اخبار السودان

المسافة.. إلياذا خالدة بين الشاعر صلاح حاج سعيد والفنان مصطفى سيد أحمد

 

المسافة.. إلياذا خالدة بين الشاعر صلاح حاج سعيد والفنان مصطفى سيد أحمد

عبد الله برير

 

يغلب على أغنية ونص ولحن المسافه مضامين متفرقه تحتمل اللهفة والصبابة، الخوف والتوجس، والتحدي والامل بعد الاستسلام.

وكنحات محترف، يضع صلاح حاج سعيد إزميل عباراته الحريف في قلب المعنى فينحت مطلعا مؤثرا عن صيرورة التباعد بعبارة ( لسه بيناتنا المسافة ) متماهيا في الاعتراف والاستسلام لمآلات البُعد التي بينهما، والأعين التي لربما تكون العُزّال، متلهفا عليها خائفا يترقب في حالة سكون او سكوت دونما فعل يوازي الشعور.

 

ويعالج لحن مصطفى المضامين أعلاه في قالب موسيقي مترف بالشجن والعذوبة متداخل المشاعر، تولت فيه الآلات المهمة الشاقة والمستحيلة في ترجمة الأحاسيس وإيصال الفكرة اللحنية ومضمون النص.

يبدأ الشاعر في تعداد مخاوفه بإعلان حالة الطوارئ من التوجس من الحزن ورنته المخيمة على الوضع الماثل، والتي لربما ستنتشل الفرحة وتذهب بها بعيدا، ليمشي هو ميتا بالحسرة.

يتواطأ الموسيقيون عند نطق عبارة ( رنة الحزن( ، يخيل للسامع تشظي الآلات وترا وترا، فيما يمتد خوف مصطفى في مدى الصوت في (بخافها) لتجيبه اللازمة الموسيقية في حزن وتتكئ على كتف صوته. ينتقل صلاح وزمرة العازفين الى حال الأماني المسافرة والامنيات المؤجلة، الأماني الباحثة عن ميناء آمن ومرفأ عادل قبل الزمن، هي ( كايسة المواني / يوم تجيبني عليك بصدق إنو مرة الحظ طراني )، للحظه ولوهلة فقط يؤمن بان الحظ تذكره ليضمها معه في شعوره الأبدي بها ( واحتواني معاك شجن ) لازمهته وتلبسته حالة الشجن التي لطالما كانت معه في ازمان سابقات، ( عذبني قبلك ولسه منك جاي تاني) ، المزيد من هواجس الشجن وصنوف العذاب الحميم، يتلذذ كمازوخي بصبابتها في استفهام تقريري مستسلم ( تمشي وين الخطوة عنك) اذ لا فكاك ولا طريق لخطاه سوى دربها المزروع بألغام الوجد.

ويجيب نفسه كما سال (ما الزمن بالحب بلاك وابتلاني) حيث قدمها هنا قبل نفسه قربانا للابتلاء الرحيم .

وفي خضم الترقب، يطل كقوس قزح، صوت كلاسيك جيتار ينفض غبار الهواجس ويدوزن سماوات المشهد المرتبك بنغم متمرد، يلتقط مصطفى القفاز مثل انتحاري أحال صوته لموسيقى بكامل الشجن والهارموني مع اللحن ( لا لا لا لا لا) ليصيب الجيتار بالجنون وتنتقل العدوى للآلات فتؤمن بزخم المعزوفة الملحمية. وفي مشهد مباغت، ينتقل الشاعر والملحن للأعين، (لعيونك يا مدائن) في تقديم وتاخير في ظاهره التحدي وفي باطنه الأمل. عيناها التي اسماها بالمدائن حيث الفرحة والجسارة، في انقلاب عاطفي على مبتدا النص مقابلا للهفة والخوف السكون، تغزل في الجسارة بدل الخوف وعوضا عن السكون جاء النبأ بمليون بشارة، بدلا من واحدة، ألف خير غير ان هذا الخير رهين بكلمة مفتاحية منها ( بس إشارة).

وحينما يهوم الحب في عينيهما ما يحتار بالأمارة، وقتها يجيؤه الفرح لكن يتلبسه الخوف عليها ويعتريه كنار في هشيم الروح. معادلة الجنون : خطوة منك خطوة ليك، ينتظر الاشارة فقط ويعود للتساؤل الابدي ( ولا بيناتنا المسافة ) بدلا من الاستسلام ل ( لسة بيناتنا المسافة).

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *