عُثر على 370 جثة، فيما تتواصل جهود الإنقاذ في قرية ترسين المنكوبة، الواقعة في أخدود عميق وسط جبل مرة، في إقليم دارفور غرب السودان، بعد أن ضربها انهيار أرضي كارثي ناجم عن أمطار غزيرة وتشبع التربة البركانية الهشة بالمياه، ما أدى إلى دفن القرية وسكانها تحت الأنقاض.
ويقدر عدد ضحايا الانزلاق الأرضي الذي حدث الأحد الماضي، بأكثر من ألف شخص، في المنطقة التي تقع تحت سيطرة حركة جيش «تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد محمد نور، وسط تحذيرات من انزلاقات محتملة في المناطق المحيطة بالقرية المنكوبة.
وقال الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان محمد عبد الرحمن الناير، إن عمليات البحث والإنقاذ ما تزال مستمرة، وسط ظروف صعبة وإمكانات محدودة، بقيادة فرق إنقاذ شعبية، ولجان طوارئ محلية من القرى المحيطة.
وأكد رئيس السلطة المدنية في مناطق الحركة، مجيب الرحمن الزبير، أن «مئات الجثث لا تزال تحت الركام»، مشيرا إلى أن النفير الشعبي مستمر، وأن القرية دُفنت بشكل شبه كامل خلال لحظات، فيما وُصفت تلك اللحظات بـ«المهولة» حيث «ابتلعت الأرضُ سكانَ القرية ومواشيهم دفعة واحدة».
وقال الزعيم الأهلي في منطقة داروموا القريبة من ترسين، إبراهيم سليمان، إنه تم العثور على 370 جثة تم دفنها بجهود شعبية، فيما لا تزال مئات الجثث مفقودة تحت الأنقاض. وبينت لجان المقاومة أن 95 في المئة من الضحايا هم من النازحين الفارين من مناطق الحرب، كانوا قد لجأوا إلى القرية بحثا عن الأمان.
استمرار عمليات الإنقاذ… والمئات تحت الانقاض
وأكد سكان محليون أن أكثر من 1,500 منزل انهار بالكامل، إلى جانب نفوق أعداد كبيرة من الماشية، مما زاد من تعقيد الكارثة. وفي ظل الأوضاع الإنسانية المتردية، طالبت حركة «جيش تحرير السودان»، بتدخل دولي عاجل لتوفير الغذاء والمياه والمأوى وإجلاء السكان المحليين في القرى المجاورة في ظل استمرار الأمطار ووجود مخاوف من انزلاقات أرضية جديدة قد تضرب محيط ترسين.
وتفتقر المنطقة إلى أبسط المقومات اللوجستية ومعدات الإنقاذ، وسط معاناة كبيرة يعيشها الأهالي، حسب تقارير فرق الطوارئ المحلية.
كذلك، أعربت الحركة الشعبية لتحرير السودان التيار الثوري الديمقراطي عن بالغ حزنها وأسفها تجاه الكارثة، والتي أودت بحياة ما يزيد عن ألف شخص من الرجال والنساء والأطفال.
وقال الناطق الرسمي باسم الحركة، نزار يوسف: «الوضع كارثي في ترسين، ندعو الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وكافة المنظمات الدولية إلى التدخل العاجل لانتشال الجثث، وتقديم الدعم الإنساني العاجل لمنع مزيد من الكوارث».
وأكدت أن ما جرى في ترسين يمثل «جرس إنذار خطير»، ويكشف هشاشة أوضاع المدنيين في مناطق الحرب، محذرة من تكرار الكارثة ما لم يتم وقف الحرب والتوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني شامل يتيح للمنظمات ،الوصول إلى المتضررين وتقديم المساعدات. وتقع قرية ترسين في منطقة جبلية معقدة التضاريس ضمن سلسلة جبل مرة، وتمتد عبر أخاديد ومنحدرات شديدة في تربة بركانية هشة، ما يجعلها عرضة للانزلاقات الأرضية، خاصة خلال موسم الأمطار. ويقطنها بالإضافة إلى السكان المحليين عدد كبير من النازحين واللاجئين الداخليين، ممن فروا من مناطق القتال خلال الأشهر الماضية.
ويحذر الناشطون في غرف طوارئ جبل مرة من أن الكارثة التي ضربت ترسين تتجاوز قدرة الاستجابة المحلية، وتستلزم تدخلاً دوليا منسقا، لاحتواء تداعياتها، والمساهمة في إدارة الأزمة، خاصة في ظل توقعات بحدوث كوارث مشابهة في مناطق جبل مرة خلال الفترة المقبلة.
القدس العربي
المصدر: صحيفة الراكوبة