بابلو اسكوبار …. النسخة السودانية

يوسف عيسى عبدالكريم
في الأيام الأخيرة ، انتهيت من مشاهدة حلقات مسلسل “بابلو إسكوبار: ملك كولومبيا غير المتوج”، وقد لفتت انتباهي العديد من المعلومات والشهادات حول صراعات عصابات الجريمة المنظمة في كولومبيا وعلاقتهم مع الدولة.
أحدث إسكوبار فوضى كبيرة في النظام والدولة الكولومبية ، مما أثر سلبًا على جودة الحياة بها وأعاق تطور الحكم الديمقراطي فيها. وكل ذلك كان ناتجًا عن خوفه من أن تتمكن أي حكومة وطنية منتخبة من تفعيل اتفاقية قديمة بين كولومبيا والولايات المتحدة ، التي كانت تنص على تبادل المجرمين وتسليم المحكوم عليهم بين البلدين. وقد بررت الحكومة التي مضت الاتفاقية بأن السبب في ذلك هو عجزها عن توفير الحماية للسجناء خلال فترة محكوميتهم ، نظرًا لقدرة عصابات الكارتل الكولومبية على اختراق السجون وتهريب زعمائها بالقوة .
لم يكن لبابلو أي مشكلة في إبرام صفقة مع السلطة الحاكمة ليتم محاكمته داخليًا. وقد قام بذلك في إحدى المرات مع احدى الحكومات الفاسدة ، فقد كان يدرك تمامًا أنه يمتلك السيطرة على النظام الداخلي للبلاد ، مما يعني أن محاكمته أو حتى سجنه لن تكون بالنسبة له سوى نزهة .
وقد تمت محاكمته في محكمة صورية حيث أدانته المحكمة وحكمت عليه بالسجن لعدة سنوات ، ولكن من وراء الكواليس ، اختار بابلو مزرعة نائية ليقضي فيها فترة عقوبته ، والتي تحولت إلى مزيج من الحفلات الصاخبة والاجتماعات مع أعضاء الكارتل ، مما زاد من نفوذه وقوته.
وقد اشترط أن يكون الحراس في الدائرة الأولى لحراسته من أفراد الجيش لتسهيل عملية التمويه واستغلال إمكانية الدولة في تأمين عملياته في توزيع المخدرات .
بينما كنت أشاهد تلك الحلقات على قناة نتفليكس ، كانت تتبادر إلى ذهني أوجه الشبه بين الحالتين السودانية والكولومبية. بل إن شخصية بابلو إسكوبار تشابهت مع العديد من الشخصيات في الساحة السودانية إلى حد التطابق. فهناك شخصيات في واقعنا السوداني لا تقل عنه قسوة وتعطشًا للدماء ، و تفوقه في الرغبة في القتل والتعذيب ، وتحدي نظام الدولة من أجل ضمان سلامتهم وسلامة عائلاتهم . لقد أظهر المسلسل جانبًا آخر من شخصية بابلو ومن يشبهونه والذي قد يخفى علينا ، وهو جانب الجبن والخوف. فرغم ما كان يمتلكه اسكوبار من قوة وجبروت ، إلا أنه كان يشعر بالضعف أمام الحقيقة ، وكان القانون وقوة الشعب يثيران في نفسه الرعب.
وكذلك تظل حقيقة من اشعل حرب 15 أبريل ومن هو المستفيد من استمرارها تفزع الكثيرين في بلدي . الى حد انهم يرمون بالخيانة كل من ينفض الغبار عن السؤال عنها ويدمغون بالعمالة كل من يسعى لسبر أغوارها . مصرين على ان الاحداث تجاوزت تلك الحقيقة وان الحرب تجب ما قبلها .
ولعمري ان ذلك شيء مريب ….
و كاد المريب أن يقول خذوني …
ولعلك فهمت من المريب أيها القارئ الذكي.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة