اخبار السودان

اللحظات الحاسمة بين النصر والهزيمة

وائل محجوب

• يختار القادة العسكريون اللحظات الحاسمة لقلب موازين المعارك العسكرية، وتحويل نذر الهزيمة للحظة انتصار خاطفة، تقلب موازين القوى العسكرية لمصلحة جيوشهم في الميدان، وساعتها تفرض رؤية قيادتها السياسية بنصرها العسكري على طاولات التفاوض.

• ويختار القادة السياسيون ذوي الحكمة والدربة، تلك اللحظة بين النصر والهزيمة، أي لحظة توازن القوى أو الضعف، لصالح إحداث اختراق يفضي لنصر سياسي عجزت البنادق عن تحقيقه، على طاولة التفاوض.

• فأي اللحظتين ينتظر قادة الجيش وفق مجريات المعارك الدائرة، ووفق طريقة إدارة الحرب التي عرفها الناس منذ إنطلاق الطلقة الأولى، وحتى آخر دانة سقطت على منازل ورؤوس المواطنين أمس.

• الحرب هي وجه أخر للسياسة، ولابد أن تحكمها رؤية وأهداف سياسية، ذات منطق يبيح مشروعيتها العسكرية والسياسية والأخلاقية، ويستحيل بغيرها من الوسائل تحقيقها وإنجازها، ويسترخص الناس في سبيلها الخسائر مهما عظمت، فما هي الأهداف الكبرى التي لا يمكن إنجازها بغير طريق الحرب، والتي تبرر كل هذا الخراب والدمار والموت؟

• وهل تدار الحروب وفق روح ومنطق الإنتقام ورد الكرامة، أم وفق استراتيجيات عسكرية لتحقيق أهداف وطنية وسياسية معلومة؟
هل الهدف هو تفكيك الدعم السريع وإبادة افراده، مثلما يروج صف من موتوري وعناصر الحزب الضرار وتابعيهم بغير إحسان، من الذين يهرفون بما لا يعرفون، لا في القوانين المحلية ولا الدولية، ولا في تاريخ الحروبات الوطنية في بلادنا، وسجلها الدموي المقيت، والذي لم يسجل حالة حرب واحدة انتهت بإفناء المتمردين، والنصر النهائي عليهم، هذا السجل المخزي الذي بسببه صار رأس الدولة وأبرز قادته من العسكريين وعناصر حزبه من المدنيين، الذين يأججون نار الحرب حاليا، على سجل متهمي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.

• هل الهدف هو تفكيك الدعم السريع وإجبارهم على الرضوخ لعملية الدمج، والقبول بعملية التفكيك الناعمة؟
فما الذي يحول دون إنجاز ذلك تفاوضا، وتستطيع البنادق تحقيقه، بعد جر البلاد لدوامة الخراب والدمار والموت بالقذائف والجوع والعطش والهم والقهر، وقد كان وما زال بالإمكان تحقيق ذلك بسند الحق والمنطق وقوتهما، وهل تعجز القوات المسلحة التي أنجزت ترتيبات أمنية في اتفاقية السلام ٢٠٠٥م بالغة الدقة والتعقيد عن تحقيق ذلك، أم انها انساقت لنفر من المدنيين المتلبسين دور وروح القادة العسكريين، وهم أفقر الناس معرفة بشئون الحرب والسياسة، لحرب توشك أن تفكك البلاد وجيشها نفسه، وتقوده لسلسلة من الهزائم الميدانية التي لا تنتهي.

• يحق للناس أن يتساءلوا ماذا تريد قيادة القوات المسلحة تحقيقه، وكيف تخطط للنصر، وهي على مدار ٦ أشهر منذ اندلاع الحرب، تعتمد مبدأ الدفاع عن مقارها وعن النفس، وفق ما قاله قائدها العام أمام الأمم المتحدة، وتكتفي بشن هجمات بالطيران والمسيرات في حرب مدن، تقول كل العلوم العسكرية قديمها وحديثها، انها لا تخاض الإ على الأرض وبإشتباك بين مشاة الجيوش، وتشير بأجمعها أن استخدام الطيران لن يفض الإ لدمار كامل للبنيات التحتية ويسقط جرائه الآف الضحايا من المدنيين، بينما تترك المدن والمدنيين العزل تحت رحمة هجمات عسكرية، تزهق الأنفس وتعرض البشر لأبشع الانتهاكات، وتجبر الناس على مغادرة احيائهم ومنازلهم بالقوة الجبرية الغاشمة، دونما حماية أو قوة تقاتل عن حقهم السليب، حدث ذلك في بحري وامدرمان القديمة والخرطوم، وانتهى بمواطني العيلفون نازحين عن ديارهم.

• لقد ظل قادة القوات المسلحة تاريخيا يمتلكون القدرة على تقدير الموقف العسكري السليم، فكيف يرون ما يجري، والى أين سينتهي بالبلاد والجيش، لا أحد يعلم فيم يفكرون فهم لا يصرحون ولا يتحدثون للناس، ولا يقدمون للناس ما يقنعهم بأن خسائرهم الفادحة والكارثية، هي ثمن لشيء عزيز يمكن أن يضحوا لأجله، وأن هناك بارقة أمل لغد ترد فيه المظالم، وترتفع فيه رايات العدالة والتعويضات العادلة.

• سيأتي يوم قريب وفق مجريات الأمور، يكون التفاوض نفسه قد بات مطلبا عزيزا ولا يجده المتقاتلين، وسيكونوا قد أفلتوا مرة وللأبد اللحظة السياسية التي كان بمقدورهم استثمارها، والنجاة بالبلاد من مصائر مشابهة لدول بددت شملها الحروب الأهلية وامرائها، ونافخي كير حروبهم من المتنطعين وناشري خطابات الكراهية والعنصرية.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *