بريطانيا وفرنسا وكندا تهدد بالتحرك ضد إسرائيل، والأمم المتحدة تحذر من احتمالية وفاة 14 ألف طفل في غزة خلال 48 ساعة

صدر الصورة، Reuters
أعلن قادة المملكة المتحدة وفرنسا وكندا في بيان مشترك الاثنين، معارضتهم “بشدة لتوسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة”، معتبرين أن إعلان إسرائيل “عن سماحها بدخول كمية أساسية من الغذاء إلى غزة غير كافٍ إطلاقاً”.
وطالب قادة الدول الثلاثة أيضاً بإفراج حركة حماس عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها.
وفي بيان مشترك، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسا الوزراء البريطاني كير ستارمر والكندي مارك كارني من أنهم لن يقفوا “مكتوفي الأيدي” إزاء “الأفعال المشينة” لحكومة نتنياهو في غزة، ملوّحين بـ”إجراءات ملموسة” إذا لم تبادر إلى وقف عمليتها العسكرية وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية.
وحذّرت فرنسا إسرائيل من مغبّة استمرار العدوان على غزة، قائلة إن ذلك يجب أن يتوقف وإلا ستكون هناك عواقب، دون الإفصاح عن ماهية هذه العواقب.
وفي حديث لإذاعة فرانس إنتر، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: “إن الوضع لا يمكن احتماله؛ لأن العنف الأعمى من جانب الحكومة الإسرائيلية وحظر دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة قد حوّل القطاع إلى مكان للموت، ولن أقول إلى مقبرة”.
تخطى الأكثر قراءة وواصل القراءة
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة نهاية
وشهدت العلاقات بين فرنسا وإسرائيل توتراً في الأشهر الأخيرة؛ حيث اتّخذت باريس موقفاً أكثر تشدداً إزاء الأحداث في غزة، كما كشفت فرنسا عن نيّتها الاعتراف بدولة فلسطينية في اجتماع مزمع بنيويورك في 18 يونيو/حزيران المقبل شريطة ظروف معينة ما أثار غضب نتنياهو.
وقال رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، إن العالم “مشمئز للغاية وفاض كيلُه” ممّا يقع في غزة من استمرار القصف الإسرائيلي والتجويع في القطاع.
وأضاف مارتن للصحفيين في العاصمة دبلن: “هذه المجزرة ضد الأبرياء يجب أن تتوقف. ويجب على العالم بأسره أن يمارس ضغطا شديداً على إسرائيل لكي توقف أعمالها العدائية في غزة”.
كما طالب رئيس الوزراء الأيرلندي حركة حماس بإطلاق سراح كافة المحتجزين، قائلاً: “نحتاج إلى وقف لإطلاق النار وإلى مسار لإعادة إعمار غزة”.
وقال مارتن إن “اتخاذ المساعدات الإنسانية كسلاح يعتبر جريمة حرب، وهذا ما نشهده هنا في غزة، وهو ما يجب أن يتوقف”.
صدر الصورة، UNICEF
“حرب التحضّر على البربرية”
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف البيان الأوروبي بأنه بمثابة “مكافأة للهجوم الإرهابي” الذي تعرضت له إسرائيل في السابع من أكتوبر، معتبراً أن الدعوات لوقف الحرب وإقامة دولة فلسطينية تؤدي إلى “مزيد من الفظائع”.
وأشار نتنياهو إلى أن الحرب ستنتهي بمجرد إطلاق سراح جميع الرهائن ونزع السلاح من غزة وإبعاد حماس عن القطاع.
وقال نتنياهو إن “كل القادة الأوروبيين ينبغي عليهم أن يستنسخوا موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعم لإسرائيل”.
وأضاف: “هذه حرب التحضُّر على البربرية، وستواصل إسرائيل الدفاع عن نفسها بالوسائل العادلة حتى يتحقق لها النصر الكامل”.
صدر الصورة، AFP
“14 ألف رضيع قد يموتون في غضون 48 ساعة”
في غضون ذلك، حذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثية، توم فليتشر، من أنّ حوالي 14 ألف رضيع قد يموتون في غزة في غضون الـ 48 ساعة المقبلة إذا لم يحصلوا على مساعدات إغاثية.
وسألت صحفية بي بي سي، أنّا فوستر، المسؤول الأممي كيف حسبت الأمم المتحدة هذا الرقم؟ فأجاب فليتشر: “لدينا فِرَق قوية على الأرض وبالطبع كثير من هؤلاء قُتلوا، لكن لا يزال هناك الكثير من عناصرنا على الأرض في المراكز الطبية، وفي المدارس يحاولون تقييم الاحتياجات”.
وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس قال أمس الاثنين إن “مليونَي شخص يتضورون جوعاً” في قطاع غزة، بينما تمنع إسرائيل دخول “أطنان من الطعام على الحدود على بُعد دقائق معدودة”.
صدر الصورة، Reuters
“لا أحد يسأل عنّا”
صدر الصورة، Reuters
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
والتقى برنامج يوميات الشرق الأوسط الذي تبثّه بي بي سي، مع عدد من الأُمهات في غزة، ومن هؤلاء فاطمة خميس التي قالت: “هذه الأيام لا يوجد أكل ولا شُرب، وكل هذا يؤثر بالسلب على الطفل؛ فلا يكاد الحليب الطبيعي يتوفر للطفل الرضيع، ما يضطرنا إلى البحث عن الحليب الصناعي، ولكن حتى هذا لا نجده”.
وأضافت فاطمة: “الأطفال يعانون سوء التغذية، وفي كل يوم نذهب إلى مراكز علاج سوء التغذية لاستكمال تغذيتهم، ولكنْ حتى الأكل الذي يقدمونه إلينا في هذه المراكز لا يكفي الأطفال”.
وتؤكد فاطمة: “الطفل الرضيع مظلوم هذه الأيام .. الطفل يبدو ضعيفاً ووجهه أصفر، وفي كل يوم نذهب به إلى المستشفى”.
وتقول شاهيناز إنّ لديها طفلا “عُمره سبعة أشهر ولحدّ الآن لم يُسنّن، ومناعته ضعيفة بسبب قِلة الأكل والشرب، ويظلّ طوال الليل يصرخ”.
ولا يقتصر الأمر على الأطفال الرُضّع، بحسب شاهيناز التي قالت لبي بي سي، إنّ لديها طفلة عمرها خمس سنوات تعاني نقص الكالسيوم.
وأضافت شاهيناز: “لا أحد يسأل عنّا. ولا يوجد لدينا حليب صناعي. كلّ شهر يُعطونا عُلبة واحدة وهي لا تكفي … أحيانا نحاول أن نعطي الطفل ماءً وسكر، ولكن حتى السُكّر لا نجده”.
وقالت هناء محمد إسماعيل، وهي أُمّ لطفل رضيع من قطاع غزة: “المجاعة عندنا تؤثر كثيراً على صحّة الأم والطفل وعلى توَفُّر الحليب الطبيعي”.
وفي حديثها لبي بي سي، أشارت هناء إلى أنها في أثناء الحمل، لم تكن تحصل على الطعام الكافي، وهو ما ترك أثره على الطفل حتى الآن؛ فهو “لا يستطيع الجلوس رغم أنّ عُمره خمسة أشهُر، وكان يُفترَض أنه يستطيع الجلوس الآن والتسنين وهو ما لم يحدث كذلك”.
وأضافت هناء: “لا أستطيع أن أُرضع طفلي رضاعة طبيعية، ما يضطرني إلى البحث عن حليب صناعي حتى يستطيع النوم”.
“إسرائيل أصبحت منبوذة بين الأمم”
إلى جانب الانتقادات الخارجية على مسلك إسرائيل في غزة، جاءت أيضا انتقادات من الداخل الإسرائيلي؛ فقال يائير غولان زعيم حزب الديمقراطيين من يسار الوسط، إن إسرائيل أصبحت “منبوذة بين الأمم” بسبب مسلك الحكومة في الحرب.
وفي حديث لإذاعة “ريشت بيت” التابعة لهيئة البث الرسمية الإسرائيلية، أضاف الجنرال المتقاعد غولان بالقول إن “الدولة العاقلة لا تنخرط في قتال ضد مدنيين، ولا تقتل الرُضّع كهواية، ولا تضع لنفسها أهدافاً بطرد شَعب”.
