(الولد علاء).. مصباح البرهان السحري أم ظلّه الشاذ؟

علي أحمد
من أسوأ صفات النساء في السودان تحديداً هي “المطاعنة”، أي الطعن بالكلمات، وغالبًا ما ترتبط بالعرض والشرف. وهذه أيضًا من الصفات الرئيسية، بل الطاغية، في قائد الجيش عبد الفتاح البرهان؛ فقد حوّل أبهى أيام المرحلة الانتقالية التي شهدت الشراكة المدنية/العسكرية إلى وقتٍ للمطاعنة مع القوى السياسية، قبل أن يشرع في مطاعنة نائبه (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، والتي انتهت إلى (طِعان) بالسيوف والرماح، والحرب أولها كلام!
وفي الأسبوع المنصرم، (عادت حليمة لعادتها القديمة)، وعاد البرهان إلى عادته في ممارسة اللهو وتحدي الملل بمخاطبة مؤتمرات وهمية، يريد من خلالها إثبات شرعيته. فقال أثناء مؤتمر أُقيم لترقية الخدمة المدنية في بورتسودان وهي أول خدمة مدنية “هوائية”، بلا دولة حيث لم تتضمن كلمته أي مفردة لها علاقة بترقية أي خدمة كانت، بل شرع كدأبه في الخَزّ والهمز واللمز ضد قادة حركات الارتزاق المتحالفة معه في سلطة بورتسودان (جبريل، ومناوي، وعقار). وهي حركات فاسدة بالضرورة، ومتحالفة مع فاسد أيضًا، في تحالف يقوم أصلاً على الفساد.
فقد وصف البرهان ما يحدث في الوزارات بأنه توظيف لأسر كاملة: أسر الوزراء وأقاربهم، وأخواتهم، وجداتهم (حبوباتهم) قالها هكذا بكل سخرية الدنيا ووقاحتها. فظن نائبه مالك عقار أنه المقصود بهذا اللمز والوخز، وبالفعل هو أحد المقصودين، وإن لم يكن المقصود بتلك الهمزة تحديدًا. لكن (الحرامي على رأسه ريشة) كما يقولون، إذ استغل منصبه في توظيف إحدى كريماته كدبلوماسية في سفارة السودان بأمريكا، بينما وظّف الأخرى كضابطة شرطة بالسفارة في مصر، في حين عيّن ابنه في وزارة الطاقة والمعادن حيث بريق الفضة ولمعان الذهب، وحيث تُسرق عقودات الوقود المستورد بلا حشمة!
أما جبريل ومناوي، فقد جلبا أفخاذًا وبطونًا كاملة من الجماعة العرقية التي ينتميان إليها، وزرعوهم في الوزارات التي اقتسماها مع البرهان. وهذا معروف وشائع ولا يحتاج دليلاً، إلا إذا ما احتاج النهار إلى دليل! وبطبيعة الحال، لو لم يكن ربّ الدار (البرهان) للدف ضاربًا، لما رقص هؤلاء الأوباش على جَاجم الشعب السوداني ونهبوه وسرقوه.
لم يصمت مالك عقار، وإن كان الأرجح أن البرهان لم يكن يقصده هو شخصيًا في تلك المخاطبة، وربما كان يشير إلى رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم (كبير الفاسدين). لكن مالكًا، وعلى رأسه ريشة، فاستغل المنبر ذاته الذي استخدمه البرهان للمطاعنة والمفاحشة وكلّهم بذيئون لا يستحون موجهاً حديثه إلى البرهان مباشرة، مُعرِّضًا بفساد من أسماه (الولد). وهو ليس ابن البرهان مباشرة، بل شاب صغير يدعى “علاء الدين”، ظل يلازم البرهان كظله سرًا منذ تعيينه رئيسًا لمجلس السيادة عقب الثورة، وحتى الآن. وهي علاقة مريبة، لا أحد يعلم عن علاء الدين هذا شيئاً، متى وكيف ومن أين جاء؟، سوى أنه مصباح البرهان السحري، وقد وصف من يُحسنون الظن بالبرهان العلاقة بأنها علاقة فساد مالي وسياسي، بينما من يسيئون الظن به يقولون بانها علاقة فساد أخلاقي ترتبط بالشذوذ الجنسي، خصوصًا أن هذا “الولد” تحوم حوله شبهات فساد أخلاقي كثيرة أعوذ بالله.
