اخبار السودان

«بلينكن» في جدة.. ضغط سعودي أمريكي لتوقيع هدنة جادة بين طرفي الصراع السوداني

يعول السودانيين على الهدنة الجديدة التي دعت لها المسيرون “السعودية وأمريكا” حتى يعود الهدوء بعد المعارك الطاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم وبعض ولايات إقليم دارفور، فهل تصمد الهدنة هذه المرة في حال التوقيع عليها؟؟

الخرطوم: التغيير: علاء الدين موسى

أكثر من خمسون يوماً وما تزال الحرب في السودان مشتعلة بين الجيش والدعم السريع، بعد فشل الوساطة السعودية الأمريكية في ايصال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين العالقين في الخرطوم بسبب عدم التزام طرفي النزاع الهدنة.

واضطرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض عقوبات على شركات تابعة للجيش والدعم والسريع باعتبارها من تقوم بشراء المعدات القتالية التي تزيد من اطالة أمد الحرب في السودان.

هدنة جديدة

ودعت الرياض وواشنطن طرفي النزاع في السودان للعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار جديد، وذلك قبل يومين من زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى السعودية.

ويصل بلينكن، اليوم الثلاثاء للعاصمة السعودية الرياض لمناقشة عدة قضايا في مقدمتها الحرب السودانية والتوصل لهدنة جديدة تمهد لاتفاق لوقف الحرب في السودان.

وقف اطلاق نار

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان، الأحد، إن المملكة والولايات المتحدة تدعوان طرفي الصراع في السودان إلى الاتفاق على وقف لإطلاق نار جديد وتنفيذه بفاعلية بهدف التوصل إلى وقف دائم للعمليات العسكرية.

وجاء في بيان أن الميسرَيْن على استعداد لاستئناف المحادثات الرسمية، كما يدعوان الطرفين إلى اتفاق على وقف إطلاق نار جديد، وتنفيذه بشكل فعال بهدف بناء وقف دائم للعمليات العسكرية.

وكشف البيان أن وفدي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع موجودان في مدينة جدة، رغم تعليق المحادثات وانتهاء وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام.

ترحيب حميدتي

وناقش قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، خلال اتصال هاتفي ، مع وزير الخارجية السعودي، فيصل فرحان، الأوضاع بالسودان في ظل الجهود المبذولة من الوساطة السعودية الامريكية.

وأكد “حميدتي” دعمه لمنبر جدة والالتزام الكامل بإعلان حماية المدنيين ومواصلة العمل على تسهيل ايصال المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة عن كاهل شعبنا.

كما أعلن في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ترحيبه بالبيان المشترك الذي أعلنت عنه الوساطة اليوم حول استمرار المباحثات غير المباشرة.

من جانبه تلقى قائد الجيش عبدالفتاح البرهان اليوم الثلاثاء، إتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود.

وأكد “البرهان” خلال الإتصال الهاتفي ضرورة إلتزام المتمردين بالخروج من المستشفيات والمراكز الخدمية ومنازل المواطنين واخلاء الجرحى وفتح مسارات تقديم المساعدات الإنسانية حتى يحقق منبر جدة نجاحه.

وشكر قائد الجيش وزير الخارجية السعودي والمملكة العربية السعودية وأكد ثقته في منبر جدة بما يقود إلى سلام مستدام.

الخروج من المنازل

وقالت مصادر لـ (التغيير) إن القوات المسلحة السودانية لم تعلن عن موافقتها بالدخول في مفاوضات جديدة لتوقيع على هدنة جديدة لايصال المساعدات الإنسانية.

واشارت المصادر إلى أن القوات المسلحة تشترط للدخول في هدنة جديدة خروج الدعم السريع من منازل المواطنين والمستشفيات.

مصادر: القوات المسلحة السودانية لم تعلن عن موافقتها بالدخول في مفاوضات جديدة

وأكد المصدر في حال وجود ضمانات ورغبة أكيدة من قبل الدعم السريع من الخروج سيوقع الجيش على الهدنة لأنه لا يريد الاستمرار في الحرب التي أرهقت المواطن.

انتهاء الهدنة

وانتهت الأحد 3 يونيو مهلة تمديد وقف إطلاق النار الذي انقضت فترته المقررة بـ 5 أيام دون تجديد.

وخلف القتال الذي تفجر في 15 أبريل الماضي، بين الجانبين خسائر فادحة في البنية التحتية، إذ خرجت معظم المستشفيات عن الخدمة، سواء في الخرطوم أو إقليم دارفور غربي البلاد حيث اشتد القتال أيضا.

كما اُجبِر الذين لم يتمكّنوا من الفرار من سكّان العاصمة على ملازمة منازلهم بلا ماء أو كهرباء.

وقُتل نحو ألفي شخصا، وأصيب الآلاف، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، على الرغم من أن العدد الحقيقي للقتلى يُعتقد أنه أعلى من ذلك بكثير.

وقالت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إنه على الرغم من اتفاق الهدنة، إلا أنهم يكافحون من أجل الحصول على موافقات وضمانات أمنية بغية وصول المساعدات وفرق الإغاثة إلى الخرطوم وغيرها من الأماكن المحتاجة، لا سيما بعد أن تعرضت مستودعات لعمليات نهب.

الضغط على الأطراف

يقول أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي عبد الرحمن ابو خريس، إن الميسرين “السعودية وأمريكا” يضغطان على الأطراف حتى لا يتم خرق الهدنة كما حصل في السابق.

وأضاف ابو خريس لـ (التغيير) إن زيارة وزير الخارجية الامريكي “بلينكن” للسعودية سيكون لها مردود إيجابي على صمود الهدنة القادمة في حال التوقيع عليها.

