تشهد مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية، وسط تدهور متسارع لقيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، وغياب فعّال للدور الرقابي على السوقين المالي والتجاري.

وقد رصدت جولة ميدانية لمراسل “دارفور24” قفزات كبيرة في أسعار مواد حيوية مثل السكر والزيت والدقيق والأسمنت، حيث ارتفع سعر جوال السكر زنة 50 كيلوجرامًا من 170 إلى 220 ألف جنيه، والزيت من 90 إلى 115 ألف جنيه، والدقيق من 70 إلى 100 ألف جنيه، في حين بلغ سعر 1000 فرنك أفريقي 25 ألف جنيه بدلًا من 21 ألفًا، وهو ارتفاع بنسبة تقارب 20% خلال يومين فقط.

وأرجعت اللجنة الاقتصادية بالولاية، التي تضم ممثلين من وزارة المالية والغرفة التجارية والأجهزة الأمنية، الارتفاع إلى جملة من الأسباب أبرزها تذبذب سعر الصرف، وارتفاع الطلب على السلع من ولايات أخرى، والمضاربات في سوق العملات، بالإضافة إلى تداول كتل نقدية ضخمة خارج الجهاز المصرفي وارتفاع الدولار الجمركي.

غير مغلق

من جانب آخر، كشفت إفادات بعض المسؤولين عن تباين في تشخيص الأزمة، ففي حين اعتبر رئيس الغرفة التجارية تجاني يوسف أن ما يحدث من ارتفاع “غير مقلق” ومرتبط بعوامل موسمية مثل توقف حركة النقل في الخريف.

وأضاف “الآن توقفت الحركة التجارية مع دولة جنوب السودان بجانب توقف وصول الشاحنات التجارية من مدينة الدبه بالولاية الشمالية”.

وأشار الى أن تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية انعكس في الزيادة الكبيرة في الأسعار.

وقال تجاني إن مراكز البيع المخفض التي طرحتها اللجنة الاقتصادية يمكن أن تحدث توازن في الأسعار مؤكداً أن السوق حر. وطالب بضرورة تشكيل آلية لمراقبة سوق تداول العملات بمدينة الجنينة.

وأضاف أنه “لا يمكن تكون في اليوم الواحد ثلاثة أسعار للجنيه مقابل الفرنك”.

وطرحت اللجنة الاقتصادية عددًا من الحلول، بينها تشغيل مراكز للبيع المخفض، وتشكيل آلية لتحديد سعر الصرف يوميًا، وفتح بنك وصرافات حكومية للحد من تداول الكتلة النقدية خارج المصارف.

في ظل ضعف البنية التحتية المالية، تبدو هذه الحلول نظرية أكثر من كونها عملية، مع صعوبة تطبيق سياسات اقتصادية فاعلة في بيئة يغيب فيها الاستقرار السياسي والأمني، وفق مراقبون.

وفي ذات الصعيد قال أحد التجار رفض ذكر اسمه لـ”دارفور24″ إن أسواق مدينة الجنينة تعاني من مشكلة حقيقية وأزمة ضمير وسط التجار انعكست سلبا على حياة المواطنين وأحدثت شللا في حركة البيع والشراء.

وتابع “مع خضم هذه المضاربات توقف بعض التجار عن بيع السلع خوفا من المجهول”. وأشار الى أن وتيرة ارتفاع الأسعار متسارعة لارتفاع قيمة العملات الأجنبية مقابل الجنية.

غياب الرقابة

لكن بالمقابل يقول المواطن  أحمد حسين، إن بعض التجار يستغلون مثل هذه الظروف ومع انعدام الرقابة الحكومية يحددون أسعار السلع على مزاجهم.

وأضاف أن “بعض السلع تم شراءها من فترة مضت ومخزنة في مدينة الجنينة وعند ارتفاع الاسعار يتم بيعها للمواطنين بالسعر الجديد هذا يتنافى مع اخلاق المعاملات التجارية”.

من جهته قال حافظ الدارس عضو شعبة التحويلات المالية في سوق الكتكت لتداول العملات أن تحديد قيمة الجنيه السوداني مقابل الفرنك التشادي مربوطة بالبورصات العالمية والعملات الأجنبية.

ونفي بشدة الاتهامات الموجه لتجار العملة بالتلاعب بالأسعار والتضارب بالعملات. وأشار الى أن هنالك تراجع كبير لقيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية.

الواقع يشير إلى أن الأزمة في غرب دارفور ليست مجرد أزمة أسعار موسمية، بل هي انعكاس لأزمة اقتصادية وطنية أعمق، يتداخل فيها ضعف السياسات النقدية مع غياب الرقابة الفعلية على الأسواق، إلى جانب تفشي الاقتصاد الموازي الذي يُدار خارج الأطر الرسمية.

دارفور 24

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.