النازحون في بورتسودان.. شبح مجاعة ووفيات وسط الأطفال (*)
نزحت زينب إلى مدينة بورتسودان وانضمت لمعسكر داخلية البنات الشهير وبدأت ترتيب حياتها من جديد بفتح دكانة صغيرة عند مدخل المعسكر تبيع بعض المواد البسيطة
بورتسودان الراكوبة
زينب سيدة أعمال دارفورية من مدينة نيالا فقدت كل ما تملك بعد اجتياح قوات الدعم السريع للمدينة، اضطرت بعدها للنزوح إلى مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة. لم تقف زينب عاجزة كما مئات الآلاف من السودانيين الذين تضرروا من الحرب، بل بدأت حياتها من جديد واستأنفت عملها في تجارة الأقمشة بمساعدة بعض التجار في المدينة، لكن سقوط ود مدني قبل ثلاثة أشهر كلفها رأسمالها للمرة الثانية، بل وزاد عليه أن أثقلت ظهرها بالديون هذه المرة. نزحت للمرة الثانية إلى مدينة بورتسودان وانضمت لمعسكر داخلية البنات الشهير بالمدينة وبدأت ترتيب حياتها من جديد بفتح دكانة صغيرة عند مدخل المعسكر تبيع بعض المواد البسيطة.
تقول زينب لـ “الراكوبة” إنها لم تستسلم كما الملايين من السودانيين فهي تعشق التجارة وتلك مهنة موروثة في أسرتها، لكنها كشفت عن معاناة نفسية كبيرة مرت بها بعد أن فقدت كل شيء، وزدادت معاناتها بسبب الديون الأخيرة، بيد أنها أكدت أنها ستصمد في وجه العاصفة وستعيد تجارتها كما كانت في نيالا.
شبح المجاعة
وكانت منظمات أممية حذرت من شبح مجاعة في السودان نتيجة الحرب بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، وكشفت تقارير أممية عن أن 25 مليون سوداني مهددون بالجماعة بينهم 14 ألف طفل، فيما نقلت التقارير عجزا في تمويل الاحتياجات الإنسانية.
زييب لم تكن الوحيدة التي تسببت حرب الجيش والدعم السريع في معاناتها، عدد من النساء عشن معاناة نفسية كبيرة ، فها هي عوضية من منطقة الفتيحاب جنوبي مدينة أم درمان نزحت إلى مدينة بورتسودان بعد شهور من حصار الدعم السريع للمنطقة. وقد عاشت أياما صعبة للغاية حسبما ذكرت بسبب الحصار الذي منع دخول السلع الضرورية للمنطقة مع انقطاع كامل لخدمتي المياه والكهرباء. نزحت عوضية إلى بورتسودان حيث ضمتها معسكرات النزوح وعاشت معاناة ثانية في ولاية آمنة من الخوف لكنها لم تأمنها من الجوع .
تقول عوضية إن معسكر النازحين هنا يقتفد لأبسط مقومات الحياة، فلا مياه صالحة للشرب ولا وجبات غذائية ولا بيئة صحية، تعيش في معسكر تحاصره النفايات وتسكنه أسراب الذباب المنتشرة هذه الأيام في المدينة وتختلط فيه مياه الصرف الصحي بمياه الشرب التي يتحصل عليها النازحون بصعوبة بالغة.
الناطق الرسمي باسم الصليب الأحمر عدنان حزام شكا في تصريحات سابقة من عدم التزام الأطراف بقواعد الاشتباك المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني ما صعب من مهمة عمل المنظمات لاسيما فيما يتعلق بإمكانية الوصول للمتضررين من الحرب في مناطق النزاع وإيصال الاحتياجات الإنسانية.
لكن هذه المعاناة أيضاً رصدتها “الراكوبة” في المناطق الآمنة وظهور شبح المجاعة بصورة جلية داخل معسكرات النزوح حيث تقول زهرة محمد سعيد إنها فقدت طفلها الرضيع بعد أن أصيب بمرض الأنيميا بسبب الجوع وجفاف ثديها من اللبن. فارق طفلها الحياة بعد أن فقد مورد غذائه الوحيد بسبب جوع والدته فيما أصيبت طفلتها ذات الثلاثة أعوام بسوء التغذية لذات السبب.
عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش الفريق قال خلال كلمة ألقاها أمام ضباط وجنود جيشه بمدينة القضارف أن السودان لم يتسلم إلى الآن شحنة إغاثة واحدة من المجتمع الدولي، معلناً عن استعداد حكومته تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق الحاجة .
(*) تنشر هذه المادة بالتزامن في منصات ٢٧ مؤسسة ومنظمة صحفية وإعلامية مشاركة في حملة (منتدى الإعلام السوداني)
المصدر: صحيفة التغيير