انطباعات عن محاضرة رابطة الأطباء السودانيين في قطر صحتك و رمضان
بقلم د. أمجد إبراهيم سلمان
نظمت رابطة الأطباء السودانيين بدولة قطر يوم السبت 9 مارس 2024 في المركز الثقافي السوداني بمنطقة مريخ محاضرة توعوية لمرضى السكري عن التعامل مع المرض أثناء الشهر الفضيل. المحاضرون حسب ترتيب المداخلات كانوا د. أمجد إبراهيم سلمان استشاري طب الأسرة في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية ، د. عارف متولي استشاري أول أمراض الكلى في مؤسسة حمد الطبية و د. علياء صلاح حجازي الصيدلانية بمؤسسة حمد الطبية ، كما إختتم اللقاء بالنصائح الدينية الشيخ الداعية بدر الدين محمد عثمان. قام بتقديم المحاضرة د. محمد عبد العظيم استشاري المناظير بمستشفى الوكرة ، و الدكتورة رشا بشرى استشارية طب المجتمع بوزارة الصحة العامة.
أبتدرت المحاضرة بتوضيحات عامة عن مرض السكري و تعريفه حسب منظمة الصحة العالمية و التي تعرفه كالآتي
“السكري واحد من أربعة أنواع رئيسية من الأمراض غير السارية (وهي: المرض القلبي الوعائي، والسكري، والسرطان، والأمراض التنفسية المزمنة). وهو مرض مزمن يحدث عندما يعجز الجسم عن إنتاج كمية كافية من الأنسولين أو لا يستطيع الاستفادة من الأنسولين الذي ينتجه بفعالية. والأنسولين هو هرمون ينظم مستوى السكر في الدم (الغلوكوز) والذي يتكوّن من الأغذية التي يتناولها الشخص. ونتيجة لذلك ترتفع مستويات السكر في الدم، وإذا لم تتم السيطرة على المرض ، فسيؤدي ذلك مع مرور الوقت إلى أضرار خطيرة تلحق بكثير من أجهزة الجسم.”
تبع ذلك الاستدلال بالإحصائيات العالمية لانتشار مرض السكري حول العالم لتوضيح أهميته الصحية و آثارة الكبيرة على الأنظمة الصحية حول العالم و ذلك بناءً على معلومات الفيدرالية العالمية للسكري ، حيث أوضحت الأحصائيات أن 10.5% من سكان الأرض في العام 2021 كانوا مصابين بالسكري ، و أن هذه النسبة ستصل إلى 12.5% (حوالي 1 من 8 البشر) في العام 2045. و من المؤسف أن 3 من 4 مرضى من هؤلاء سيكونون من سكان الدول ذات الدخل المحدود أو الضئيل ، و للدقة فإنه في العام 2021 كان هناك 540 مليون شخص مصاب بالسكري حول العالم و يتوقع أن يرتفع العدد إلى 643 مليون بحلول العام 2030 حتى يصل العدد إلى 783 مريضاً بالسكري بحلول العام 2045. كما تم توضيح العبء الاقتصادي العالمي للمرض و الذي كان 232 مليار دولار في العام 2007 ووصل إلى 996 مليار دولار في العام 2021 بنسبة نمو في التكاليف بلغت 416% خلال 15 عاماً فقط.
في الجزء الأول من المحاضرة عن العناية بمرضى السكري في رمضان ، أستعرض كاتب هذه السطور الأدوية الأكثر شيوعاً لعلاج مرض السكري ، حيث قسمّها إلى أدوية الحبوب ، و الأدوية المحقونة مثل الأنسولين و مثيلات الجلوكاجون (مثل الفيكتوزا ، و الأوزومبيك) ، كما قّسم أدوية الحبوب إلى قسمين أدوية آمنة الاستخدام أثناء الصيام (مثل الكلوكوفاج) و أخرى يجب التعامل معها بحذر شديد مثل محفزّات البنكرياس (مثل الداونيل و الأماريل). كما أوضح الأوقات الأنسب لاستخدام الأدوية بمختلف أنواعها مع التركيز على تخفيض الجرعات ، بيد أن الرسالة الأهم هي أن العناية بمريض السكري هي عناية خاصة (تفصيل شخصي) حيث أن لكل مريض أمراض مصاحبة أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم أو زيادة الوزن أو فرط دسامة الدم ما يتطلب وصفة علاجية خاصة به ، و تابع أن المحاضرة في عمومها هي لنشر الوعي بالأمراض المزمنة مثل السكري و الصيام و ليس تقديم وصفة تعديل واحدة تصلح للجميع ، أيضا تم توزيع استبيان تقييم مريض السكري الذي طورته مؤسسة (دار) العالمية و التي لها دراسات عميقة عن السكري و رمضان ، يحدد الإستبيان خطورة المرض عند المريض المعين حسب نوع السكري المصاب به و الفترة التي عايش فيها المرض إلى غيرها من المتغيرات ، بناء على ذلك الاستبيان ينتج تقييم رقمي لخطورة المرض عند المريض المعين ، فإذا كانت درجة الخطورة عنده من 13 فهو في المنطقة الخضراء و يمكنه الصيام ، أما إذا كان تقييمه في المنطقة ما بين 4 6 فيقع في المنطقة الصفراء و هي منطقة يجب الصيام فيها بحذر مع اتباع نصائح دقيقة من الطبيب ، أما المريض الذي يكون تقييمه الرقمي أعلى من 6 فيقع في المنطقة الحمراء ولا ينصح بالصيام بسبب الخطورة المصاحبة لذلك.
في الجزء الثاني من المحاضرة و الذي قدّمه بإقتدار الدكتور عارف متولي استشاري أول أمراض الكلى بمستشفى حمد العام و كان عن علاقة أمراض الكلى المزمنة بمرض السكّري و كان أن فاجأ الدكتور عارف الجميع بسؤالهم عن عدد الليترات التي تقوم الكلى بتصفيتها في اليوم الواحد و بينما تباينت الاجتهادات تبين أن الرقم هو 80 لتراً من الدماء تقوم الكلى بتصفيتها يومياً عبر نظام معقد لتجميع البول في قنواتها و من ثم امتصاص المواد المفيدة منه في نهاية قنواتها و خاصة السكر ، و بين أنه اعتماداً على كفاءة الكلى يقوم الأطباء و بطريقة مماثلة للاستبيان الذي طورته مؤسسة (دار) فإن المريض يتم تقييم حالته بنفس الطريقة و من ثم توضيح امكانية أن يصوم أو لا ، كما وضّح الدكتور عارف أن أمراض السكري و الضغط تعد مسئولة عن حوالي 40% من الحالات المزمنة لأمراض الكلى لذا فالسيطرة على السكّري و الضغط تقع من ضمن المسئوليات الأساسية لأطباء الكلى و الذين هم في الأساس أطباء باطنية تخصصوا تخصصاً اضافياً في أمراض الكلى ، ما يكسبهم معرفة عامة بالباطنية و معرفة متعمقة في الكلى ، كما أسهب الدكتور عارف في تقسيمات أمراض الكلى و درجاتها حسب الضوابط المهنية العالمية و أهمية تلك التقسيمات في اختيار معظم الأدوية و جرعاتها خاصة تلك الأدوية التي يتم تصفيتها عبر الكلى.
في الجزء الثالث من المحاضرة و الذي قدمته ببراعة الدكتورة الصيدلانية علياء صلاح حجازي من مستشفى حمد العام تم استعراض السمات العامة للأدوية و طريقة عملها ، حيث حددت العوامل التي تساعد في اتخاذ التوصيات المتعلقة بأخذ الدواء مثل: طريقة عمل الدواء ، و الامتصاص ، و الأعراض الجانبية ، و ساعات فعالية الدواء في الجسم ، و شكل الدواء (حبة ، كبسولة ، مسحوق ، إبرة .إلخ). و مضت دكتور علياء قُدُماً في شرح الأوقات الأنسب لأخذ الأدوية في رمضان حسب نوع المرض حيث بينت أن أدوية الضغط مثلاً و التي تؤخذ مرة واحدة يُحبّذ أخذها إما بعد الإفطار مباشرة أو بعد التروايح تجنباً لحدوث دوخة أو عدم توازن مع التشديد بأن تؤخذ هذه الأدوية في نفس الوقت يومياً ، و يمكن أن تُؤخذ بعد السحور أيضاً ، كما وضحت أن أدوية النيترات و التي توسع الشرايين القلبية يفضل أخذها بعد التراويح لتجنب الدوخة أيضاً ، أما الوارفارين وهو عقار مسيل الدم لمرضى القلب و الرجفان الأذيني ، فمن المستحسن تناوله بعد ساعة من الإفطار، أما مُدرّات البول لمرضى قصور القلب فيجب استشارة الطبيب قبل الصيام و لا تتناول مُدرّات البول عقب السحور لأنها تؤدي لجفاف و عطش شديدين في الساعات الأولى عقب تناولها لذا ينصح استخدامها مع الإفطار ، كما نصحت الدكتورة علياء باستخدام أدوية حرقة المعدة قبل السحور لتقليل آثار مرض ارتجاع المريء على الصائمين ، أما أدوية الكوليسترول طويلة المدى مثل الأتورفاستاتين و الروسوفاستاتين فيفضل تناولها بعد الأفطار بينما نصحت باستخدام الأخرى قصيرة المدى مثل السيمفاستاتين و البرافاستاتين قبل النوم. من الأدوية المهمة و التي تحدث خللا كبيرا هي أدوية قصور الغدة الدرقية و التي يجب أن تؤخذ بعد ساعتين من الإفطار و قبل نصف ساعة من أي وجبة أخرى لأن امتلاء المعدة يقلل من امتصاص هذا الدواء بصورة كبيرة. و هناك نصائح مهمة بالنسبة لأدوية الصرع فيفضل اخذ أدويته عقب الإفطار لو كان العلاج مرة واحدة ، و لكن المجال لا يسمح بالاسترسال في هذا الأمر.
النصائح الأبرز في استخدام أدوية السكري و التي أجمع عليها المحاضرون
ينصح باستخدام منظم السُكري الميتفورمين بعد وجبة الأفطار مباشرة لتقليل آثاره الجانبية مثل التأثير على المعدة ، محفزات افراز الإنسولين مثل الدياماكرون أو الأماريل طويلة الأمد يجب أخذها مباشرة بعد الإفطار ، في دول أخرى توجد أنواع منها قصيرة الأمد تؤخذ في جرعتين لذا يجب استشارة الطبيب حول تخفيض الجرعة الثانية منها ، الأدوية التي تساعد في التخلص من السُكّر عبر البول مثل الفورسيجا و الجارديانس ينبغي أخذها وقت الإفطار و ينبغي الإكثار من الشرب بعدها ، و لا يجب البدء بها قبل رمضان مباشرة لأن جسم المريض يحتاج لفترة أسبوعين إلى 4 أسابيع كي يتأقلم مع تأثيراتها عليه ، أما بالنسبة للإنسولين فيجب استشارة الطبيب حول خطورة الصوم ، و لكن القاعدة العامة أنه يجب تخفيض الجرعات بنسبة 25% إلى 30% و مراقبة مستويات السكر خاصة قبل الإفطار ، و في حالات حقن الانسولين أكثر من مرة ففي الغالب تخفيض الجرعة الأخيرة ( التي تؤخذ قبل السحور) بتخفيضها بنسبة 50% أو إلغائها تماما و لكن تلك نصائح دقيقة يأخذها المريض من الطبيب المعالج.
ختم اليوم العلمي الديني فضيلة الشيخ بدر الدين محمد عثمان بشرح عمق العلاقة الدينية بصحة الصائمين و الإهتمام بأن لا يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة ، أيضا أوضح العلاقة التكاملية بين رأي الطب و المنظور الديني للصوم و الرخص التي يمنحها الدين الإسلامي للمرضى ، و أتى حديثه كالسهل الممتنع بشرح ضوابط الكفارة و مبطلات الصيام ، و ضرورة الاهتمام برأي ذوي الدراية و المعرفة العلمية في العلاج ، و قام الشيخ بدر الدين مشكورا بالإجابة باستفاضة عن أسئلة الحضور حسب الحالة المعنية و رأي الدين فيها و طريقة القضاء في حالة تعذر الصيام ، خاصة في بعض حالات الأم المرضعة و التي قد يصادف لها أن يدركها صيام شهر رمضان الذي يليه دون التمكن من قضاء الشهر.
انتهت المحاضرات بجلسة حوار مطولة تمت فيها مداخلات و أسئلة من قبل الضيوف تم فيها تبادل المشورة و النصائح الطبية و الفقهية.
د. أمجد إبراهيم سلمان
الخميس 21 مارس 2024
whatasp+31642427913
المصدر: صحيفة الراكوبة