تحالف بورتسودان دواء قديم فى قنانى جديدة
صلاح جلال
(١)
التحالف المعلن مساء أمس فى مدينة بورتسودان هو فى الواقع إنعاش وإعادة إنتاج لتحالف قائم قبل حرب ١٥إبريل ٢٠٢٣م ، بعد وقوع الإنقلاب بقيادة الفريق البرهان على حكومة الإنتقال المدنى الديمقراطى الشرعية بقيادة د.عبدالله حمدوك فى ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م بمجرد إذاعة البيان إصطفت بشكل تلقائي كل قوى الثورة فى جبهة موحدة وخرجت فى تظاهرات شعبية عنيفة ضد الإنقلاب على مدى عام كامل ، قدمت فيها تضحيات كبيرة مئات الأرواح إرتقت وألوف من الجرحى والمصابين وإمتلئت المعتقلات بالمحبوسين من القوى السياسية ولجان المقاومة والمجتمع المدنى ، لم تتوقف المقاومة المدنية للإنقلاب إلا بعد إنفجار الحرب الراهنة ومصادرة العمل السياسى المدنى وسيادة العنف .
(٢)
ظهر فى تلك الفترة تحالف واضح معلن سماه الشارع العام (الموازة) فى إشارة لإعتصام القصر الذى فضح الإنقلاب بإعلان إنتظاره للبيان ، وكان هناك الحليف الخفى المشارك فى إنقلاب ٢٥ إكتوبر (الفلول) الذين أطلقوا عليه إسم الدلع العملية التصحيحية، كان فى مقدمة تحالف أنصار ذلك الإنقلاب د.جبريل إبراهيم وزير المالية وحاكم إقليم دارفور مناوى وقيادة الدعم السريع وبقية مكونات الكتلة الديمقراطية التى ليست لها من إسمها نصيب ، وكان خلف هذا التحالف الطافى على السطح نصفه الآخر تحت الماء المدافع عن الإنقلاب يقف مستحياً النظام السابق (الفلول)بكل منظماتهم الجماهيرية ومليشياتهم المسلحة وقد أصدر حزب المؤتمر الوطنى المحلول بيان تأييد ودعم لذلك الإنقلاب ، والآن ذات مكونات الإنقلاب القديمة ظهرة فى عبوة حديثة تحالف بورتسودان الجديد فى تشكيل يشمل معسكر الحرب يتقدمه (الفريق البرهان ممثلا للقوات المسلحة ±المؤتمر الوطنى ومليشياته مضاف إليهم د.جبريل إبراهيم والمارشال مناوى ) فى مكانهم الشاغر من تحالف الإنقلاب على مدى السبعة أشهر الماضية والفريق السياسى الداعم للحرب من بينهم السيد مصطفى تمبور جنرال حرب بلا قوات كترميز تضليلى لمكون إجتماعى معين فى دارفور وبقية المدنيين من (البلابسة) دعاة الحرب رافضى السلام أنصار تحالف بورتسودان الحربى .
(٣)
لقد أصدر تحالف بورتسودان بيان مشترك فى مقدمة مؤتمرهم الصحفى يقف بين خيطين متناقضين فى مقدمة البيان لبسوا الدرع كاملة لإعلان الحرب الشاملة بقولهم (سنحارب بلا تردد فى كل الجبهات) ، وفى خاتمة البيان أعلنوا ترددهم عن الحرب بالوقوف مع الحلول التفاوضية السلمية والوقف الدائم للعدائيات وإطلاق عملية سياسية ببرنامج وطنى مجمع عليه، لكن التناقض الأكبر الذى شكل حرجاً لقيادات التحالف السياسية فى بورتسودان هو البيان المشترك بين القيادات العسكرية للدعم والقيادات الميدانية للحركات المسلحة فى الفاشر ، الذى تحدث بلغة تصالحية مع الدعم السريع والتفكير فى تأسيس قيادة مشتركة لإدارة إقليم دارفور وكذلك لحفظ الأمن وأكد على خصوصية مدينة الفاشر كعاصمة للإقليم الكبير ، إجتماع القيادات العسكرية مع الدعم السريع بالفاشر يشير لواحد من إحتمالين لا ثالث لهم ، الأول أن هناك مناورة متفق عليها بينكم تقوم على خطاب متشدد فى بورتسودان وخطاب مرن وواقعى بين القيادات الميدانية فى الفاشر وقيادة الدعم السريع ، أما الإحتمال الثانى وهو الأخطر الإختلاف بين تقديرات القيادات الميدانية للحركات المسلحة والقيادات السياسية فى بورتسودان ، كما يقول المثل المصرى يا خبر اليوم بفلوس بكرا ببلاش لمعرفة الإحتمال الصحيح .
(٤)
تحالف بورتسودان الجديد شكلاً والقديم موضوعياً يطرح سؤال مركزى ينتظر إجابه!!! هل يمتلك د.جبريل إبراهيم والمارشال أركو مناوى ما يحتاجه الفريق البرهان لينتصر ؟؟؟؟ وهل تحالف بورتسودان تعبير عن غضب نتيجة لإجتياح الدعم السريع لأقاليم دارفور ؟؟؟ التى تركت القيادات السياسية الدارفورية فى بورتسودان فى حرج ملوك بلا رعية أو سلاطين بلا سلطة على الأرض ، نتفهم ان سيطرة الدعم السريع صنعت تعقيدات سياسية على الأرض فى مقدمتها سؤال التمثيل Repersentation وقضية السلطة Conistituency هذه إشكالات واقعية يمكن تفهمها ، إن تحشيد الأرقام فى بعض المعادلات الحسابية لايعني زيادة الرصيد ، هل تحالف بورتسودان دفع لإيقاف الحرب أم وقود لمزيد من إشعالها ؟؟؟ البيان مربك أوله يتحدث عن الحرب الشاملة بلا تردد وخاتمته تفاوض وسلام ووقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية !! ماهو الإتجاه الأرجح ؟؟ سيذهب التحالف بمقدمة البيان أم بعجزه ، ولاشوية من دول وشوية من دول يا أخ مناوى فى مقولتك المشهورة .
(٥)
ختامة
نتفق معكم حول حساسية الفاشر كمدينة مكتظة بالسكان ولكننا نعمل بجد وإجتهاد لإسكات صوت البندقية فى كل البلاد الحرب هى مصدر الشرور ومزيد من الحرب تعنى مزيد من الإنتهاكات الحل فى قفل المصنع ليست التبضع فى منتجاته ، الموقف الصحيح والمسؤول هو رفض الحرب والوقوف ضدها والعمل بصبر مهما كانت الصعاب من أجل الحلول السلمية ، لكن زيادة الحريق حطب منهج معطوب ومنطق معكوس لفكرة السلام
ماقيمة السلام الذى يزيد قادته إشعال الحريق ليجلسوا على رماد المدن وأشلاء السكان، نقول لختامة تحالف بورتسودان ماجاء فى عجز بيانكم هو نقيض مقدمته حيث ورد
تتمثل رؤيتنا للمخرج فى الآتى:
أولاً: وقف فوري ودائم لإطلاق النار.
ثانياً: ضرورة وحدة دور المجتمع الآقليمي والدولي المساند للحل السودانى السودانى مع مراعاة سيادة السودان ووحدته .
ثالثاً: التوافق على مشروع وطنى سودانى متفاوض عليه عبر إرادة سودانية
لقد نقضتم غزلكم وتركتم الحق خلفكم بإعلانكم الإنحياز للحرب وتركتم
((حيادكم النبيل )) فى بسطام التى خرجتم منها إلى التيه العظيم .
١٦نوفمبر ٢٠٢٣م
المصدر: صحيفة التغيير