أطياف
صباح محمد الحسن
ترتيب!!
طيف أول
إذ أننا لم نعرف الحياة قبل هذا، ولم نعلم لماذا قصدوا أن تجف أوتار أصواتنا قبل حينها!!
وتزايد الاهتمام الدولي في الأسبوع الماضي بالقضية السودانية، وأيقظت زيارة قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، في نفوس الشعب السوداني الأمل من جديد، لا سيما أن الشعب يقف على حافة الضياع، بعد أن تضاعفت أزماته وزادت أوجاعه بسبب عمليات القتل والجوع والحصار، ووقفت الحكومتان عاجزتين عن رفع ثقل المعاناة عن كتف المواطن.
ولم تتوقف الإدارة الأمريكية عند دعوة البرهان إلى سويسرا، لكنها كانت ولا تزال تتواصل مع قيادة الدعم السريع، مما يعني أنها تعمل على تهيئة وترتيب المسرح التفاوضي من أجل تحقيق السلام، والذي غالبًا ما يفضى عاجلا إلى عملية تفاوضية رأسية بين قيادتي الجيش والدعم السريع فقط، وذلك تفاديًا لانفجار الأوضاع الإنسانية التي خيمت على المواطن في إقليم دارفور، والحرب التي انعكست آثارها على المواطنين في جميع أنحاء السودان الذين يعانون من ويلات الحرب بسبب النزوح واللجوء وضيق العيش.
وقد لا يكون هذا التوجه حصريًا على تفاقم الأزمة السودانية، بل إن التفاوض الثنائي بين قيادتي الجيش والدعم السريع قد يأتي أيضًا للحد من العمليات التخريبية الكيزانية المستقبلية التي تهدف إلى هدم جسر الحوار.
وهو ما يرجّح ما ذهبنا إليه: أن تكون عملية التفاوض عبارة عن مسودة اتفاق يتم التوقيع عليها بعد أن ينظر فيها كل قائد فيما يليه ويبدي ملاحظاته، على أن تكون الجولة الثانية منصة توقيع من الطرفين بشهادة دولية.
كما أن التجارب الفاشلة لعمليات التفاوض السابقة، وإجهاضها من قبل الإسلاميين، هي من أبرز الأسباب التي تجعل الإدارة الأمريكية حريصة على حصر التفاوض في دائرة مغلقة، القرار فيها يعود لقائدين عسكريين لا ثالث لهما.
وأعلنت “تأسيس” أمس عن ترحيبها بالتفاوض وإحلال السلام، إلا أنها حاولت أن تنزع الخوف الذي يخشاه الناس من تدخل الإسلاميين لعرقلة الحل، وقالت: إن التفاوض هو الوسيلة لإنهاء الحرب، لكنه لن يكون كسابقاته من الجولات التفاوضية التي عبث بها وخربها تنظيم “الإخوان المسلمين”!!
وبالرغم من أن “تأسيس” لا تملك حلولًا للأزمة، فإن دعمها للتفاوض وترحيبها بالسلام يُعدّ أفضل خطاب سياسي لها في الرد على مجلس الأمن الذي رفضها، حيث قالت: “إن غايتها هي تحقيق السلام”، وبهذا أكدت عدم تمسكها بالسلطة أمام ما يعانيه المواطن من ويلات، وهي رسالة واضحة في بريد حكومة بورتسودان التي يتشبث كيزانها بالسلطة.
وتبقى الأزمة الكارثية الإنسانية في الفاشر هي الدافع الذي يعجّل بعملية الحل.
وهو ما أكده مستشار ترامب للشؤون الإفريقية بعد لقاء البرهان، إذ أعرب عن قلق واشنطن إزاء التقارير عن أعمال عنف تمارسها “الدعم السريع” ضد المدنيين في الفاشر.
وجددت الخارجية الأميركية أمس التزامها بدعم الحوار الذي يؤدي إلى إحلال السلام وإنهاء معاناة الشعب السوداني.
المعاناة التي وصفها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، بأنها “مذهلة” وتتزايد يومًا بعد يوم، مشيرًا إلى أن نحو 12 مليون شخص، أي واحد من كل أربعة سودانيين، اضطروا للنزوح من منازلهم، وهو ما يعادل نزوح جميع سكان ولايات كاليفورنيا ونيويورك وفلوريدا مجتمعة.
وشدد المبعوث الأممي على أن السودان يشهد أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم، حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وتتفاقم الأوضاع بسبب تدهور الأمن الغذائي، والارتفاع الحاد في معدلات سوء التغذية، واستشراء أمراض مثل الكوليرا بسبب الاشتباكات. كما بلغ العنف القائم على النوع الاجتماعي مستويات مقلقة، وحُرم 17 مليون طفل من التعليم، مما يهدد مستقبل جيل بأكمله.
لذلك، فإن دعم الخطوات التي تقرّب من السلام هي التي تُبعد الإنسان السوداني عن جحيم الحرب وترفع المعاناة عن انسان الفاشر.
لذلك فإن من أهم ما قامت به القوى المدنية الرافضة للحرب أنها تبارت في الترحيب بمبادرة سويسرا، وعدّتها واحدة من أهم الخطوات الحقيقية التي يمكن أن تكون بداية في طريق السلام، استجابة للنداء الإنساني، وعملية لإنقاذ الأرواح التي تصارع الموت.
طيف أخير:
#لا_للحرب
المرأة في مدينة الفاشر تستغيث… فهل من مجيب!!
المصدر: صحيفة التغيير