أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول:
من يعتنق هاجس المعنى الذي تخبئه الكلمات!!
ولم تعد الولايات المتحدة الأمريكية اهتمامًا للبيانات والتصريحات الصادرة عن قيادات الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني المحلول، الرافضة لبيان المجموعة الرباعية الدولية، وواصلت تحريك دوائرها العدلية والرسمية ضد السلطة الكيزانية.
فقد تتم الموافقة على سحب الشرعية من حكومة الأمر الواقع، كما أن هناك أيضًا تحركات داخل الأمم المتحدة لتفعيل المادة “29” تؤدي إلى تجميد عضوية السودان.
وكذلك، فإن محاكمة كوشيب في المحكمة الجنائية قد لا تنتهي عنده فقط!!
وبالأمس، أكدت واشنطن أنها أشد حرصًا على المضي قدمًا في تنفيذ رؤيتها الرامية إلى دعم جهود السلام في السودان.
وقد تجلى ذلك في ما أدلى به السيد مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط، من تصريحات بالغة الأهمية خلال مقابلة بثتها قناة الجزيرة، كشف فيها عن مواقف الإدارة الأمريكية تجاه الأزمة السودانية، والتي ظلت، حتى وقت قريب، محل تساؤلات وتحليلات في الأوساط السياسية والإعلامية، لا سيما في ظل غياب تصريحات مباشرة من الرئيس ترامب بشأن السودان، مقارنةً بتناوله المتكرر لقضايا دولية أخرى كالحرب الروسية الأوكرانية والصراع في غزة.
وكشف بولس أن الولايات المتحدة تعتبر النزاع الدائر في السودان من أكبر الكوارث الإنسانية على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة لم تحظَ بالاهتمام الإعلامي الكافي.
ولكن الرئيس ترامب يُولي القضية السودانية اهتمامًا خاصًا، ويعتبرها “بالغة الأهمية”، وأضاف أن الإدارة الأمريكية تعمل من خلال المجموعة الرباعية وبأطر أخرى لإيجاد حل سياسي شامل.
وشدد بولس على أن الاستقرار في المنطقة يمثل أولوية قصوى لدى الرئيس ترامب، بالنظر إلى المخاطر المترتبة على امتداد رقعة النزاع من السودان إلى دول الجوار مثل جنوب السودان وتشاد.
وأضاف بولس أن الإدارة الأمريكية ترى أن النزاع لا بد أن يُحل بشكل سلمي وفوري، ويجب ألا يستمر الوضع كما هو عليه الآن، في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي أفرزت عشرات الآلاف من الضحايا وملايين النازحين والجرحى.
وفي سلسلة خطابات الرفض ولذات القناة، تحدث الرئيس المكلف لحزب المؤتمر الوطني، إبراهيم محمود، قائلاً إنهم مستعدون للجلوس مع كل الأطراف السودانية لحل الأزمة، بدلاً من الحلول الخارجية التي لا تجدي نفعًا.
، ولأن محمود يقول كلامًا فقط ليبدو أمام الشاشة رجل سلام لا يريد للشعب أن يموت، فإن الرجل يكذب، لأن حديثه يتناقض في المقابلة نفسها، إذ اشترط أن نهاية الحرب وإحلال السلام سيأتيان عندما يتوقف الدعم السريع عن ضرب الفاشر وحصارها، أي أن المواطن عليه أن ينتظر إعلان الدعم السريع توقفه عن الحرب في الفاشر.
ولو لم يتوقف، هل ستستمر الحرب؟!
وهذا ما يؤكد أن إجابات محمود، المتحدث من “تركيا”، هي إجابات تكشف ميول الرجل لاستمرار الحرب أكثر من السلام.
واحتج محمود على بيان الرباعية، وقال: كيف لها أن تقصي الإسلاميين؟
ونسي إبراهيم أن حزبه كان يمارس الإقصاء طوال ثلاثين عامًا وما زال.
ورفض الاتهام بالإقصاء، وقال إن عدة أحزاب كانت تشاركهم في الحكم.
ومعلوم أن حزبه كان يمنحها حضورًا شكليًا في القاعات، ويحرمها من الثروة والسلطة.
لكن محمود فات عليه أن وعي الشعب السوداني أكبر من هذا الحديث البالي والمستهلك، الذي لم يعد يطرب حتى أنصار الحزب.
فالسودان كله يعلم كيف كان حزب المخلوع يمارس الخدع البصرية ليُظهر للعالم أنه يمارس الديمقراطية، بحشدٍ مصنوع في قاعة الصداقة.
فممارسات المؤتمر الوطني في شق صفوف الأحزاب ونخر عظامها من الداخل كانت عادة يمارسها المخلوع مع خصومه السياسيين.
والرباعية أدركت أن ما فعله حزب المخلوع في السودان هو جريمة لا يجب التعامل معها بمشاورة الإخوان، ولا بالجلوس معهم، بل بإزاحتهم عن المشهد السياسي.
فماذا يضيرهم الجلوس على كنبة المعارضة وممارسة السياسة بعيدًا عن الدماء والقتل ودمار السودان؟!
فمسعد بولس يقول إن الأزمة السودانية من أهم القضايا التي يركز عليها ترامب، وأن الحرب لا بد أن تتوقف.
لذلك، إما أن يكون محمود صادقًا، ويرحب حزبه بالرباعية إن كان حقًا يريد السلام، أو ليُحضّر نفسه وحزبه لإقصاء مختلف!!
طيف أخير
يحاول اللوبي (الكيزاني الأفريقي) استغلال دعوة الاتحاد الأفريقي في أكتوبر القادم لهزيمة بيان الرباعية، وهي واحدة من مئة محاولة فاشلة
المصدر: صحيفة التغيير