وجّه مالك عقار إلى “الولد” تهمًا تشيب لها الولدان، هامزًا في قناة البرهان، فقال إنه اشترى من أموال الفساد شقتين في القاهرة، وأخرى في تركيا، وقطعة أرض في بورتسودان، وأشياء أخرى. وقال ما معناه: إن أردنا أن ننظف البلد، فلنبدأ من فوق أي من مكتب البرهان، ومن البرهان نفسه.
لقد ابتذلت حكومة الأمر الواقع في بورتسودان العمل الحكومي والخدمة المدنية إلى أدنى درجات التسفّل والابتذال، وأحطت بالقيم والأخلاق، وبكل مكرمة وفضيلة، إلى أسفل سافلين. وكيف لا؟ وهي سلطة ترتكز مرجعيتها الفكرية والسياسية على خليط من الدجل الديني، والشعوذة، وأناشيد الخديعة “الجهادية”، وزعيق جلالات العسكر، وصراخ مرتزقة الحركات المسلحة، وبذاءات مغنيات قاع المدينة، ومشرّدي ومتسوّلي وسائل التواصل الاجتماعي؛ العاطلين عن العمل، هاتكي الأعراض، وفاسدي الذمم والضمائر. هؤلاء هم من يوجّهون بوصلة البرهان وحلفائه، لا المشروع السياسي الواضح الذي يتصدره الأدباء والمفكرون والفلاسفة وعلماء السياسة والاجتماع؛ أولئك الذين يرتقون بالأمم والبلدان!
وفي خضم هذه العتمة وهذا الابتذال، ردّ وزير المالية جبريل إبراهيم على البرهان في معرض سؤال وجّهته إليه قناة الجزيرة في مقابلة معه، فنفى جملة وتفصيلًا أنه عيّن أو وظّف أقاربه في وزارة المالية، عدا سكرتيره الخاص ومدير مكتبه. ولكن الواقع الماثل أن وزارة المالية تحولت إلى دار لحركة العدل والمساواة التي يرأسها هذا الجبريل.
أما (ولد البرهان) الذي أشار إليه مالك عقار، وقال إن (الرئيس) يحبه، وإنه يحب الرئيس (يقصد قائد الجيش)، فهذا قد عمّت رائحته النتنة أركان السودان وما جاوره. فهو شاب مشبوه، لا يمتلك الحد الأدنى من التأهيل والكفاءة والقدرات التي تؤهله ليدير مكتبًا خاصًا به، دعك عن مكتب خاص بقائد الجيش. لكن الطيور على أشكالها تقع؛ فالبرهان بفطرته وسليقته يجد نفسه في مجتمعات البذاءة والرداءة، في كل شيء وأي شيء. وهو عاشق للمطاعنات، والنميمة، والغيبة، وكذلك أيضًا نائبه مالك عقار، كبير النمّامين والفاسدين في المدينة.
هؤلاء، ومن خلفهم (إخوان الخراب)، هم من يتحكمون في مصائر السودانيين الآن. وبمثل هذه (النمائم) والمطاعنات، أشعلوا الحرب مع الدعم السريع. وعلى المواطنين السودانيين أن يستعدوا وينتظروا الحرب القادمة بين حركات الارتزاق والجيش. فالحرب عند هؤلاء أولها مطاعنة، ثم يبدأ الجميع بالسؤال: من أطلق الطلقة الأولى؟
لذلك علينا أن نُوثق من الآن أن طلقة المطاعنات الأولى أطلقها البرهان، فردّ عليها مالكًا بـ(دانة)، وجبريل بـ(عمل ساتر). لكنه سيدخل المعركة بعد أن يدرك أن الحياد (الساتر) غير فعّال، وأن عليه أن يقاتل من أجل الحفاظ على سرقاته.
تبًّا لهؤلاء الأوغاد، والأوباش، وشذّاذ الآفاق.. لقد مثّلوا بنا مرة أخرى!
المصدر: صحيفة الراكوبة