بشار الأسد الرجل الأكثر فساداً في العالم لعام 2024
اختير الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، كأكثر الأشخاص فساداً في العالم لعام 2024 من قبل منظمة الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP).
ويُعد هذا الاستطلاع، الذي يُجرى منذ أكثر من عقد، فرصة للخبراء والجمهور لترشيح فرد أو مؤسسة قاموا بنشر الفساد والنشاط الإجرامي المنظم.
وبالرغم من إقرار لجنة التحكيم بأن رئيس كينيا، ويليام روتو، هو من حصل على العدد الأكبر من الأصوات (أكثر من 40 ألف صوت)، لكنهم قرروا منح اللقب للأسد بسبب الأحداث الأخيرة في سوريا.
كما تم منح لقب خاص جديد “جائزة الإنجاز السلبي مدى الحياة”، لأولئك الذين لم ينجزوا شيئاً في عمرهم، لرئيس غينيا الاستوائية.
“سرعان ما تحولت وعوده المبكرة بالإصلاح السياسي إلى ممارسات استبدادية”
ولا تزال الحالات التي يحصل فيها الفساد المنظم والجريمة المنظمة على دعم من حكومة قمعية استبدادية نادرة، لكن نظام الزعيم السوري المخلوع بشار الأسد كان من بين هذه الحالات، ومنها فنزويلا وكوريا الشمالية وروسيا، وفق المنظمة التي منحت اللقب للأسد.
وقد تميز نظام الأسد بالسيطرة المركزية، وقمع المعارضة، والاعتماد على جهاز أمني قوي، ومع إفراغ السجون واكتشاف المقابر الجماعية، تتضح بصورة مؤسفة أبعاد وحشية الأسد تجاه شعبه، بحسب المنظمة.
وتولى الأسد السلطة عام 2000 بعد وفاة والده، وسرعان ما تحولت وعوده المبكرة بالإصلاح السياسي إلى ممارسات استبدادية، ففي عام 2011، كانت الانتفاضة السورية جزءاً من الربيع العربي وتحدياً لحكمه، لكنها تصاعدت إلى حرب أهلية مدمرة استمرت حتى الإطاحة به هذا الشهر.
ووُجهت لقواته اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، شملت التعذيب والقتل واستخدام الأسلحة الكيميائية والاعتقالات الجماعية واستهداف المدنيين.
وخلال فترة حكمه، اعتمد الأسد على تمويل من إنتاج الكبتاغون وأشكال أخرى من الجريمة المنظمة، مثل تهريب البشر والسجائر، وسرقة الآثار، وتجارة الأسلحة. وقد أسهم حكمه في نشر العنف والمخدرات والفساد في جميع أنحاء المنطقة، بحسب المنظمة.
وأظهر تحقيق أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) في عام 2023 بالتعاون مع بي بي سي عربي وموقع السويداء ودرج في تجارة الكبتاغون، كيف أصبحت سوريا دولة مخدرات، حيث اشتبك تجار المخدرات التابعون للأسد مع قوات الأمن في الأردن ولبنان.
وبحسب تقارير، فر الأسد من سوريا ومعه ثروة تُقدر بعشرات مليارات الدولارات المنهوبة ليعيش في روسيا، تاركًا وراءه إرثًا من الدمار.
وقالت علياء إبراهيم، الشريكة المؤسسة لموقع درج وأحد أعضاء لجنة التحكيم لهذا العام: “بالإضافة إلى كونه ديكتاتوراً مثل والده من قبله، أضاف الأسد أبعاداً لا تُتصور من الجريمة والفساد، مدمراً حياة عدد لا يحصى من الناس داخل حدود بلاده وخارجها”.
وأضافت: “الأضرار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسبب بها الأسد، سواء في سوريا أو في المنطقة، ستستغرق عقودًا للتغلب عليها”.
“انتهاكاته بحقوق الإنسان تسببت بمعاناة لا توصف”
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، في أعقاب سقوط حكم عائلة الأسد، إن السوريين تعرضوا لما وصفته بـ “سلسلة مرعبة من انتهاكات حقوق الإنسان، تسببت بمعاناة إنسانية لا توصف على نطاق هائل”.
وتضمن ذلك “هجمات بالأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة وغيرها من جرائم الحرب، ناهيك عن أعمال القتل، والتعذيب، والاختفاء القسري، والقتل الجماعي التي ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانية”.
ودعت كالامار، المجتمع الدولي، إلى ضمان التحقيق مع الأشخاص المشتبه بانتهاكهم للقانون الدولي وغير ذلك من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ومحاكمتهم على جرائمهم.
“جائزة الإنجاز السلبي مدى الحياة” لتيودورو مباسوغو
للمرة الأولى في تاريخ الاستطلاع الممتد لـ13 عاماً، منحت لجنة التحكيم جائزة خاصة بعنوان “جائزة الإنجاز السلبي مدى الحياة”.
وقد حصل على الجائزة رئيس غينيا الاستوائية، تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو، أحد أطول الحكام الديكتاتوريين بقاءً في السلطة في العالم.
بعد قيادته انقلاباً عام 1979 للإطاحة بعمه، قام أوبيانغ بقمع أي معارضة بلا رحمة من خلال الاعتقالات غير القانونية، والإخفاء القسري، والتعذيب.
وتُعد غينيا الاستوائية بلداً صغيراً يتمتع باحتياطات كبيرة من النفط والغاز التي ولدت إيرادات ضخمة، فقد سرق تيودورو أوبيانغ ومعه نخبة حاكمة معظم ثروات البلاد.
وبدلاً من تطوير البلد ليصبح نموذجاً يحتذى به في إفريقيا، أهدر موارده الطبيعية ليعيش حياة بالغة البذخ، بينما يعاني باقي السكان من الفقر، وكلما طال بقاؤه في السلطة، زاد نفوذه في إفريقيا.
كان الصحفي الاستقصائي الغاني أنس أريماياو أنس عضواً في لجنة التحكيم هذا العام.
وقال: “من خلال الخوف والقمع والفساد، أنشأ تيودورو أوبيانغ سلسلة من الثروة والإفلات من العقاب، وتُعد ميوله الديكتاتورية نموذجاً يُحتذى به بسرعة من قِبَل القادة في جميع أنحاء القارة الإفريقية، حيث ينظر قادة الانقلابات إليه اليوم باعتباره الأب الروحي، مع طموحات مماثلة ليصبحوا آباءً للفساد مثله”.
يُعد كل من الأسد وأوبيانغ أمثلة لأنظمة ديكتاتورية طويلة الأمد يلعب فيها الفساد دوراً محورياً.
المرشحون النهائيون لعام 2024 لشخصية العام في الجريمة المنظمة والفساد
طلبت منظمة منظمة الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد ترشيحات من القراء والصحفيين وأعضاء لجنة التحكيم لشخصية العام وآخرين ضمن شبكة OCCRP العالمية.
وكان المرشحون النهائيون الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات هذا العام هم:
رئيس كينيا: ويليام روتو
الرئيس السابق لإندونيسيا: جوكو ويدودو
رئيس نيجيريا: بولا أحمد تينوبو
رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة: الشيخة حسينة
رجل الأعمال الهندي: غوتام أداني
وقال درو سوليفان، ناشر OCCRP: “الفساد جزء أساسي من السيطرة على الدول وجعل الحكومات الاستبدادية قوية، هذه الحكومات الفاسدة تنتهك حقوق الإنسان، وتُزوِّر الانتخابات، وتنهب الموارد الطبيعية، وفي النهاية تُشعل الصراعات بسبب عدم استقرارها المتأصل، وليس لمستقبلها سوى طريقين: انهيار عنيف أو ثورة دموية”.
رئيس كينيا ويليام روتو حصل على أكبر عدد من الأصوات
اختار عدد غير مسبوق من الأشخاص أكثر من 40,000 رئيس كينيا ويليام روتو لجائزة “شخصية العام” في الجريمة المنظمة والفساد.
وقد أُشعلت الاحتجاجات بسبب تمرير مشروع قانون مالي مثير للجدل، وارتفاع البطالة بين الشباب، والغضب من حكومتهم الفاسدة.
خرج الشباب الكينيون في مظاهرات استمرت لأسابيع في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين، مطالبين روتو بالتنحي.
وردت قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والاعتقالات والرصاص ما أدى إلى مقتل العديد من الأشخاص وإصابة آخرين أو اختفائهم بعد الاحتجاجات.
تُتهم حكومة روتو بالفساد الذي أدى إلى فشل في السياسات الاقتصادية، والرعاية الصحية، والتعليم، فضلاً عن عدم الاستقرار العام وخطف المعارضين السياسيين.
وكانت التعليقات المرفقة مع الترشيحات مليئة بالإحباط واليأس، كتب أحدهم: “إنه يسرق كل شيء بما في ذلك الأموال العامة، والناس يعانون من غياب نظام رعاية صحية لائق، والفقراء يزدادون فقراً يوماً بعد يوم”.
وكتب آخر: “لقد خذل كينيا في كل قطاع”، كما رشح العديد من الكينيين (وغيرهم) رجل الأعمال الهندي غوتام أداني، الذي استفاد من دعم حكومة مودي في الهند.
كان أداني وراء صفقة مطار في كينيا وُصفت على نطاق واسع بأنها فاسدة قبل أن يتم إلغاؤها.
واعترفت لجنة التحكيم بأهمية اهتمام الجمهور وغضبهم من الفساد، ومع ذلك، نظراً لأن الجائزة تُمنح للشخص الذي قام “بأكبر ضرر في العالم من خلال الجريمة المنظمة والفساد”، فقد اختاروا في النهاية بشار الأسد كفائز.
إذ دفعته الفوضى التي تسبب بها للسوريين وجيران سوريا والمنطقة الأوسع والعديد من الدول المتأثرة بجرائمه إلى المركز الأول.
المصدر: صحيفة الراكوبة