وأكد أن الطرفان يفقدان الثقة فيما بينهما وكلاهما يحتاج إلى ضمانات حتى يوقعا على الهدنة الجديدة.

استاذ علاقات دولية: زيارة “بلينكن” للسعودية سيكون لها مردود إيجابي على صمود الهدنة القادمة

وتوقع أستاذ العلاقات الدولية أن يقدم وفدا الطرفين تنازلات حتى لا يتم توقيع عقوبات جديدة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار إلى أن عدم خروج قوات الدعم السريع من المنازل والمستشفيات والمرافق العامة يهدد أي هدنة جديدة.

نفاد الصبر

بدوره يقول الصحفي والمحلل السياسي ماهر ابو الجوخ: “بعد إعلان الميسرون وهما المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية عن تجميد مفاوضات جدة بين طرفي الحرب في السودان بسبب الخروقات المستمرة لهما وتزامن هذا الاعلان مع صدور العقوبات ضد 4 شركات تابعه مناصفة للطرفين فإن الحديث الحالي عن إمكانية استئناف المفاوضات مجددا ومع استصحاب ما صدر عن الطرفين بعد إعلان تجميد المفاوضات يظهر استيعاب الطرفين لرسالة اعلان العقوبات وتجميد المفاوضات”.

ويشير أبو الجوخ” إلى أن الصبر الإقليمي والدولي على عدم التزامهما المستمر قد نفذ فعليا وأن عليهما الاستعداد فعليا أما لمجابهة إجراءات تصعيدية أو تجنبها بالانخراط بشكل جاد في المفاوضات والتوقف عن الخروقات المتكررة.

ويضيف لـ (التغيير): “في تقديري أن ضبط الخروقات عبر آلية الرقابة ليست المشكلة بدليل رصد الميسرين لخروقات الطرفين ولكن المعضلة الأساسية هي عدم الإلتزام من الطرفين والفقدان الكامل للثقة في الطرف الآخر ووجود تصور لإمكانية الحسم العسكري للمعركة بالضربة القاضية أو تحسين الموقف علي الارض قبل الوقف النهائي لإطلاق النار”.

وتابع: “اعتقد أن التحول الأساسي في أي جولة مباحثات قادمة في ظل استجابة الطرفين للضغوط واظهارهما قدر أكبر من المرونة هو نقل المباحثات من خانة نقاش الهدن إلى مرحلة الوقف الدائم والنهائي لاطلاق النار حيث لن تقتصر هذه المباحثات على الطرفين ولكن ستتم مشاركة الأطراف المدنية بناء علي القرار الصادر من مجلس السلم والأمن الأفريقي والتي اعترض عليها الوفد المفاوض للجيش عند طرحها في احدي الجولات”.

صحفي ومحلل سياسي: تداعيات هذه الحرب ونتائجها ستكون قاسية علي النظام المباد

وبحسب “أبو الجوخ” فإنه بعد صدور هذا القرار الافريقي فلا مجال للمناورة أو الالتفاف أو إطالة أمد المفاوضات بإعادة نقاش أو التحفظ على تلك المشاركة لأن طرفي الحرب فعليا في الوضع الأضعف وهما الأكثر حاجة لاستمرار واستئناف التفاوض لتجنب تبعات سيناريوهات قد تكون قاسية علي اي منهما في حال تصنيفه كمعرقل للمفاوضات”.

وتابع:” لذلك فإن وجود ومشاركة المدنيين في مفاوضات الوقف النهائي لإطلاق النار بات فعليا أمرا واقعا”.

خلافات الرؤى

ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أن القضايا المرتبطة بوقف إطلاق النار النهائي ليست سهله ولكنها تجابه خلافات في الرؤى ما بين تصورات الطرفين في ما يتصل بنقاط تجميع القوات خاصة بالنسبة للدعم السريع وجدل استمرار السيطرة على المواقع الاستراتيجية كالقصر والمطار والجسور ومصفاة الجيلي والنقاط الخارجية للعاصمة ومراكز الانتشار في بعض المدن الولائية خاصة في دارفور والأبيض بما في ذلك مسألة إعادة انتشار الجيش والشرطة في العاصمة.

وأضاف: “في تقديري أن نقاش هذه القضايا قد يفرض بناء علي تحركات مجلس السلم والأمن الأفريقي فرضية انشاء قوات أفريقية تتولي إدارة تلك المواقع كحل وسط لفك الاشتباك بينهما في حال عدم توصلهما لصياغة متفق عليها بينهما في ما يتصل بإدارة المناطق المتنازع حول السيطرة عليها”.

ويرى”أبو الجوخ” أن الخاسر الأكبر من استئناف أي مفاوضات بشروط جديدة هو النظام المباد وعناصره السياسية والعسكرية باعتبارهم عولوا علي هذه الحرب ونتائجها في حال الانتصار فيها.

وأردف: “من الواضح أن فرضيات ارتباطهم بها واشعالها ما عاد مجرد تحليل داخلي ولكن أصبح في إطار دولي بدليل شمول عدد من قادتهم في العقوبات الامريكية الاسبوع الماضي، واعتقد أن تداعيات هذه الحرب ونتائجها ستكون قاسية علي النظام المباد وعناصره وربما تكون شبيهة لما حدث للنازية والفاشية بعد الحرب العالمية الثانية بالحظر الدولي ومحاكمة قادتهما والمحرضين علي الحرب في محاكم جرائم الحرب وهذا هو المصير الذي سينتهي إليه النظام المباد وقادته بعد انتهاء هذه الحرب”.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *