صلاح شعيب

تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لموقع (Just the News) بأن بلاده تعد الصياغات النهائية لوثائق تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية سيقلب كل الموازيين في منطقة الشرق الأوسط عموماً، والسودان خصوصاً، وحربه بشكل أخصّ.

أكثر المتضررين من القرار المرتقب لا شك سيكون عبد الفتاح البرهان الذي اعتمد على جماعات الإخوان المسلمين كقاعدة داعمة مجتمعياً، وعسكري، وإعلامي لسلطته، وكذلك لحربه بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.

وبهذا المستوى ستواجه سلطة بورتسودان شتاءً قارساً في ظل الجدل الآن حول إمكانية مضيها قدماً في القبول بعرض الرئيس الأميركي الأخير بتحريك عجلة التفاوض بين طرفي الحرب السودانية. إذ أبدى ترمب النية لإنهائها بهدنة تسمح بتقديم المساعدات الإنسانية، ولاحقا استعادة الحكم المدني لثورة ديسمبر، وفقاً لتأكيدات الخارجية الأميركية، ودول الرباعية.

ففي حال إذعان البرهان لقرار واشنطن المرتقب، فإن هذا الموقف سيجعله في مواجهة مكشوفة مع التيارات الإسلامية الذي هددت بزواله في غير ما مرة. ولكن في حال رفض حكومته القرار، فإنه سيفتقد دعم حلفائه الإقليميين، وذلك يعني تحجيم قدرة الجيش في الاستمرار في الحرب، فضلا عن عزل حكومته في المنطقة، وأفريقياً، ودولياً.

وعلى المدى القريب جداً فإن صدور القرار الأميركي سيحاصر “تردادات”، ومراوغات، البرهان في ما خص قبول ما تقرره الولايات المتحدة، وشركاؤها الرباعيين لإنهاء الحرب دون أي شروط مسبقة، وفقاً لما صرح به بولص كبير مستشاري ترمب. وهنا، فإن أمام البرهان التحدي الأعظم المتمثل في كيفية الابتعاد الكلي عن الحركة الإسلامية بالقدر الذي يجعله متصالحاً مع الرغبة الأميركية لحماية نفسها استباقياً من الإرهاب، وكذلك خلق استقرار طويل الأمد لحلفائها في المنطقة بعد التخلص من التأثير الإيراني، وتقليم أظافر طهران في سوريا، وإضعاف حماس، وحزب الله، ومحاضرة الحوثيين. وهنا واضعين في الاعتبار التصريح الذي أدلى به مؤخراً القنصل المصري السابق في السودان حاتم باشات بأن السودان صار آخر معقل للإسلاميين في المنطقة. ومعروف أن ظهور باشات هذه الأيام وهو من الذين يملكون صلة قوية بدوائر استخبارات الدولة المصرية يعد علامة جديدة من علامات جهر القاهرة بتخوفاتها من تمدد الإسلاميين، وإحاطتهم بالبرهان، وعرقلتهم لخطوات إنهاء الحرب بالتفاوض.

كما أن القرار الأميركي المرتقب سينهي تأثير الإخوان في حاضر، ومستقبل، السودان إذا أدركنا قدرة واشنطن في تأثيرها إقليمياً، ودولياً. وبهذا المستوى فإن تصنيف الإسلاميين، ومنظوماتهم إرهابياً، سيدفع خطوات التعافي للمشهد السوداني بعد إفساد الإسلاميين الحياة السياسية لمدى فترة حكمهم، وكذلك عرقلتهم نجاح ثورة ديسمبر. إذ عمدوا إلى الالتفاف ضد الثورة بالانقلاب، وسعوا إلى محو أي وجود لقادة، وقاعدة الثورة، وذلك عبر إشعال الحرب التي خلطت أوراق المشهد السياسي السوداني، وهددت بتقسيم البلاد.

التصنيف الإرهابي لتنظيمات الإخوان المسلمين وهم تيارات متعددة، ومنها الظاهر والمستتر عبر منظمات سياسة، مجتمع مدني عديدة سيمهد المجال للمدنيين الديمقراطيين للتخلص من أعتى خصومهم الذين يملكون ماكينة مالية ضخمة، ونفوذ غالب داخل الجيش، والمؤسسات النظامية، والخدمة المدنية، والقطاع الخاص. ومن هذه الزاوية، فإنه لو تم التوصل إلى سلام في البلاد ستكون أمام السودان فرصة عظيمة لاستعادة الانتقال نحو الديمقراطية. ذلك متى ما توحد هؤلاء المدنيون لإعادة بناء السودان الذي دمرته منظومات الإخوان المسلمين، فوقاً عن تدميرها للنسيج الاجتماعي، ورعايتها لخطاب الكراهية، وخلق الفتن السياسية وسط مكونات الأحزاب.

تصنيف واشنطن الإخوان المسلمين بارقة أمل جديدة للمنطقة، والسودان رغم تحديات مقاومتهم المؤكدة ويفتح القرار الشجاع طاقة أخرى أمام القوى المدنية لاستعادة الحالة الثورية بعد إنهاء الحرب، واستئناف وحدتها، وتجاوز خلافاتها عبر ميثاق جديد للعمل الوطني.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.