بطولات .. مواقف وشهادات نساء في الثورة
سجلن النساء حضوراً لافتاً في ثورة ديسمبر وشاركن بفاعلية في المقاومة وكن الأبرز في المواكب، و ساحة الاعتصام، عيادات الطواريء، لجان المقاومة، زنازين الأمن، قوائم المصابين، والشهداء و أمهات فقدن فلذات الأكباد بالإختفاء القسري والموت.
الخرطوم ــ سارة تاج السر
أم الشهيد هزاع : وحشية الاعتداءات التي تعرضت لها الأسرة زادتها صموداً وإصرارا وثباتاً على المبدأ
«من مسافة 4 أمتار وبشكل متعمد، ومباشر صوب قناص على متن مدرعة شرطة، قذيفة بمبان على، عيني اليمني، فاغمضتها و لم أفتحها مرة أخرى»
شكلت «تيسير محمد» واحدة من «أيقونة» الاحتجاجات المناهضة لانقلاب 25 أكتوبر، و إمتداداً لحضور المرأة اللآفت والفعال في ثورة ديسمبر وتضحياتها الجسيمة في سبيل التغيير، فكانت الأكثر حضوراً في المواكب، ساحة الاعتصام، عيادات الطواريء، لجان المقاومة، زنازين الأمن، قوائم المصابين، والشهداء وأمهات فقدن فلذات اكبادهن بالاختفاء القسري والموت.
في ذكري الثورة
خرجت تيسير ضمن الألآف بالعاصمة الخرطوم، في المظاهرات الحاشدة التي كانت في طريقها إلى القصر الرئاسي في ذكري إندلاع ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام المخلوع عمر البشير، واستطاعت مع المتظاهرين، اختراق الحواجز الأمنية حتي وصلوا تخوم البرلمان، حيث تصدت لهم قوات الأمن الإنقلابية بعبوات الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية والرصاص الحي والمطاطي.
قالت تيسير وهي تسترجع مشهد ماجري في ذلك اليوم، اثناء عمليات الكر والفر والهتاف والقلق من تزايد الاصابات، ومحاولات الثوار المستميتة لتجاوز جسر النيل الأبيض، لم أشعر إلا بجسماً ساخناً يخترق عيني اليمني، فاغمضتها وكانت إغمضاتها الأخيرة وحينها علمت إنني فقدت بصري، و أضافت : كنت هدفا لقناص المدرعة التي كانت بعد أمتار قليلة منا.
قالت تيسير لـ «التغيير» مررت بلحظات عصيبة فقدت الإحساس بالحياة، وفكرت في الإنتحار بشكل مستمر .. خضعت محدثتي، لعملية إزالة للعين اليمنى، بعد إجماع الطاقم الطبي المتخصص على تلفها، ولايزال أمامها عدد من العمليات الاخرى لإعادة بناء وتأهيل محجر العين، قبل زراعة عين صناعية.
الثائرة تيسير محمد : فقدت عيني .. هزتني و لكن لم يتزعزع إيمانى بالثورة
بنادق مين البتمنعنا العديل والزين
إصابة تيسير لم تثنها من إتمام مراسم زواجها ، و في 11 فبراير الماضي ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بزواج «الكنداكة» تيسير و «الترس» عباس، فكتبت أبرار محمد على صفحتها بالفيس .. تزوجيهو ثورجي يخاف عليكِ كأرضه ، يحميكِ كوطنه، ويحافظ عليكِ كقضية»، وأردفت «عروسينا العاجبننا .. توتة تيسير التي نعشق، و عباس عباس البنحترموا عقبال تجيبوا لينا الروسي».
بعصابة عينها السوداء، تجد تيسير حاضرة في الصفوف الأمامية للمواكب و أمام محاكم المعتقلين والفعاليات الثورية الأخرى، أعتبرت أن الإصابة هزتها ولكن لم تزعزع إيمانها بالثورة وبعدالة قضيتها.
10 اعوام على اغتيال هزاع
شكل استشهاد «هزاع» 17 عاماً، في هبة سبتمبر 2013م، نقطة فارقة في حياة أسرته، خاصة والدته السيدة أحلام، التي كرست حياتها منذ ذلك الوقت لتحقيق العدالة في من قتلة إبنها و رفضت كل أشكال التصالح مع النظام السابق حتي سقوطه ، كما رفضت استلام التعويضات التي خصصت لأسر شهداء سبتمبر وتمسكت بمبدأ القصاص ومحاسبة القتلي .
10 أعوام هي وصورة الشهيد، حضوراً في ساحات التظاهر والمواكب والوقفات الاحتجاجية والمطلبية، لم تلين أمام مداهمات الأمن و اعتداءاته عليها و على والدها واعتقال إبنها وتهديده.
قالت احلام لـ «التغيير» مرت عشرة أعوام على قتل هزاع و أنا على عهدي القديم رغم قلة المروة .
و أكدت أحلام أن العنف والانتهاكات التي تعرضت لها من جهاز أمن البشير ، تسببت لها في إنزلاق غضروفي في الظهر لكن رغم ذلك ظلت تسجل حضورها في المليونيات والمواكب الفرعية وأعتبرت أن وحشية الإعتداءات التي تعرضت لها أسرة هزاع لم تضعفها بل زادتها صموداً وإصراراً وثباتا على المبدأ .
الناشطة نجدة منصور: ألم القلب كان وما زال أزمتي من الاعتقال
76 يوما في المعتقل
اعتقلت نجدة منصور في مليونية 25 ديسمبر أول موكب نظمه تجمع المهنيين السودانيين، في العاصمة الخرطوم، وقضت 76 يوماً في سجن النساء بأمدرمان «دار التائبات» .
و بعد الإفراج عنها، وجدت والدتها في حالة صحية متدهورة حيث كانت تعاني من تضخم عضلة القلب، فيما تعرضت مصدر دعمها الأساسي شقيقتها بهجة، للإعتقال ثلاثة مرات في مكاتب جهاز الأمن «الثلاجات»، وتعرض شقيقها وابن شقيقتها للمضايقات والملاحقة والتعذيب، ولم ينجو شقيقها دكتور محمد منصور الذي توفي لاحقاً، من الملاحقات الأمنية، و أضافت : محمد كان في وضع غاية الخطورة بسبب رفضه تزوير تقارير وفيات بأوامر من الجهاز ،حينما كان يعمل بدارفور .
نجدة كانت ضمن كوادر اللجان والقوي المدنية التي شاركت في الاجتماعات السرية المعنية بالمواكب التي كان لها الدور الأكبر في إسقاط حكومة المخلوع .
عانت نجدة داخل المعتقل من الآم القلب والضغوط النفسية وقلقها وخوفها على مصير أسرتها المستهدفة وأضافت : «ألم القلب كان و ما زال أزمتي من الاعتقال، فجهاز الأمن يعمل عبر برنامج leave no mark أي عذب و لكن لا تخلف ندوباً، و هي أحد أساليبهم لمحاولة الافلات من العقاب.
ختمت نجدة حديثها مع «التغيير» قائلة : «كانت فترة قلما أغوص في تفاصيلها المؤلمة فقد طغت عليها لحظات ثبات لم يؤرجحها معاناة عزلنا الكامل عن العالم»
المصدر: صحيفة التغيير