وسارع نتنياهو إلى الردّ على تصريحات غولان، واصفاً إياها بأنها “تحريض طائش” ضد الجنود الإسرائيليين، مُتّهماً صاحِبها بترديد “افتراءات دموية معادية للسامية”.
وتدرس محكمة العدل الدولية “ما إذا كانت هناك إبادة جماعية تحدث في غزة”. وكانت دولة جنوب أفريقيا قد اتهمت إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب “إبادة جماعية في غزة”، وهو ما ترفضه إسرائيل.
وكان نتنياهو، قد أعلن اعتزام إسرائيل السيطرة على قطاع غزة بأكمله. وقال في شريط مصوّر إن “القتال شديد ونحن نحقق تقدماً. سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع… لن نستسلم. غير أن النجاح يقتضي أن نتحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له”.
ويأتي هذا الإعلان في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية وعملياته العسكرية البرية على غزة وتزايد القلق الدولي بشأن الوضع الإنساني في القطاع، الذي دخلته الاثنين شاحنات محمّلة بالمساعدات للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين.
صدر الصورة، Bloomberg via Getty Images
ولقي ما لا يقل عن 50 شخصاً، بينهم 33 طفلا وامرأة، مصرعهم في هجمات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة منذ ليل الاثنين، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة.
واستهدفت ضربتان في شمالي القطاع منزل عائلة ومدرسة يتخذها الناس ملجأ، مما تسبّب في مقتل ما لا يقل عن 22 شخصا، أكثر من نصفهم نساء وأطفال، بحسب ما أضاف بيان وزارة الصحة الفلسطينية.
وأعلن مستشفى شهداء الأقصى، وسط مدينة دير البلح، أن ضربة إسرائيلية استهدفت المستشفى، ما تسبب في مقتل 13 شخصا.
وغير بعيد، أدى استهداف لمخيم النصيرات للاجئين إلى مقتل 15 شخصا.
وفي خان يونس، جنوبي قطاع غزة، تسببت ضربتان إسرائيليتان في مقتل 10 أشخاص، وفقاً لمجمع ناصر الطبي.
ونقلت فرانس برس عن المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني محمود بصل قوله: “نقلت طواقم الدفاع المدني 44 شهيداً على الأقل غالبيتهم من الأطفال والنساء، وعشرات الجرحى جراء مجازر جديدة ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين العزل فجر اليوم (الثلاثاء) في مناطق عديدة في قطاع غزة”.
وأوضح بصل أن طواقم الدفاع المدني نقلت “15 شهيداً من عائلة نصار، وعدداً من المصابين غالبيتهم من الأطفال إثر قصف طائرات حربية لمحطة راضي للوقود غرب مخيّم النصيرات” في وسط قطاع غزة.
وأشار إلى نقل “12 شهيداً” وعدد من المصابين جراء استهداف من الطيران الإسرائيلي منزلاً لعائلة أبو سمرة في دير البلح وسط قطاع غزة.
كما أفاد بسقوط “8 شهداء على الأقل وعدد من المصابين” نقلوا إلى المستشفى المعمداني، في استهداف لمدرسة “موسى بن نصير” التي تؤوي آلاف النازحين في حي الدرج وسط مدينة غزة (شمال)، متحدثاً عن إصابة “الغرف الصفّية المزدحمة بالنازحين مباشرة”.
وفي مخيم جباليا في شمال قطاع غزة، قتل تسعة أشخاص بينهم “عدد من الأطفال” جراء غارة جوية استهدفت منزلاً لعائلة المقيد في المخيّم، وفقاً للمتحدث باسم الدفاع المدني.
ونوّه بصل “لا يزال عدد من المفقودين تحت الأنقاض لا تستطيع طواقم الدفاع المدني الوصول إليهم بسبب القصف الإسرائيلي المتكرر في شمال قطاع غزة، وفي خان يونس ورفح” بجنوب القطاع.
من جهتها، لم تعلق إسرائيل بشكل فوريّ، لكنها تقول إن الجيش لا يستهدف غير المسلّحين، وإن حركة حماس هي المسؤولة عن مقتل المدنيين لأنها تقوم بعمليات في مناطق مزدحمة بالسكان.
وشرعت إسرائيل في هجوم موسع جديد في القطاع، خلال الأيام الماضية، قائلة إنها تستهدف استعادة عشرات المختطفين لدى حماس فضلاً عن تدمير الجماعة المسلحة.
