البحث التالي تم اعداده بواسطة الذكاء الصناعي لكتابي الخندق وبيت العنكبوت للكاتب الصحفي فتحي الضو .. ورغم ان الكتب تتناول عهداً قد مضت عليه الأعوام إلا أن السودان يعود تدريجياً إلى دولة القمع والاضطهاد التي صممها الإسلاميون… والأسماء التي اختفت ستعود أسماء بديلة لها لتؤدي ذات الأدوار.

الجزء الأول: أساس الطغيان

يستند هذا القسم إلى تأسيس السياق الإيديولوجي والتاريخي لصعود النظام إلى السلطة، ويجادل بأن أساسه قد بُني على خداع متعمد: تسليح الدين للاستيلاء على السلطة وتوطيدها.

1.1 انقلاب 1989: خدعة إيديولوجية

يبدأ التحليل بتناول ظروف الانقلاب العسكري في 30 يونيو 1989، الذي أطاح بنظام برلماني منتخب. يسلط التقرير الضوء على الخداع المبدئي حيث أنكرت الجبهة الإسلامية القومية، المهندس الحقيقي للانقلاب، تورطها علناً في البداية. ويفصّل مبررات الجبهة الإسلامية القومية للانقلاب، مستشهداً بتصريح الدكتور حسن الترابي بأن “الحركة الإسلامية لا تستطيع الوصول [إلى السلطة] بالديمقراطية، لأن الاتجاه العالمي كان لا يقبل الإسلام في الحكم”. ويُؤطَّر هذا كاعتراف بالانتهازية الإيديولوجية على حساب المبدأ الديمقراطي.

يشرح السرد كيف قدم النظام نفسه في البداية على أنه مجلس إنقاذ وطني عسكري لتضليل كل من الرأي العام السوداني والقوى الإقليمية مثل مصر وليبيا. كان هذا الفعل من “التقية” استراتيجية تأسيسية.

1.2 المشروع الحضاري: تفكيك الشعار

يعمل هذا القسم الفرعي على تفكيك الشعار الإيديولوجي المركزي للنظام، “المشروع الحضاري”. يجادل التقرير بأن هذا كان مصطلحاً تسويقياً أجوفاً مصمماً لإخفاء استيلاء فج على السلطة. تُستمد الأدلة من الإجراءات الفورية التي اتخذها النظام: إنشاء “بيوت الأشباح” للتعذيب، والإعدام بإجراءات موجزة لـ 28 ضابطاً عسكرياً في رمضان 1990، والفصل الجماعي لموظفي الخدمة المدنية (“التمكين”) لاستبدالهم بموالين.

يقارن التقرير بين الادعاءات السامية للمشروع والانهيار المجتمعي الذي أحدثه، مستشهداً بمثال دار المايقوما للأطفال مجهولي الأبوين، التي أصبحت رمزاً للانهيار الاجتماعي في ظل سياسات النظام.

1.3 تسليح العقيدة: فقه الطغيان

يحلل هذا الجزء المبررات اللاهوتية التي ساقها النظام لجرائمه. ويركز على مفهوم “فقه الضرورة”، الذي استولى عليه النظام لإضفاء الشرعية على أعمال القتل والتعذيب وسرقة الأموال العامة. كما يناقش التقرير توظيف النظام لمفهوم “الجهاد” في الحرب في جنوب السودان، محولاً صراعاً سياسياً إلى حملة دينية. وقد خدم هذا حشد قاعدة محلية وتوفير إمداد مستمر من المجندين الشباب لحرب وحشية، كما يتضح من “قوات الدفاع الشعبي” واحتفالات “عرس الشهيد” البشعة.

إن ما تكشفه هذه الممارسات ليس مجرد تفسير خاطئ للمبادئ الإسلامية، بل هو قلب متعمد لها. فقد استخدم النظام مصطلحات إسلامية راسخة مثل “فقه الضرورة” و”الجهاد” و”الشريعة”، لكنه طبقها بطريقة تعكس نقيض معانيها التقليدية. فمفهوم “فقه الضرورة”، الذي كان مبدأً محدوداً للبقاء الفردي، تم توسيعه بشكل بشع لتبرير عنف الدولة الممنهج. أما “الجهاد”، وهو مفهوم معقد، فقد تم اختزاله إلى أداة للحرب الداخلية ضد المواطنين. لم يكن هذا مجرد تفسير معيب للإسلام، بل كان بناءً متعمداً لإيديولوجية موازية ومفترسة ترتدي ثوباً إسلامياً. لقد خلق هذا عالماً أخلاقياً مغلقاً تم فيه تعليق المحرمات التقليدية ضد القتل والسرقة والعنصرية لأعضاء “الجماعة الداخلية” في خدمة “المشروع”. كان لهذه الاستراتيجية تأثير تآكلي مدمر وطويل الأمد على دور الدين في الحياة العامة السودانية. فمن خلال احتكار الخطاب الديني وتحريفه على مدى ثلاثة عقود، جعل النظام التعبيرات العلنية عن التدين مرادفة للنفاق وعنف الدولة، مما أدى في النهاية إلى تغذية العلمانية وحتى الإلحاد كرد فعل، وهي ظاهرة لوحظت في كتاب “الطاعون”.

الجزء الثاني: تشريح جهاز الأمن: الطاعون

يُشرّح هذا القسم جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ويجادل بأنه ليس مجرد أداة للدولة بل أصبح هو الدولة نفسها كيان قائم بذاته يسيطر على جميع مفاصل السلطة.

2.1 جهاز الأمن والمخابرات كـ”دولة داخل الدولة”: الهيكل التنظيمي

يقدم التقرير خريطة مفصلة للهيكل التنظيمي لجهاز الأمن والمخابرات الوطني كما ورد في كتاب “الطاعون”. ويشمل ذلك هيئاته الرئيسية السبع: هيئة المعلومات، وهيئة الأمن المركزي، وهيئة المخابرات الخارجية، وهيئة المخابرات المضادة، وهيئة الإدارة، وهيئة العمليات والطوارئ، والهيئة الاقتصادية. ويفصّل وظائف الإدارات الرئيسية، مثل الدائرة السياسية والاجتماعية (المسؤولة عن اختراق المعارضة)، والهيئة الاقتصادية (التي تدير إمبراطورية الجهاز التجارية)، وهيئة العمليات (المسؤولة عن الأعمال شبه العسكرية وقمع الاحتجاجات).

جدول 1: الخريطة التنظيمية لجهاز الأمن والمخابرات الوطني

يحلل هذا القسم الفرعي القدرات التكنولوجية لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، مع التركيز على شبكته الإلكترونية الداخلية، التي تحمل الاسم الرمزي “الهدهد”. ويوضح التقرير كيف يُستخدم هذا النظام للاتصالات الداخلية وتقديم التقارير وتبادل المعلومات بين ضباط الجهاز. ويُقدَّم الاختراق المزعوم للمؤلف لهذا النظام كمصدر أساسي للكثير من الوثائق الداخلية في الكتاب. ويفصّل أساليب المراقبة الأوسع للجهاز، بما في ذلك مراقبة الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي واستخدام المعدات التقنية للتسجيل والتصوير السري، غالباً بدعم من خبراء أجانب.

2.3 الإمبراطورية الاقتصادية: الشركات، الواجهات، واللصوصية

يوثق هذا الجزء شبكة الشركات التجارية الواسعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، والتي تخدم تمويل عملياته وإثراء قياداته. ويسرد شركات محددة وردت في كتاب “الطاعون”، مثل تلك العاملة في قطاع البترول (بترونيد، هجليج)، والخدمات الأمنية (الهدف)، والطيران (الراية الخضراء)، بالإضافة إلى حصصه في الاتصالات وتعدين الذهب.

كما يغطي التقرير سيطرة الجهاز على وسائل الإعلام (المركز السوداني للخدمات الصحفية، سودان سفاري) والمراكز البحثية، التي تعمل كأذرع دعائية وواجهات لجمع المعلومات الاستخبارية.

إن العلاقة بين الأمن والفساد المالي ليست عرضية، بل هي علاقة تكافلية عضوية. فالكتب لا تتعامل مع جهاز الأمن والفساد كقضيتين منفصلتين؛ بل هما متشابكتان بشكل لا ينفصم. جهاز الأمن ليس مجرد حامٍ لنخبة سياسية فاسدة؛ بل هو المحرك الأساسي لذلك الفساد. تعمل هيئته الاقتصادية كصندوق ثروة سيادي لقطاع الأمن، حيث تستولي على أصول الدولة وإيراداتها. وهذا يخلق نظاماً ذاتي الديمومة وشديد المرونة. إن القوة الهائلة للجهاز تسمح له بالاستيلاء على الفرص الاقتصادية وقمع أي تحقيق ، بينما تُستخدم الأرباح الناتجة عن هذه الإمبراطورية الاقتصادية لضمان ولاء وصمت أعضائه، من كبار الجنرالات إلى المخبرين في الشوارع، عبر نظام من الرعاية المالية من خلال البنوك التابعة. هذه البنية، المدعومة بميزانية أمنية تستهلك أكثر من 70% من ميزانية الدولة ، تجعل أي إصلاح سياسي أو اقتصادي تقليدي مستحيلاً. فأي محاولة لتحرير الاقتصاد أو إدخال الشفافية المالية تشكل تهديداً وجودياً مباشراً للمصالح الأساسية للجهاز. لذلك، سيقوم جهاز الأمن بتخريب أي جهود إصلاح حقيقية بشكل فعال، مما يضمن بقاء الدولة كدولة لصوصية أسيرة. وهذا يفسر الفشل المتكرر لبرامج الإصلاح الاقتصادي ومقاومة النظام الراسخة للمساءلة.

2.4 هندسة الخوف: التعذيب والاعتقال

يقدم هذا القسم الفرعي نظرة عامة مروعة على آلة القمع التي يمتلكها النظام، مع التركيز على مراكز الاعتقال التابعة له. ويصف “بيوت الأشباح” سيئة السمعة في أوائل التسعينيات ومركز الاعتقال الأكثر تنظيماً لاحقاً المعروف باسم “موقف شندي”.

يسرد التقرير الأساليب الممنهجة للتعذيب الجسدي والنفسي التي يستخدمها جهاز الأمن، كما هي موثقة في كتاب “الطاعون”، بما في ذلك الضرب، والصدمات الكهربائية، والحرمان من النوم، والعنف الجنسي (مستشهداً بحالة صفية إسحق). كما يتم تسليط الضوء على التورط الشخصي لمسؤولين رفيعي المستوى مثل الدكتور نافع علي نافع في جلسات التعذيب.

الجزء الثالث: مهندسو السلطة: صور من الطغيان

يقدم هذا القسم لمحات معمقة عن الشخصيات الرئيسية التي تشكل الدائرة الداخلية للنظام، بناءً على “المنظومة السداسية” المحددة في كتاب “الطاعون”. ويحلل خلفياتهم وشخصياتهم وأدوارهم المحددة في الحفاظ على النظام.

3.1 المنظومة السداسية: نظرة عامة

مقدمة للشخصيات الست الرئيسية التي تم تحديدها كنواة لسلطة النظام: عمر البشير، طه عثمان الحسين، بكري حسن صالح، عبد الغفار الشريف، محمد عطا المولى، ومحمد حمدان دقلو “حميدتي”.

جدول 2: المنظومة السداسية للسلطة

ملف شخصي مركب يحلل دور البشير. لا يُصوَّر كديكتاتور مطلق الصلاحيات، بل كواجهة يعتمد بقاؤه على موازنة الفصائل المتنافسة داخل دولة الأمن. تُفصَّل خصائصه الشخصية، لا سيما الاتهام بأنه كاذب معتاد (يلقبه زملاؤه بـ”الكضاب”) ، وتورطه الموثق في جريمة قتل قبل توليه الرئاسة. تُستشهد تصريحاته العلنية التي تجرّم نفسه فيما يتعلق بعدد القتلى في دارفور كدليل حاسم على مسؤوليته المباشرة عن جرائم الحرب.

3.3 “راسبوتين” القصر: طه عثمان الحسين

دراسة حالة مفصلة عن الصعود الصاروخي لطه عثمان من ضابط صغير إلى أقوى شخصية في القصر الرئاسي. يحلل التقرير أساليبه: الولاء المطلق لرؤسائه، وإدارة الشؤون الشخصية لأسرة الرئيس، واستخدامه المزعوم للمتصوفة والسحرة و”الفكي” لكسب نفوذ نفسي على البشير. دوره كمهندس رئيسي لتحول النظام نحو المحور السعوديالإماراتي، وحصوله على الجنسية السعودية أثناء توليه منصبه، والتحويلات المالية الضخمة التي يُزعم أنه تلقاها، تُفصَّل كدليل على استيلاء فرد واحد على الدولة بالتنسيق مع قوى أجنبية.

3.4 قياصرة الأمن: صلاح قوش، محمد عطا، وعبد الغفار الشريف

يستعرض هذا القسم الفرعي الشخصيات الرئيسية التي سيطرت على جهاز الأمن والمخابرات الوطني.

  • صلاح قوش: يُصوَّر كشخصية ماكرة ولكن متهورة، متورط بعمق في الفساد والعنصرية، ومهندس تعاون جهاز الأمن مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. ويتم تحليل سقوطه بسبب مؤامرة انقلاب مشتبه بها.

  • محمد عطا: يُصوَّر كشخصية أكثر بيروقراطية وغموضاً خلفت قوش، وركزت على إضفاء الطابع المؤسسي على سلطة الجهاز، كما يتضح من بناء “الأكاديمية العليا للدراسات الأمنية والاستراتيجية” الفخمة.

  • عبد الغفار الشريف: يُصوَّر كشخصية وحشية بشكل خاص، وسيد للتعذيب بملف نفسي مضطرب، والمشرف على مجمع اعتقال “موقف شندي”.

3.5 المنفذون: بكري حسن صالح ومحمد حمدان “حميدتي”

  • بكري حسن صالح: يُصوَّر كالناجي الوحيد من مجلس قيادة الثورة الأصلي المكون من 15 عضواً. ويوصف بأنه شخصية صامتة وغامضة، طول بقائه في السلطة لغز، ولكن يُزعم أنه يتعاطى المخدرات، وهو ادعاء يعكس الانحلال الأخلاقي للنظام.

  • “حميدتي”: يُرصد صعوده من قائد ميليشيا قبلية في دارفور إلى قائد قوات الدعم السريع القوية، وهي قوة شبه عسكرية موالية مباشرة للرئاسة. ويُؤطَّر التقرير قوات الدعم السريع على أنها بوليصة التأمين النهائية للنظام ضد أي انقلاب من الجيش النظامي أو جهاز الأمن نفسه.

إن التحول في بنية السلطة من القيادة الإيديولوجية للجبهة الإسلامية القومية إلى هيمنة شخصيات أمنية وعسكرية يكشف عن تطور حاسم. فالنظام الأصلي كان يقوده حزب إيديولوجي له رؤية واضحة. أما الشخصيات التي تتصدر المشهد الآن، كما ورد في “المنظومة السداسية” في كتاب “الطاعون”، فتُعرَّف بسيطرتها على القوة القسرية (قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، وجهاز الأمن بقيادة عطا) أو بولائها الشخصي وقربها من الحاكم (طه عثمان، بكري صالح). لم تعد الإيديولوجية هي المبدأ المنظم الأساسي للدولة. بدلاً من ذلك، انتقلت السلطة إلى مجموعة من قادة الأمن ورجال القوة الذين هدفهم الأساسي هو بقاء النظام والإثراء الشخصي. يمثل هذا التحول المرحلة النهائية من تدهور الدولة. لقد التهم النظام مبرراته الإيديولوجية، ولم يتبق سوى نظام قائم على المعاملات والولاءات المدعومة بالقوة الغاشمة. وهذا يجعل النظام أكثر هشاشة (لأن الولاء يمكن شراؤه وبيعه) وأكثر خطورة في لحظاته الأخيرة، حيث لا يملك هؤلاء الفاعلون أي قاعدة شعبية أو إيديولوجية يلجؤون إليها، سوى ميليشياتهم ووحداتهم الأمنية.

الجزء الرابع: سياسة خارجية قائمة على الازدواجية

يكشف هذا القسم عن التناقضات العميقة في السياسة الخارجية للنظام، ويجادل بأن إيديولوجيته المعلنة هي مجرد أداء مصمم لإخفاء تعامل براغماتي، مدفوع بالبقاء، مع نفس القوى التي يندد بها.

4.1 دراسة حالة في إرهاب الدولة: محاولة اغتيال مبارك

سرد شامل لمؤامرة يونيو 1995 لاغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا، بالاعتماد بشكل كبير على السرد المفصل في كتاب “الخندق”. سيذكر التقرير أسماء المخططين الرئيسيين داخل النظام السوداني (علي عثمان طه، نافع علي نافع، صلاح قوش) ويفصل الدعم العملياتي المقدم لنشطاء “الجهاد” المصريين. وسيتضمن مقتطفات من محاضر استجواب السلطات الإثيوبية للإرهابيين المقبوض عليهم، والتي تفصل صراحة تدريبهم ودعمهم في السودان.

4.2 المصافحة السرية: تعاون جهاز الأمن مع وكالة المخابرات المركزية

يقدم هذا القسم الفرعي الكشف الأكثر إثارة للدهشة من كتاب “الطاعون”: الشراكة الاستخباراتية العميقة والمستمرة بين جهاز الأمن والمخابرات الوطني ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والتي بدأت في وقت مبكر من عام 2000. وسيستشهد بمحاضر الاجتماعات المفصلة، مع ذكر أسماء المشاركين من كلا الجانبين والمواضيع المحددة التي نوقشت، بما في ذلك معلومات المخابرات السودانية عن تنظيم القاعدة، والشبكات المالية لأسامة بن لادن، والمقاتلين الأجانب الذين يعبرون إلى العراق. وسيسلط التقرير الضوء على مفارقة شكوى صلاح قوش للمسؤولين الأمريكيين من أن زملائه يصفونه بـ “عميل أمريكا” بينما كان يزودهم في الوقت نفسه بمعلومات استخباراتية عالية القيمة.

جدول 3: التسلسل الزمني للتعاون بين جهاز الأمن والمخابرات الوطني ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية

4.3 تحالفات انتهازية: إسرائيل، الخليج، وإيران

يستكشف هذا الجزء العلاقات الخارجية المتقلبة والانتهازية للنظام. ويفصّل الادعاء الوارد في كتاب “الخندق” بوجود علاقة سرية ومصالح متبادلة مع إسرائيل، بما في ذلك الادعاء بأن جهاز الأمن تحت قيادة صلاح قوش كان على علم بالضربات الجوية الإسرائيلية في شرق السودان ضد قوافل أسلحة متجهة إلى حماس.

يقارن التقرير هذا مع تحالف النظام طويل الأمد مع إيران، الذي شمل تعاوناً عسكرياً واستخباراتياً ، وقطعه المفاجئ لاحقاً للعلاقات مع طهران للانحياز إلى المملكة العربية السعودية والإمارات في حرب اليمن، وهو تحول هندسه طه عثمان.

إن السياسة الخارجية للنظام تبدو غير منتظمة ومتناقضة عند النظر إليها من منظور إيديولوجي (دعم حماس مع التعامل المزعوم مع إسرائيل؛ التحالف مع إيران الشيعية مع ادعاء الزعامة السنية؛ إدانة الولايات المتحدة مع التعاون مع وكالة المخابرات المركزية). ولكن، عند النظر إليها من منظور بقاء النظام، يظهر نمط واضح. يتعامل النظام مع سياسته الخارجية كمحفظة أصول يتم تداولها من أجل البقاء. فقد تم تداول المعلومات الاستخباراتية عن تنظيم القاعدة مع وكالة المخابرات المركزية لتجنب التدخل الأمريكي. وقدم التحالف مع إيران تكنولوجيا عسكرية. وتم تداول القوات المرتزقة مع دول الخليج مقابل إنقاذ مالي وغطاء دبلوماسي. هذا النهج القائم على المعاملات البحتة في العلاقات الخارجية قد دمر مصداقية السودان وسيادته. لم تعد الدولة فاعلاً مستقلاً بل مزود خدمة لمن يدفع أعلى سعر. وقد خلق هذا اعتماداً خطيراً على رعاة أجانب (مثل الإمارات والسعودية)، مما أدى فعلياً إلى الاستعانة بمصادر خارجية في الجوانب الرئيسية لسياسته الأمنية والاقتصادية وجعل البلاد عرضة لأهواء من يدفعون له، كما يتضح من صعود وسقوط طه عثمان.

الجزء الخامس: الطاعون المجتمعي والخاتمة

يجمع هذا القسم الأخير النتائج لتقييم التأثير المدمر للنظام على المجتمع السوداني ويختتم بتحليل لنقاط ضعفه الكامنة.

5.1 سياسات الانقسام: تسليح الهوية

يحلل التقرير الاستخدام المتعمد للنظام للعنصرية والقبلية كأداة للحكم، وهو موضوع حاضر في كلا الكتابين. ويستشهد بتصريحات صلاح قوش العنصرية الصريحة حول أهل دارفور واستراتيجية النظام في تسليح القبائل العربية (الجنجويد، ولاحقاً قوات الدعم السريع) لمحاربة جماعات المتمردين غير العربية، مما أدى إلى تأجيج صراع إبادة جماعية. ويُؤطَّر هذا كاستراتيجية أساسية لـ “فرق تسد” مصممة لمنع تشكيل معارضة وطنية موحدة.

5.2 تآكل أمة

يلخص هذا القسم الفرعي العواقب الاجتماعية والأخلاقية الأوسع لحكم النظام. ويعيد النظر في مواضيع الانهيار الاقتصادي، وتدمير الطبقة الوسطى، وانفجار الفساد، وانهيار القيم الاجتماعية التي حولت السودان إلى “مسرح للكوميديا السوداء”.

5.3 خاتمة: دولة تلتهمها دفاعاتها

تجمع الخاتمة نتائج التقرير، وتجادل بأن الأدلة المقدمة في “الخندق” و”الطاعون” تصور دولة تم الاستيلاء عليها واستهلاكها بالكامل من قبل جهازها الأمني. وتعيد التأكيد على الرؤية المركزية بأن النظام تطور من مشروع إيديولوجي إلى دولة لصوصية حرسها الإمبراطوري. لقد أصبح جهاز الأمن، الذي أُنشئ لحماية النظام، هو النظام نفسه “طاعون” يخدم مصالحه الخاصة وقد أفرغ الدولة من الداخل.

يشير التحليل النهائي إلى نقاط الضعف الكامنة في النظام كما كشفها عمل المؤلف: اعتماده على قاعدة موارد متقلصة، وصراعاته الداخلية على السلطة بين الفصائل الأمنية المتنافسة، وفقدانه لكل الشرعية الإيديولوجية، مما يجعله يعتمد على القوة الغاشمة والرعاية الأجنبية وحدها. إن الآليات ذاتها التي أُنشئت من أجل بقائه قد أصبحت المحركات الرئيسية لانهياره الحتمي في نهاية المطاف.

 

المصادر:

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.