تحوّلت لمدينة أشباح.. «نيالا تنزف» موت ونزوح جماعي وانقطاع لشبكات الاتصالات
تعيش مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور «ثاني أكبر مدن السودان من حيث السكان» أوضاعاً إنسانية أقل ماتوصف بالسئية نتيجة للقتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
الخرطوم:التغيير
عشرات القتلي من المدنيين سقطوا نتيجة للرصاص والدانات التي تتساقط على المنازل بصورة عشوائية حيث تتمركز قيادة الجيش في وسط المدنية وقوات الدعم السريع حول وداخل المدينة الأمر الذي يفسر سقوط عدد كبير من الضحايا وسط المدنيين.
وفي تطور مؤسف للأوضاع منذ يومين قتل «14» من المدنيين جراء قصف جوي لطيران الجيش استهدف مواقع الدعم السريع بالمدينة ما خلف عدد كبيراً من الضحايا بين قتيل و جريح ما دفع آلاف المواطنين للنزوح وترك منازلهم بحثاً عن الأمان المفقود.
انقطاع شبكات الاتصالات
ويعاني أهالي مدينة نيالا بالخارج في سبيل التواصل مع معارفهم واقرباءهم بسبب انقطاع الاتصالات والانترنت والكهرباء ما حول المدينة إلى جزيرة معزولة عن العالم الخارجي، فيما ارتفعت أعداد النازحين بصورة كبيرة خلال الأيام الماضية وبحسب إحصائيات غير رسمية فإن عدد النازحين من نيالا إلى الفاشر والمعسكرات وخارج المدينة يقدر ب(35) ألف مواطن.
نهب وسلب
وفور اشتعال الصراع ودخول قوات الدعم السريع للمدينة مارست النهب والسلب للمؤسسات العامة والخاصة ولم تسلم منازل المواطنين من عمليات السرقة الأمر الذي دفع السكان للهرب وتحويل أموالهم لأماكن بعيدة من مناطق النزاع بما فيها خزن البنوك الحكومة والتجارية.
قتال ضاري
الاشتباكات بين طرفي النزاع استخدمت فيها منذ اللحظة الأولى الأسلحة الثقيلة وسط المدنيين .
ولكن سرعان ما انتقل القتال إلى أجزاء المدينة شمالها وجنوبها وشرقها وغربها حيث تسللت قوات الدعم السريع للأحياء السكنية وتمترست القوات المسلحة داخل الفرقة (16) و بحسب شهود عيان فإن طبيعة القتال لم تكون مباشرة أي أن الإشتباكات المباشر لم تحدث إلا في مرات قليلة في احداها تكبدت قوات الدعم السريع مئات القتلي والجرحي بعدها اتبعت نفس اسلوب الحرب في الخرطوم بالدخول في الأحياء ومحاولة حصار قيادة الفرقة (16) وسط المدينة.
مسيرات وطائرات
هذا الوضع نجم عنه تبادل لإطلاق النيران داخل المدينة وسط الأحياء السكنية حيث يتواجد طرفي النزاع.
وبات منظر المسيرات وكاميرات الدرون وأحيانا طائرات الميج في سماء نيالا واصوات المضادات أمرا مألوفا لدي المواطنين.
واستمرت بعدها الحرب بوتيرة متباينة تتوقف احيانا لفترات ولكن ماتلبث أن تعود أقوى من الأول مما ادي إلى فرار الأهالي من المدينة باتجاه مدينتي الضعين بشرق دارفور التى أصبحت ملجأ للكثيرين بجانب الفاشر بشمال دارفور.
دانات وسط المناطق السكنية
وقال شهود عيان لـ «التغيير» إن القذائف والدانات تتساقط على معظم أحياء نيالا خاصة السكة حديد وحي الوادي وكرري موسيه تكساس حاليا التى بدأت خالية تماماً من السكان بعد سقوط اعداد كبيرة من الضحايا.
و أوضح أن أحياء شرق، الجبل، طيبة، النيل ،الرحمن، القادسية، السكة الحديد تعتبر الأكثر تضرراً بشكل واضح في الأرواح والمباني و أن غالبية الإصابات والضحايا من الأطفال والنساء للأسف الشديد.
أيضاً أحياء غرب الجير شمال و جنوب في مقدمة الأحياء المتضررة بعد سقوط ضحايا من المدنيين تليها مناطق النهضة والدروة و خرطوم بليل السد العالي وحي رايق.
نهب و سلب
الناشط أحمد يعقوب أكد لـ «التغيير» من مدينة الفاشر أنه خرج بصعوبة من نيالا قبل أيام قليلة برفقة أسرته حيث استقروا عند زويهم بالفاشر التي تشهد أيضاً اشتباكات بين الحين والآخر ولكنها أقل حدة بكثير مما يحدث في نيالا.
يقول يعقوب إن سقوط الدانات عشوائياً على الأحياء السكنية أجبر السكان على مغادرة المدينة.
كما تشهد المدينة فوضي شاملة من نهب وسلب من قبل قوات الدعم السريع والمتفلتين والقتل يوزّع بالمجان للسكان فالذين لاتحصدهم الدانات يقتلون برصاص النهابين واللصوص، كما أن الكثيرين لايستطيعون الخروج بسبب الظروف الاقتصادية بل بعضهم لايملك ثمن وجبة.
إنتهاكات و إختطاف
مؤخراً تم اختطاف المدافع الحقوقي أحمد محمد عبدالله اللورد وجاره وزميله آدم عمر وطالب الخاطفون بفدية (٣) مليون وقبل أن يتواصل ذويهم معهم وجدوا جثثهم في الشارع هذا قليل من كثير هنالك عشرات المفقودين
دور سالب للإدارات الأهلية
وحمل مواطنين من أبناء نيالا مقيمين بالخارج تحدثوا لـ «التغيير»
زعماء الادارة الاهلية بجنوب دارفور جزء من مسؤولية مايحدث من قتال.
وأكدو أن الجهود الشعبية والأهلية بالتعاون مع قيادات الحركات المسلحة الموقعة على السلام كادت أن تنجح في نزع فتيل الأزمة وإيقاف الصراع (بصورة مؤقتة) لولا البيانات المساندة من زعماء الإدارات الأهلية لقوات الدعم السريع ما شجع علي استمرار القتال.
نداء إنساني
و أرسلت مبادرة غرفة طوارئ مدينة نيالا نداء إنساني عاجل إلى المنظمات الإنسانية الأُممية والمحلية و جميع القنوات الإعلامية والصحف العالمية والمحلية الجهات ذات الصله بضرورة مساندة سكان المدينة ووصفت الغرفة في بيان تحصلت عليه لـ «التغيير» الوضع بالكارثي ويتجاوز كل الحدود و التوقعات نتيجة لإستمرار المعارك بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة.
تردي الوضع الصحي
و تسببت الإشتباكات في سقوط عدد كبير من الضحايا العزل من المواطنين وعدد لا حصر له من الإصابات والإنتهاكات الإنسانية مع خروج كل مستشفيات الولاية من الخدمة بسبب الأعداد المهولة من الإصابات والإنعدام التام للمواد الصحية وأدوية الطوارئ بالولاية وعربات نقل المصابين إلى مراكز الإسعافات الأولية وتقييداً كلياً لحركة الكوادر الصحية داخل الولاية من الجهات المتحاربة.
وأوضح البيان أن إنقطاع خدمات الإتصال والتواصل بجميع الشبكات بالولاية أعاق بشكل كلي وصول متطوعي الإسعافات الأولية لتقديم الخدمات المنقذة للحياة وحصر عدد الضحايا، ما تسبب بتهجير شبه كلي لمناطق وسط وجنوب المدينة وهروب الألاف من الأطفال والنساء إلى مناطق شمال وغرب المدينة في وضع كارثي بلا مأوى ولا ماء ولا غذاء .
مطالب
ودعت مبادرة غرفة طوارئ نيالا الأطراف المتقاتلة إلى وقف فوري لقصف وقتل وتشريد المدنيين بمدينة نيالا .
كما ناشدت جميع المنظمات الإنسانية للتدخل العاجل لإنقاذ سكان الولاية ومدهم بالادوية الصحية المنقذة للحياة ( الشاش الطبي، المحاليل الوريدية، الجبص الطبي، أجهزة الكسور، مسكنات الألم، أدوية التخدير، وجميع أدوية الطوارئ).
بجانب المواد الغذائية (مياه الشرب،الخيم والمعدات الوقائية، المواد التموينية الضرورية للحياة).
أيضا المواد التشغيلية للمولدات الكهربائية الخاصة بالمستشفيات وسيارات الإسعاف.
نقل الصراع للخارج
وبحسب بيان لمنتدى أبناء إقليم دارفور بتوقيع الأستاذ عبد الله آدم خاطر رئيس مجلس الحُكماء فإن الحرب تسببت في مقتل وتشريد الآف من سكان المدينة.
واهاب البيان بأطراف الحرب للكفَّ عن الإقتتال داخل المدن السودانية، مدينة نيالا نموذجا وأن يوقفوا الحرب ويجنحوا للسلم.
وإن كان لا بُدَّ من الإقتتال بينهما، أن يفعلوا ذلك خارج المدن لجهة أن الإقتتال داخل المدن يعني إستهداف المدنيين والأعيان المدينة وتدميرها ونوه إلى أنها جرائم حرب بموجب القانون الجنائي الدولي.
إيقاف الحرب
و أعلن منتدي أبناء إقليم دارفور وضع كل طاقته، وقواه البشرية، وهياكله، وخبراءه فى مختلفِ المجالات، وقواه المدنية، وإداراته الأهلية فى ولايات الإقلميم الخمس تحت تصرف السودان وشعبه لإيجاد وتسهيل مناخ ملائم لوقف الحرب.
المصدر: صحيفة التغيير