منذ أبريل 2023، تشهد السودان صراعًا مسلحًا واسع النطاق، أدى إلى نزوح ملايين المدنيين وتدمير البنية التحتية والخدمات الحيوية، وسط اتهامات لحزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية باستغلال الفوضى لتأجيج الصراع وتعطيل جهود السلام واستقرار الدولة..

التغيير: وكالات: الخرطوم

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة مع Just the News صباح الأحد، إنه سيصنّف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة تستهدف مجموعة لطالما اتهمت بتزعزع استقرار الشرق الأوسط وتجذير التطرف بين الشباب المسلمين.

وأوضح ترامب: “سيتم ذلك بأقوى وأشد العبارات قوة”، مشيراً إلى أن الوثائق النهائية لإتمام القرار قيد الإعداد. وجاء الإعلان بعد أيام قليلة من نشر Just the News تحقيقاً مطولاً حول أنشطة الجماعة والمخاوف المتزايدة داخل إدارة ترامب، مؤكداً أن هذه الخطوة كانت قيد الدراسة منذ فترة رئاسته الأولى.

جماعة الإخوان المسلمين تأسست قبل نحو قرن في مصر، ولها فروع وأحزاب وحركات تابعة حول العالم، منها حماس في فلسطين، والعديد من الحركات الإسلامية الأخرى في الشرق الأوسط وأوروبا.

وقال خالد عمر يوسف، القيادي في (تحالف صمود)، تعليقًا على اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، إن ما أُعلن «قليلٌ مما تستحقه هذه الجماعة الإرهابية التي ساهمت في تدمير المنطقة بأسرها، وكان السودان نصيب الأسد من شرورها».

وأضاف عبر تغريدة على منصة (أكس) الأحد أن الجماعة «مزّقت البلاد إلى دولتين، وارتكبت الإبادة الجماعية في الجنوب ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وها هي الآن تصبّ الوقود على حربٍ تعصف بكامل البلاد دون رحمة».

الإجراءات الأمريكية والإقليمية

وفي الأسبوع الماضي، صنّف حاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ أبوت الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) كـ”منظمات إرهابية أجنبية ومنظمات إجرامية عابرة للحدود”. ونفت CAIR هذا التصنيف ورفعت دعوى قضائية ضد حكومة الولاية، معتبرة أن القرار ينتهك حقوق أعضائها الدستورية في الملكية وحرية التعبير، وفقاً لما ذكرته Politico.

وكان الجمهوريون في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، إلى جانب بعض الديمقراطيين، قد ضغطوا على وزارة الخارجية لتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية. وأشار وزير الخارجية ماركو روبيو في أغسطس الماضي إلى أن التصنيف “قيد الإعداد”، لكنه أضاف أن العملية طويلة ودقيقة بسبب تعدد فروع الجماعة وحركاتها التابعة التي يجب فحصها بشكل فردي.

وعلى الصعيد الإقليمي، اتخذت عدة دول إجراءات مماثلة، حيث حظرت مصر والأردن الجماعة، وصنفتها السعودية والإمارات والبحرين كمنظمة إرهابية، ما يعكس وجود سياق دولي ودعم واسع لهذه الخطوات.

رد الإخوان المسلمين

خلال إدارة ترامب الأولى، دافعت الجماعة عن نفسها ضد احتمال تصنيفها إرهابية، مؤكدة في 2019 أنها ستواصل عملها وفق ما تصفه بـ”تفكير معتدل وسلمي” لخدمة المجتمعات التي تنشط فيها. وأضافت الجماعة: “الإخوان سيظلون أقوى بعون الله وقدرته من أي قرار”. ويعرف شعار الجماعة بأنه: “الله هدفنا، والنبي قائدنا، والقرآن شريعتنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا”.

مواقف قيادات أمريكية

حاكم تكساس أبوت شدد على أن الإخوان وCAIR “يسعون لفرض الشريعة بالقوة وتحقيق الهيمنة الإسلامية على العالم”، مؤكداً أن أنشطتهم “لدعم الإرهاب عالمياً وتقويض القوانين باستخدام العنف والترهيب غير مقبولة”. وأمر أبوت وزارة السلامة العامة في تكساس بفتح تحقيقات جنائية بحق الجماعة وCAIR لتعقب أي نشاط إرهابي أو فرض الشريعة بشكل غير قانوني.

كما قدم السيناتور الجمهوري تيد كروز ومجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ مشروع قانون لتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، مشيراً إلى ارتباط الجماعة بفروع إرهابية مثل حماس، التي ارتكبت هجمات أسفرت عن مقتل واغتيال العشرات، بما في ذلك أمريكيون. وأكد كروز أن الجماعة تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأمريكي.

خلفية تاريخية

تأسست الإخوان المسلمين على يد الإمام الحسن البنا في مصر عام 1928 بهدف إقامة دولة إسلامية تطبق الشريعة. وساهم المفكر سيد قطب في وضع أيديولوجية الجهاد التي ألهمت جيلًا من الجماعات الجهادية، بما في ذلك تنظيم القاعدة وداعش.

ساهمت الجماعة في تأسيس حركات إرهابية مثل الجهاد الإسلامي الفلسطيني، والجماعة الإسلامية في مصر، وكان لها دور في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981. كما تولى محمد مرسي، أحد قادة الإخوان، رئاسة مصر بين 2012 و2013 قبل الإطاحة به بعد احتجاجات واسعة.

تقييمات وملاحظات بحثية

أظهرت دراسات عديدة أن الإخوان يمثلون مصدر إلهام فكري للجماعات الإسلامية المتطرفة، وأن بعض فروعهم في الولايات المتحدة وأوروبا تمارس أنشطة سياسية واجتماعية تستغل الديمقراطية لتعزيز أهداف معادية للديمقراطية. وتشير تقارير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) إلى أن الجماعة تعمل على نشر العنف والفكر المتطرف، وأن فروعها تعد مدخلاً للتطرف الإرهابي في أنحاء العالم.

في أغسطس الماضي، دعا تحالف القوى المدنية الديمقراطية في السودان (صمود) لتصنيف المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية السودانية كمنظومة إرهابية على المستويين المحلي والدولي.

وأكد التحالف أن هذه الدعوة تستند إلى تاريخ طويل من الانقلابات، وانتهاكات حقوق الإنسان، واستغلال الدولة لمصالح الجماعة، وإدامة سياسات القمع، والعنف المنهجي ضد المدنيين، والنساء، والأقليات الدينية، إلى جانب دعم الإرهاب وتمويله عبر شبكة واسعة من العلاقات الإقليمية والدولية.

ويشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 حرباً مدمّرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، تسبّبت في نزوح الملايين وانهيار واسع في الخدمات الأساسية وتدهور الأوضاع الإنسانية في معظم الولايات.

ويواجه حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في السودان إتهامات متكررة بلعب دور في تأجيج النزاع وتعقيد جهود وقف إطلاق النار، من خلال ارتباطات بميليشيات محلية، وإعادة تنشيط شبكات التعبئة القديمة، وتصاعد خطاب الكراهية الذي يوثَّق على نطاق واسع في وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.