الليبي ليس من مصلحة بلاده. وأضاف: استقرار السودان وأمنه هو امتداد عمق استراتيجي للأمن الليبي.
وشدد مدير مركز السلام الليبي على ضرورة انهاء الحرب العبثية التي لا يأتي منها سوى الدمار للسودان وليبيا ومصر وتشاد .
وكشف لـ «التغيير»   توافق بلاده مع السعودية والإمارات قاطعا بأن الجميع سيمارسون ضغوطا على الأطراف السودانية للتوصل لهدنة ومن ثم الجلوس في طاولة مستديرة لايجاد حلول تلبي رغبات السودانيين.

جدية الإدارة الأمريكية

من جانبه اتهم الباحث السابق في المجلس الأطلسي كاميرون هدسون حكومة الولايات المتحدة بعدم التحضير من أجل الاجتماع الذي سيحدث مطلع الأسبوع المقبل “لم يكن هناك حوار مع الشعب السوداني ولا حتى الأطراف نفسها”!
وقال هدسون لـ «التغيير» لم يعد هناك أحد يعمل بالفعل من أجل السودان في الحكومة الأمريكية مشيرا إلى أنه لم يتم سوى القليل من العمل للتحضير لاجتماعات بهذه الأهمية الأمر الذي لن يؤدي إلى حدوث اختراقات كبيرة خلال هذه الجولة الأولى.
ووصف هدسون اجتماعات الرباعية بأنها تسعى لبناء توافق في الآراء بين الدول ولا يتعلق الأمر بحل مشاكل السودان الداخلية أو بناء السلام بين الأطراف المتحاربة.
وقطع هدسون في حديثة مع «التغيير» بإمكانية ممارسة دول الرباعية ضغوطا على طرفي الحرب حال توصولوا إلى اتفاق حول ضرورة انهاء الحرب ووقف الدعم الذي يقدمونه للطرفين.

كاميرون هدسون: واشنطن لم تبذل جهدا للتحضير لهذه الاجتماعات المهمة

رفض «الكيزان»

في الوقت الذي اصدرت كيانات مدنية عديدة بيانات ترحيبية باجتماعات الرباعية؛ يعمل أنصار النظام البائد على حشد رأي عام رافض لها بحجة مشاركة الإمارات المتهمة بدعم قوات الدعم السريع من جهة وعدم مشاركة السودانيين من جهة أخرى.
https://x.com/hatimelsir/status/1948720744722043184?t=Rb6GSUMi1DkOgOyBy5rtiw&s=08
من جانبه قال أنور قرقاش مستشار الرئيس الإماراتي إن بلاده تدعم بقوة إنهاء الحرب الأهلية في السودان، وتؤمن أن مستقبل السودان يكمن في “حكومة مستقلة بقيادة مدنية”.
https://x.com/AnwarGargash/status/1948409439498752457?t=DhLdm4iDEUrimWFDIxxZw&s=08
وأوضح أنور قرقاش في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”:”ربما تُنقل رسالتنا بشكل خاطئ، أو ببساطة لم تُسمع بوضوح. لذا، دعونا نكون واضحين: تدعم الإمارات العربية المتحدة بشدة الإنهاء الفوري للحرب الأهلية في السودان”.

القضاء على الثورة

قال المحلل السياسي محمد لطيف إن موقف أنصار النظام البائد الرافض لاجتماعات الرباعية يعبر عن سعيهم لتحقيق أهدافهم الرئيسة المتمثلة في القضاء على ثورة ديسمبر وعلى جميع القوى الفاعلة التي أنجزت التغيير على حساب النظام البائد.
وأضاف في حديثه لـ «التغيير» إن ذات القوى التي تناهض الرباعية الآن هي التي أفشلت اتفاق جدة والمنامة بعد توقيع الجيش عليهما، ومن ثم أفشلت لقاء جنيف بعد أن قدمت الإدارة الأمريكية كل التنازلات الممكنة لقيادة الجيش.
وقطع لطيف بأن هذه الجماعة لا تزال تملك ذات السيطرة والتأثير القادرين على ارغام قادة الجيش برفض المبادرة الأمريكية ولن يوقفهم إلا امتلاك الإدارة الأمريكية واجتماعات الرباعية على قدرة وتأثيرة ترغم الطرفين للوصول الى تسوية توقف إطلاق النار.
“اذا كانت الضغوط الأمريكية أكثر تأثيرا على الجيش من ضغوط الحركة الإسلامية يمكن أن نقول أن الرباعية ستثمر بنتائج إيجابية اتجاه وقف الحرب”.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.