صدر الصورة، Reuters
“قطرة في محيط”
أعلنت إسرائيل دخول “خَمس شاحنات تابعة للأمم المتحدة محمّلة بمساعدات إنسانية، بما في ذلك طعام الأطفال، إلى قطاع غزة عبر (معبر) كرم أبو سالم”، وأشارت إلى أنها ستسمح “لعشرات من شاحنات المساعدات” بالدخول “في الأيام المقبلة”.
من جهته وصف منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر دخول شاحنات المساعدات بأنه “قطرة في محيط” الاحتياجات في القطاع الفلسطيني المحاصر الذي يعاني من الجوع.
وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن “المساعدات لم تسلَّم” في غزة لأن “الليل قد حل” وبسبب “ظروف أمنية”.
وكان نتنياهو أشار الى أن على بلاده تفادي حدوث مجاعة في القطاع المحاصر “لأسباب دبلوماسية”، مع السماح بدخول كميات محدودة من الغذاء ابتداء من يوم الاثنين.
وندّدت كلير نيكوليه من منظمة أطباء بلا حدود بما سمّتها عملية “ذرّ الرماد في العيون” وقالت “إنها طريقة للقول نعم نحن نسمح بدخول الأغذية، لكنها خطوة شبه رمزية”.
وحذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس من خطر المجاعة في قطاع غزة حيث يوجد “مليونا شخص يتضورون جوعاً”.
وفي الدوحة، استؤنفت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، من دون تسجيل تقدم يُذكر للتوصل لاتفاق. وقال مكتب نتنياهو إن الاتفاق يجب أن يشمل الإفراج عن كل الرهائن وإقصاء الحركة الفلسطينية من القطاع وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح.
ومنذ انهيار الهدنة الهشة التي استمرت شهرين واستئناف إسرائيل عملياتها في قطاع غزة في 18 آذار/مارس، فشلت المفاوضات التي تتوسط فيها كل من قطر والولايات المتحدة في تحقيق اختراق.
وقال مصدر في حماس إن الحركة مستعدة “لإطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين دفعة واحدة بشرط التوصل لاتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار”، مشيراً إلى أن إسرائيل تسعى “للإفراج عن أسراها على دفعتين أو دفعة واحدة مقابل هدنة مؤقتة”، وفق ما نقلت وكالة رويترز للأنباء.
ويُصر نتنياهو على عدم إنهاء الحرب دون “القضاء بشكل كامل على حماس” التي ترفض تسليم سلاحها أو التخلي عن الحكم في القطاع.
الحوثيون: ميناء حيفا ضمن بنك الأهداف
من جانبها أعلنت جماعة أنصار الله الحوثي اليمنية، “فرض حظر بحري على ميناء حيفا”، بحسب بيان صدر عنهم مساء الاثنين.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع في بيان مصور نشر عبر حسابه على منصة تلغرام: إن “القوات المسلحة اليمنية، بالتوكل على الله، وبالاعتماد عليه قررت بعون الله تنفيذ توجيهات القيادة ببدء العمل على فرض حظر بحري على ميناء حيفا. وعليه، تنوه إلى كافة الشركات التي لديها سفن متواجدة في هذا الميناء أو متجهة إليه، بأن الميناء المذكور صار منذ ساعة هذا الإعلان، ضمن بنك الأهداف، وعليها أخذ ما ورد في هذا البيان وما سيرد لاحقاً بعين الاعتبار”.
واصل الحوثيون إطلاق الصواريخ على إسرائيل، بما في ذلك على مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب، وأعلنوا أن ذلك بهدف “التضامن مع الفلسطينيين في غزة”، على الرغم من موافقتهم على وقف الهجمات على السفن الأمريكية، وفق ما نقلت وكالة رويترز للأنباء.
وتشير رويترز إلى اعتراض معظم الصواريخ التي أطلقتها الجماعة على إسرائيل، في حين نفّذت إسرائيل ضربات رداً على ذلك، بما في ذلك ضربة في 6 مايو/أيار ألحقت أضراراً بالمطار الرئيسي في صنعاء وأسفرت عن مقتل عدة أشخاص.
المصدر: صحيفة الراكوبة