اخبار السودان

بعد تداعيات الحرب.. كيف يستعيد اقتصاد السودان العافية؟

بعد استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لنحو سبعة أشهر، تعمقت أزمة الاقتصاد بصورة أثرت على كل مناحي الحياة، ومع تعلق الآمال بمنبر جدة للتفاوض، بدأت التساؤلات حول كيفية استعادة عافية الاقتصاد؟

الخرطوم: التغيير

ارتفع سقف طموحات المواطنين السودانيين في إمكانية إحلال السلام عقب استئناف الجولة المنقضية من مفاوضات منبر جدة بالمملكة العربية السعودية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اللذين يتقاتلان منذ نحو سبعة أشهر.

ويأمل السودانيون بنجاح المنبر في حمل الطرفين على توقيع اتفاق في الجولة القادمة يوقف الحرب والدمار المستمر منذ منتصف أبريل الماضي وبدء مرحلة جديدة من الإعمار ومعالجة مشاكل الاقتصاد السوداني المتراكمة.

ويخوض الجانبان معارك ضارية بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، منذ 15 ابريل المنصرم، في صراع للسيطرة على السلطة بقوة السلاح، ما خلف آلاف القتلى والجرحى وملايين النازحين واللاجئين، وتردي أمني وإنساني واقتصادي غير مسبوق.

خسائر بالأرقام

ووفقاً لأرقام متداولة تعرض أكثر من (33) ألف مبنى بالعاصمة الخرطوم للدمار، فيما أكد تقرير لمنصة العمل السوداني اطلعت عليه (التغيير) خروج (400) منشأة للصناعات الغذائية والدوائية ومجالات أخرى عن الخدمة بشكل كامل بعد عمليات التخريب والحرق والسرقة.

تشير تقديرات وزير المالية الأسبق إبراهيم البدوي إلى أن (60) مليار دولار هو حجم ما لحق بالبنية التحتية من خسائر وأضرار، و20% هو حجم التراجع في الناتج المحلي في حال استمرار الحرب.

كما أصاب الضرر (100) فرع للبنوك والمصارف بجانب مئات الشركات والصغيرة طالتها عمليات نهب وسرقة وإتلاف.

خيارات الإصلاح

وبالرغم من التردي الواضح ودخول الاقتصاد مرحلة غير مسبوقة من الانهيار، إلا أن عدداً من المختصين والباحثين، يرون أنه حال تم التوصل إلى اتفاق يوقف الحرب، فإن خيارات الإصلاح متاحة وممكنة.

وقال الباحث الاقتصادي عابدين الأمين في حديثه لـ(التغيير)، إن إصلاح ما دمرته الحرب أمر غير مستحيل ولكنه يحتاج إلى إرادة سياسية وتكاتف بين جميع أفراد المجتمع للنهوض بالبلاد من جديد.

وأضاف: قد يبدو الحديث مبكراً عن عملية الإصلاح في ظل استمرار الحرب لكن في النهاية عملية الإصلاح هذه مرتبطة بالحكومة القادمة.

وأوضح الأمين أن هنالك طريقين للإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار؛ الأول صعب وطويل لكنه الأفضل بالاعتماد على الداخل والاستفادة من الموارد المتاحة زراعية، صناعية وثروة حيوانية بقيمة مضافة للمصانع في الولايات وإقامة مصانع جديدة بجهد المستثمرين الوطنيين.

وقال: أيضاً الإعلان عن شركات مساهمة عامة باستغلال الحس الوطني للمواطنين ودفعهم للمشاركة في الإعمار بنفير شعبي حكومي أهلي شامل.

وتابع: شركات المساهمة العامة تبدأ أولاً في مجالين هما الثروة الحيوانية والذهب؛ أولاً شركة للذهب تكون بديلاً للشركة الحالية للموارد المعدنية التي يجب أن يقتصر دورها في وضع السياسيات فقط مع رفدها بالكوادر المؤهلة والنزيهة لجهة أن الذهب عائداته المالية سريعة ويمكن أن تشكل (درب وانعاش) للاقتصاد السوداني، وثانياً شركة لصادرات الثروة الحيوانية.

واختتم الأمين: أما الطريق الآخر نحو الإعمار طبعاً هو طريق التعاون مع المؤسسات والبنوك الدولية وصندوق النقد (قروض ومنح) وهذا طريق سهل ومجرب لكن التخلص منه وتطبيق شروطه سيكون له آثار صعبة في المستقبل.

تفاؤل ومحاذير

لكن أستاذة الاقتصاد د. سبنا إمام تميل إلى الرؤية التي تقول إن الحرب ليست كلها شر، “فأعظم الاقتصاديات خرجت من رحم الحروب كالولايات المتحدة واليابان وكوريا والقائمة تطول”.

وقالت سبنا لـ(التغيير): ليس لدي أدنى شك في أن السودان سيخرج أقوى من هذه المحنة وسيتلمس طريق النجاح والأذدهار.

وشددت على ضرورة التخلي عن الاقتصاد (الريعي) بعد الحرب بما يعني الاعتماد على مصدر دخل محدد فمثلاً سابقاً كان الاعتماد على ريع زراعي محدد مثلاً القطن ومحاصيل الحبوب الزيتية، وكل طائفة أو أكثرية أو أقلية تحاول أن تحوذ على أكبر كمية من هذا الإنتاج، وكان لابد أن يكون لديك نفوذ سياسي حتى تفوز بنصيب الأسد، لذلك ظهرت الأسر السياسية والتنظيمات التي تزاوج قادتها مع هذه الأسر بغية الاقتراب من مركز السلطة ونيل المكاسب.

وأضافت: ثم انتقلنا من دولة القطن لدولة النفط ولكن ظلت الممارسات السالبة قائمة ودخلت أطراف وخرجت أخرى، ثم جاء ريع الذهب كمسوغ جديد للصراع ولكن هذه المرة  بمشاركة دول.

وطالبت سبنا بقرارات قوية لإيقاف هذا الانزلاق والتحول لنظام اقتصادي متعدد ومتطور. وقالت إن أعظم الاختراعات العلمية والتكنولوجية خرجت من رحم الحروب كالانترنت والفيزياء والكيمياء والأدوية وتطور الطيران والقائمة تطول.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *