التدهور الكبير في الاقتصاد السوداني لفت نظر الجهات المختصة حيث اعتبر تقرير صدر حديثًا عن مركز الدراسات النقدية في جامعة زيورخ أن السودان أصبح إحدى الحالات النادرة عالميًا التي تجاوزت أزمة العملة إلى ما يُعرف اقتصاديًا بمرحلة “ما بعد العملة..
تقرير: التغيير
عندما قامت الحرب في السودان منتصف أبريل 2023 كان سعر جركانة زيت الفول (25) الف جنيه والآن السعر في خضم الحرب المندلعة يتراوح ما بين (100_105) الف جنيه في الولايات الوسطى والآمنة بمعنى أن السعر تضاعف أربعة مرات مرات.
التدهور الكبير في الاقتصاد السوداني لفت نظر الجهات المختصة حيث اعتبر تقرير صدر حديثًا عن مركز الدراسات النقدية في جامعة زيورخ أن السودان أصبح إحدى الحالات النادرة عالميًا التي تجاوزت أزمة العملة إلى ما يُعرف اقتصاديًا بمرحلة “ما بعد العملة” وهي الحالة التي تفقد فيها العملة المحلية وظيفتها الأساسية كوسيلة تبادل وتسعير، وتتحول إلى مجرد رمز سياسي أكثر منها أداة اقتصادية.
يؤكد التقرير أن التدهور الحاد الذي حدث بعد اندلاع الحرب الحالية في قيمة العملة السودانية، والذي وصل إلى نسبة 560%، لم يؤدِ فقط إلى فقدان الثقة بالعملة، بل دفع المواطنين والتجار إلى استبدال الجنيه فورًا بأي عملة أجنبية متاحة.
الجنيه السوداني فقد (40%) من قوته منذ بدء الحرب
باحث اقتصادي
معدل التضخم
الجهاز المركزي للإحصاء في السودان في آخر تقاريره كشف عن ارتفاع معدل التضخم السنوي في أغسطس 2025 ليصل إلى 81.61%، مقارنة بـ 78.39% في يوليو 2025. وذكر الجهاز في بيان أن معدل التضخم شهد ارتفاعاً بنسبة 81.61% مقارنة بالشهر السابق.
يقول الباحث الاقتصادي عثمان حمد الله لـ (التغيير) أن الجنيه السوداني فقد (40%) من قوته منذ بدء الحرب وحتى الآن.
فقدان الثقة بالعملة الوطنية أمر خطير
خبير اقتصادي
وأضاف: مثلا عندما قامت الحرب كان سعر جركانة زيت الفول (25) الف جنيه والآن السعر يتراوح ما بين (100_105) الف جنيه في الولايات الوسطى والآمنة بمعنى أن السعر تضاعف (4) مرات وهذا أبسط مثال علي التضخم.
يقول: المواطن هو من يدفع الثمن التاجر البسيط أصبح يعرف أن السلعة تزيد مع التضخم والدولار، ويرتب وضعه تفاديا للخسارة.
إذا كان مرتب موظف صغير (300) الف جنيه لا يمكنه شراء المواد الأساسية للشهر الدقيق الزيت والسكر والبصل ناهيك عن بقية المستلزمات.
وبحسب حمد الله، فإن العديد من المواطنين بدأوا يفقدون ثقتهم بالعملة خاصة التجار والناشطين اقتصاديا هؤلاء يقومون بتحويل العملة الوطنية إلى دولار تفاديا للخسائر المتوقعة مستقبلا.
ويشير عثمان حمد الله أن فقدان الثقة بالعملة الوطنية أمر خطير من شأنه أن يدفع البعض لمغادرة البلاد والبحث عن عمل بالخارج أيضا فقدان الثقة سيدفع لشراء الذهب والعملات الأخرى وتخزينها كما ذكرت وبالتالي تفاقم الأزمة.
إيقاف الحرب
يؤكد حمد الله أن الحل معروف في إيقاف الحرب ومن ثم بدء برنامج إصلاح اقتصادي وفق برنامج زمني محدد.
يقول المحلل الاقتصادي المعروف أبو عبيدة أحمد سعيد لـ”لتغيير” في السودان، لم يعد انهيار الجنيه حدثًا اقتصاديًا عابرًا، بل أصبح قضية وطنية تُناقش في كل مجلس ومناسبة، ومع كل صباح جديد يحمل لنا رقمًا جديدًا لسعر صرف الدولار.
يكفي أن تعلم أن العجز في الميزان التجاري السوداني كان يسجل عجزًا سنويًا يزيد عن 3.5 مليار دولار خلال العقد السابق للحرب، نتيجة ضعف الصادرات وارتفاع فاتورة الواردات ومع الحرب، تفاقم الوضع أكثر
تقارير دولية
يقول سعيد في 10 أبريل 2025 أصدر البنك الدولي تقريره عن السودان، وجاءت الأرقام لتكشف حجم التحديات: عدد السكان بلغ 49.4 مليون نسمة أكثر من 19.3 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر (إنفاق أقل من 3.65 دولاراً يوميًا).
ويشير أبو عبيدة إلى أن معدلات التضخم ارتفعت وهبطت بشكل متقلب 164.2% عام 2022، ثم انخفضت إلى 65.8% في 2023، لكنها قفزت مجددًا إلى 170% في 2024، مع توقعات بالهبوط إلى 89.4% في 2025، ثم 33.1% في 2026.
وأوضح أحمد سعيد إلى أن التضخم الركودي: الأخطر، حيث ترتفع الأسعار في ظل توقف الإنتاج وضعف فرص العمل وما يعيشه السودان اليوم هو شكل من التضخم الركودي، حيث الأسعار تتصاعد بلا توقف، بينما عجلة الإنتاج شبه معطلة.
يقول أبو عبيدة من المستغرب أن السودان لم يستفد من الذهب فالجنيه يخسر يوميا جزءاً من قوته ولا أثر الذهب المستخرج علي الاقتصاد والسوق يشتعل يوميا يحرق جيوب المواطنين.
يقول أبو عبيدة أحمد سعيد، حتى يكسب السودان الحرب الاقتصادية، لا بد من خطة عملية تقوم على ترشيد الإنفاق الحكومي. خفض الصرف غير الضروري؛ لأن البلاد تعيش في ميزانية حرب تقليص البعثات الدبلوماسية الخارجية والإنفاق عليها بما يتناسب مع المرحلةإلى جانب تشجيع المنتجين المحليين خاصة المشاريع الزراعية وتقليل الاعتماد على الواردات والسيطرة على السياسة النقدية وكذلك وقف طباعة النقود بلا إنتاج حقيقي.
المصدر: صحيفة التغيير