اللاجئون بين مطرقة الحرب وسندان السفارات

هلال وظلال
عبد المنعم هلال
في ظل المعاناة القاسية التي يعيشها اللاجئون السودانيون الفارون من جحيم الحرب أبت بعض السفارات إلا أن تضيف إلى كاهلهم أعباء جديدة بفرض رسوم باهظة على الطلاب الراغبين في الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية ففي مصر وصلت الرسوم إلى 4 آلاف جنيه مصري بينما فرضت السفارة في السعودية 450 ريالاً سعودياً وهكذا في بقية الدول التي يتواجد فيها اللاجئون السودانيون.
ولكن من أين لأولياء الأمور هذه المبالغ الباهظة ..؟ هؤلاء اللاجئون لم يخرجوا من السودان إلا وهم لا يملكون سوى ملابسهم التي يرتدونها وما تبقى لهم من أمل في الحياة بعد أن شردتهم الحرب وجعلتهم بلا مأوى ولا مصدر رزق.
المفارقة المؤلمة أن هذه القرارات لم تصدر عن دول أجنبية بل جاءت من مؤسسات يُفترض أنها تمثل السودانيين في الخارج وتحمل مسؤولية خدمتهم والتخفيف من معاناتهم لا إثقالها لكن يبدو أن من يجلسون على كراسيهم الوثيرة في هذه السفارات لا يشعرون بمعاناة أهلهم بل يمضون في فرض القرارات الجائرة دون اكتراث.
وأيضاً وجد طلاب الداخل أنفسهم في مواجهة أعباء مالية ثقيلة حيث فُرضت عليهم رسوم دراسية تفوق قدرة أسرهم خاصة بعد أن فقد الكثير من أولياء أمورهم أعمالهم ومصادر دخلهم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الحرب فلم يعد لديهم ما يسد حاجتهم أو يضمن لهم استمرار تعليمهم مما وضعهم أمام خيارات صعبة بين مواصلة الدراسة في ظل هذه الضغوط أو التوقف عنها قسراً.
يكفي ذلك الشرخ النفسي العميق الذي أحدثته الحرب في نفوس الطلاب والشباب والأطفال.
رسوم الامتحانات أصبحت عبئاً ثقيلاً على العديد من الأسر وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الحرب حيث تزايدت معدلات الفقر وانعدمت مصادر الدخل مما جعل الكثير من أولياء الأمور غير قادرين على تحمل نفقات تعليم أبنائهم ناهيك عن الرسوم المرتفعة للامتحانات. إن فرض مبالغ كبيرة على الطلاب للجلوس للامتحانات يحرم العديد منهم من مواصلة تعليمهم ويؤدي إلى ارتفاع معدلات التسرب المدرسي مما يشكل تهديداً خطيراً لمستقبل الأجيال القادمة لذلك بات من الضروري أن تعيد الجهات المختصة النظر في هذه الرسوم إما بتخفيضها إلى مستوى يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة أو بإيجاد حلول بديلة مثل تقديم إعفاءات للطلاب غير القادرين أو إنشاء صناديق دعم تعليمي بتمويل حكومي أو مجتمعي لضمان عدم حرمان أي طالب من حقه في التعليم بسبب العجز المالي فالاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل البلاد ولا يجوز أن يكون المال عقبة أمام حق أساسي من حقوق الإنسان.
لمن الشكوى ..؟ لا وزير يسمع ولا مدير يرى ولا سفير يهتم ولا مسؤول يشعر..! الجميع يكنكشون في كراسيهم ويتبعون مصالحهم ومصالح حاشيتهم ويوقعون القرارات بلا ضمير وإحساس وكأن هؤلاء الطلاب ليسوا أبناء وطنهم وكأن أولياء الأمور لم يفقدوا كل شيء في وطن يحترق ..! .
نرفع شكوانا إلى من لا تضيع عنده الحقوق إلى صاحب العرش الدائم وندعوه أن يولي أمرنا لمن يخافه وليس لمن يخاف على منصبه وكرسيه..! .
وللحديث بقية…
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة