اخبار السودان

المشجع الهلالي بين حب لا ينتهي ونقد لا يتوقف

هلال وظلال

عبد المنعم هلال

 

ـ الهلال ليس مجرد نادٍ رياضي بل هو عشق متجذر في قلوب السودانيين ورمز للفخر والاعتزاز ولكن هذا العشق الذي يرفع الهلال فوق السحاب كثيراً ما يتحول إلى ضغط هائل على اللاعبين والمدربين خاصة عندما يسيطر على المشجع الهلالي هوس الكمال ونظرة دائمة للنصف الفارغ من الكوب.

ـ يقال إن من يحب كثيراً ينتقد أكثر والمشجع الهلالي بحبه الجارف لناديه يجد نفسه دائماً في موقع الناقد والمحلل الذي لا يرضى إلا بالمثالية.

ـ إذا خسر الفريق فالمدرب لا يفقه شيئاً وكيسو فاضي وسباك وما عندو حاجة..

ـ إذا أضاع اللاعب فرصة فهو لا يستحق ارتداء شعار الهلال ولاعب مرض وأحسن الفريق يلعب ناقص.

ـ إذا أخطأ حارس المرمى فهو (شعيرية) وماسورة كبيرة.

ـ إذا غاب الانسجام في مباراة واحدة فالكل يتحمل (اللوم والتقصير) ويكال الهجوم على المدرب واللاعبين ومجلس الإدارة وطبيب الفريق وعامل المعدات.

ـ هذا النقد الحاد رغم أنه يعكس حباً شديداً قد يصبح سيفاً ذا حدين فمن جهة يدفع الفريق لتقديم الأفضل لكنه من جهة أخرى قد يؤدي إلى زعزعة الثقة وتفاقم الضغوط النفسية على اللاعبين والجهاز الفني.

ـ في الهلال المدرب ضحية الطموح العالي والمدرب دائماً متهم حتى يثبت العكس لا وقت للجماهير لتفهم فلسفة المدرب ولا مجال لمنحه الوقت لبناء فريق قوي بل نقة وتنظير كثير.

ـ فلوران إيبينجي مثلاً رغم أنه صنع توليفة تنافسية وحافظ على توازن الفريق إلا أنه لا يسلم من الانتقادات. أي تبديل لا يثمر فوراً يتحول إلى خطأ فادح وأي هزيمة مهما كانت ظروفها تعلق على شماعة المدرب وأي تشكيلة تفشل في كسب النتيجة المدرب يشيل الشيلة.

ـ المشجع الهلالي يريد مدرباً يحقق الفوز في كل مباراة متناسياً أن كرة القدم ليست مجرد أرقام بل لعبة تحمل الكثير من المتغيرات التي لا يمكن التحكم فيها بالكامل.

ـ اللاعبون يلعبون تحت الكثير من الضغوط وما يمر بالبلاد يهد الحيل ويفقد العقل واللاعب الهلالي يعيش في دائرة لا تخلو من الضغط المستمر حتى النجوم الكبار رغم جهدهم البائن يجدون أنفسهم عرضة للنقد اللاذع رغم ما يقدمونه من جهد وسكب عرق داخل الميدان.

ـ إذا تألق لاعب في مباراة يطالبه الجمهور باستمرارية لا تنقطع كأنه ماكينة وإذا تراجع أداؤه يصبح عبئاً على الفريق (ومو نافع) ويجب أن يخرج من التشكيلة.

ـ أما اللاعبون الشباب فهم في مواجهة تحدٍ مزدوج إثبات أنفسهم في ظل هيمنة المحترفين الأجانب وتحمل النقد عند أي هفوة صغيرة.

ـ هذا النقد المستمر يجعل اللاعبين يشعرون وكأنهم يلعبون تحت المجهر مما قد يؤثر على أدائهم ومعنوياتهم.

ـ النصف الممتلئ من الكوب الهلالي دائماً ما يغيب عن العين .

فمع كل هذا النقد ينسى المشجع الهلالي الجوانب الإيجابية وهزيمة واحدة لا يغفرها ألف انتصار وفي كل كبوة لجواد تنهال عليه السياط.

ـ المشجع ينسى أن المدرب واللاعبين يعملون وسط ظروف صعبة وضغوط غير عادية ويغفل عن اللحظات السعيدة التي منحها الهلال لجماهيره والانتصارات التي سجلت بحروف من ذهب في تاريخ الكرة السودانية.

ـ لكي يتغير المشهد السلبي المشجع الهلالي بحاجة إلى التوازن في نظرته للفريق ومن حقه أن ينتقد لكن بموضوعية وتحليل منطقي بعيد عن العاطفة والآراء السالبة والمحبطة.

ـ يحتاج اللاعبون إلى التقدير والدعم في كل الأحوال عند الهزيمة والانتصار وعلى المشجع أن يتذكر دائماً أن الفريق بحاجة إلى الدعم في الأوقات الصعبة أكثر من حاجته للنقد.

ـ الصبر ثم الصبر وعدم الاستعجال فبناء فريق قوي وتحقيق البطولات يحتاج إلى وقت والمثالية ليست مطلباً واقعياً في كرة القدم.

ـ الهلال هو الحلم الذي يعيش في قلب كل مشجع لكن الأحلام لا تتحقق بالضغط السلبي والنقد المستمر إنما تتحقق بالدعم والثقة والصبر على الفريق في الأوقات الصعبة.

ـ الهلال لا يحتاج فقط إلى جمهور يهتف في أوقات الانتصار بل إلى عشاق يساندونه في كل الظروف لأن الزعيم يستحق دائماً النصف الممتلئ من الكوب.

ـ الهلال فريق كبير ومدربه ولاعبوه وإداراته ليسوا معصومين من الخطأ فعلى المشجع التريث وتقدير الجهود المبذولة بدلاً من التركيز فقط على السلبيات.

ـ نقد المشجع الهلالي نابع من حبه العميق للفريق لكن هذا الحب يحتاج إلى التريث فمن الحب ما قتل ومن حقه أن ينتقد ويدلي برأيه ولكن بعقلانية وقبل هذا من المهم أن يدعم لأن الدعم هو الوقود الذي يحرك الفريق نحو الأمام فالهلال لا يحتاج فقط إلى مشجعين يطالبون بالفوز بل إلى عشاق يثقون به ويقفون خلفه في كل الظروف.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *