اخبار السودان

الهويات المتخفية : تأثير السرديات الدينية في الإنسان المعاصر : الغرب ‏نموذجا

 

يجيء هذا الموضوع رداً على تساؤل حول كيف يقتل الناس بعضهم جراء ‏مرويات قبل آلاف السنين. تعليقا منه  على موضوع نقلته يتحدث عما ورد ‏في العهد القديم حول لماذا حوّل الله اسم أبرام إلى إبراهيم .. من هذا ‏الموضوع جاء ردا على تساؤل من أحد الإخوة الكرماء بقوله: (أليس ‏مدهشا أن يقتل الناس بعضهم بعضا بخلفية مرويات قبل آلاف السنين؟):‏
‏**********************‏

سبحان الله لم أكن أظن أن يكون نقلي للموضوع إياه إلا مجرد إستثارة ‏ذهنية مرجعية لموضوع قديم /متجدد .. بمعنى لم أكن أظن أن ‏الموضوع ‏سيسوقنا إلى إحالات عديدة ، ولكن الأجمل أنها إحالات شائقة .. وأنها كذلك ‏تربط في أذهاننا الحاضر ‏بالماضي وتلقي الضوء على هذا الإنسان ‏العجيب : بذهنه ، ذاكرته ، ونزوعه للماضي وللخير والشر ‏وللحب وللكُره ‏والتكتُّل ‏Clustering‏ وراء الهوية .. تلك الحية الماكرة ، المراوغة، القاتلة ‏أحيانا والتي تتخفى خلف ألف وجهٍ ووجه.‏
من ناحية أخرى تعمل الأيديولوجيا (المعتقد) يا عزيزي على تجميع أفكار ‏وتوجُّهات عواطف وسلوك الأفراد ‏وتجعلهم يتكتلون ويتناصرِون خلف ‏هوية حقيقية أم مزعومة ، واقعية أم افتراضية ، رئيسية كانت أم فرعية أو ‏مؤقته ضمن الهويات العديدة المتراكبة داخل الذات الإنسانية.‏
وكذلك الثقافة بتعريفها التقليدي : ذلك الكل المركب الذي يشمل المعتقدات ‏والأفكار و…و( من بينها  الأيديولوجيا أو المعتقدات) .. فالثقافة هي التي ‏تنير لنا ‏السبيل في الحياة و توجِّه السلوك وتحدد الاستجابات وردود ‏الأفعال في حياتنا اليومية..‏
‏*نأتي لموضوع الساعة : غزة وإسرائيل وفي الخلفية قصة أبراهام أو ‏إبراهيم … فهي تقع ضمن ما تسميه أنت المرويات والتي صارت بمرور ‏الوقت سرديات ‏لمعتقدات أيديولوجية ، ومن ثم أضحت أفكار ثابته ترسم ‏تصورَنا للكون والحياة والناس وكذلك توجّه مشاعرنا وسلوكنا.. ‏
هذه المرويات أو التي يصفها البعض بالميثولوجيات والخرافات ‏والأساطير قد تبدو ظاهريا كما نظن أنها موضوعة على أرفف التاريخ ‏كأرشيفات عفا عليها الزمن ، أو آثار غطاها الغبار في أقبية المتاحف أو ‏‏(كما وصف الشاعر أمل دنقل واصفا الأحصنة التي كانت تقاتل بأنها ‏أصبحت محنطة في أرفف الدكاكين في مواسم المولد النبوي) ..  .‏
‏ ولكننا الآن نتفاجأ بأن ما كنا نظنها مجرد غيبيات من الخرافة والأساطير ‏هي في الحقيقة لدى الغرب في الحقيقة حية تسعي في العقول ‏وفي ‏الضمائر ، وأنها محرِّك ودوافع تحرِّك الشعوب لتناصر من يشترك معها ‏في كنا نظنها مجرد سرديات تُروى/أيديولوجيات تاريخية لكي تولِّد شرعية ‏للاغتصاب والقتل.‏
هذه أمريكا أنزلت ‏كل الأحصنة ا/المرويات المؤرشفة من أرففها وبثت ‏فيها الروح (الابراهيمية) المختزنة منذ قرون لتجابه حملة ‏السرديات ‏المناوئة لدى أبناء إبراهيم من الأم الأخرى (الفلسطينين/العرب/ ‏المسلمين). في حرب مكشوفة لا خجل فيها ولا مداراة.‏
الدرس الرئيسي : ألا نظن أن ثقافة شعب متحضر هي أرقى من ‏ثقافة ‏شعب أقل مرتبة في سلم التحضر (الزائف) .. وهي حقيقة يقولها ‏علماء اللغة والأنثروبولوجيا وغيرهم. ‏ إذن يجب ألا نسخر من ثقافة أي ‏شعب..‏

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *