بالذكرى الثالثة للحرب.. الصراع الروسي الأوكراني يمتد إلى أفريقيا

تتزامن الذكرى السنوية الثالثة للحرب الروسية الأوكرانية مع انتقال الصراع بينهما إلى أفريقيا، وتحوّل البحث عن موطئ قدم فيها إلى قضية استراتيجية بالنسبة لموسكو وكييف.
وتبنّت أغلب الدول الأفريقية منذ بداية الحرب “الحياد الاستراتيجي”، كما تعلق الإذاعة الفرنسية، مرجعة هذا الحذر إلى حد كبير إلى الضرورات الاقتصادية، إذ يعتمد عدد من الدول الأفريقية على إمدادات الحبوب والأسمدة الروسية والأوكرانية.
براغماتية
المتخصصة في القضايا الجيوسياسية، سيرين بامبا جاي، وصفت هذه الحالة بأنها “براغماتية أفريقية”، قائلة إن القارة السمراء تحافظ على حوار مفتوح مع جميع شركائها.
وتقول إن مثال جنوب أفريقيا يكشف الكثير من التفاصيل، فرغم كونها عضوًا في مجموعة “بريكس” إلى جانب روسيا، تواصل بريتوريا الحفاظ على علاقاتها مع كييف، في حين تعمل على تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع موسكو.
وفي حين تحافظ أفريقيا رسميًّا على موقف الحياد، أصبحت القارة ساحة معركة دبلوماسية بين موسكو وكييف، وتُضاعف كلتا العاصمتين جهودهما لحشد الدعم، باستخدام حجج استراتيجية ورمزية.
وفي بحثها عن حلفاء، تضع أوكرانيا نفسها في المقام الأول كهدف وضحية للصراع. وعلى العكس من ذلك، تستغل روسيا شبكتها من التحالفات التاريخية، مرددة الخطاب المناهض للغرب الذي يجد صداه لدى بعض النخب الأفريقية.
خطاب استعماري
وحسب السفير المالي السابق عمر كيتا، “فإن الكتلة الغربية تريد حقًّا فرض حقوق الإنسان قبل كل شيء، لكن الأفارقة حذرون للغاية من هذه الخطابات الاستعمارية. ومن ناحية أخرى، لا تزال أفريقيا تتماشى مع سياسة روسيا”.
كما تمكنت السنغال من التوفيق بين الضغوط الغربية متجنبة أي إدانة لروسيا والحاجة إلى الحفاظ على العلاقات مع موسكو.
وتحدث رئيس الاتحاد الأفريقي آنذاك ماكي سال، مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن مبادرة “الحبوب من أوكرانيا”، بينما امتنع عن أي قطيعة مع روسيا، وهي لاعب رئيس في صادرات الطاقة والعتاد العسكري في القارة.
تغيير مواقف
ووفق الإذاعة الفرنسية، سعى العديد من البلدان الأفريقية إلى الحفاظ على الحياد الاستراتيجي، فيما انتهى الأمر ببعضها إلى تغيير موقفها، ومالي تعتبر مثالًا بارزًا؛ ما يوضح التقارب المتزايد مع روسيا.
وقد رافق هذا التحول قطيعة دبلوماسية واضحة مع كييف، فقد أوقفت مالي، وكذلك النيجر، علاقاتها مع أوكرانيا في الـ4 والـ6 من أغسطس/ آب 2024 على التوالي، متهمة كييف بـ”دعم الإرهاب الدولي”.
وجاء هذا التحرك بعد تعليقات أدلى بها أندريه يوسوف، المتحدث باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، الذي زعم أن الجماعات المسلحة المتمردة استخدمت معلومات أوكرانية أثناء هجوم ضد الجيش المالي ومرتزقة فاغنر في تينزاوتين في يوليو تموز 2024 .
ويقول السفير المالي السابق عمر كيتا: “كان كل شيء يسير على ما يرام بين البلدين حتى أدلى المسؤولون الأوكرانيون بتصريحات تخريبية”.
وبالنسبة لباماكو، اعتبرت هذه التصريحات تدخلًا غير مقبول؛ ما عزز رغبة المجلس العسكري الحاكم في ترسيخ علاقاته مع موسكو.
ولا يقتصر التحالف مع روسيا على مالي والنيجر، فقد اتخذت بوركينا فاسو هذه الخطوة أيضًا.
وطلبت هذه الدول الثلاث، المنضوية في تحالف دول الساحل، من الأمم المتحدة اتخاذ تدابير ضد أوكرانيا؛ ما يوضح القطيعة المفترضة مع كييف.
المصدر: صحيفة الراكوبة