صفاء الزين

تشير تقارير موثوقة إلى تسجيل أكثر من 14 ألف حالة إصابة بحمى الضنك في الخرطوم منذ بداية 2025م مع وفيات تتزايد يوميا وسط انهيار النظام الصحي؛ وهذه الأرقام التي قد تكون أقل من الواقع تؤكد أن الوباء يضرب بلا هوادة وشعب السودان يواجه مصيره وحيدا في ظل وهن حكومي وقصور إقليمي ودولي.

في ظل الحرب التي تمزق السودان وتقتل الآلاف بالرصاص والقصف والجوع هناك موت آخر يزحف بصمت في الشوارع والبيوت، الخرطوم اليوم محاصرة بالدخان والخراب بل غارقة في وباء ينهش أجساد الناس: حمى الضنك، تشاركها في ذلك بعض الولايات الجنوبية كالجزيرة وسنار.

المرض ينتشر بسرعة مخيفة والبعوض صار سيد المكان، يملأ البيوت والمستشفيات والمخيمات وكأن الحرب وحدها لا تكفي، وكل محاولات التصدي له أثبتت عجز وزارة الصحة الاتحادية في ظل غياب الإدارات الولائية منذ أمد بعيد.

الأجساد الواهنة تسقط واحدة تلو الأخرى. الحمى تفتك بالصغار والكبار والمستشفيات التي بقيت بالكاد تعمل صارت عاجزة. لا أدوية كافية لا محاليل وريدية تتحمل هذا النزيف المستمر.

العائلات تحاول ما بوسعها تبيع ما تبقى لديها من أجل دواء نادر أو تنتظر رحمة الله بعدما تخلت عنها الدولة وتجاهلتها المؤسسات.

التعتيم هو سيد الموقف. لا أرقام معلنة شاملة عن حجم الكارثة لا حملات توعية ولا حتى اعتراف صريح بأن الناس تموت يوميا بغير صوت، إن الوجع يكتم والموت يمرر بصمت وكأن آلاف الأرواح لا تعني شيئا في معادلة الحرب والسياسة.

السودان اليوم يعيش حربين: حرب السلاح وحرب المرض موت معلن بالرصاص وموت صامت بالبعوض، هذا الوباء ليس قدرا إلهيا صرفا وإنما نتيجة مباشرة للإهمال وانهيار الدولة وقصور ظل حكومة الأمر الواقع.

الناس يواجهون مصيرهم وحدهم يقاومون بين الدواء المفقود والرش الغائب والظروف التي جعلت المدينة مرتعا للبعوض والموت، ووسط هذا الجحيم يبقى السؤال: كم من الأرواح يجب أن تزهق حتى يسمع صوت الضحايا؟

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.