منتدى الإعلام السوداني
مآب الميرغني
الخرطوم 1 أكتوبر 2025 (جبراكة نيوز) تعرض عدد من اللاجئين السودانيين في ليبيا خلال الأسابيع الأخيرة لهجمات استهدفتهم ضمن أجانب من جنسيات أخرى، حيث شهدت عدة مدن ليبية اعتداءات واعتقالات ومداهمات شارك فيها مواطنون ليبيون وجهات رسمية ضد الأجانب.
وأفاد لاجئون سودانيون أن الاعتداءات تركزت على العاملين في الأسواق الشعبية، لا سيما بمدينة مصراتة، حيث تعرضت محالهم للتكسير ونهبت بضائعهم، كما لم تخلُ الأحداث من مداهمات للمنازل.
الشرارة من وسائل التواصل الاجتماعي
(م. ع) أحد السودانيين المقيمين في مصراتة جاء إليها بعد اندلاع الحرب تحدث لـ(جُبراكة نيوز)، مبيناً إن الحملة ضد المهاجرين بدأت على منصات التواصل الاجتماعي عبر منشورات وفيديوهات حملت محتوى عنصريًا، من بينها صور مضللة ومعالجة بتقنية الذكاء الاصطناعي.
وأضاف المقيم الذي فضل حجب اسمه، أن أول تحرك ميداني جرى قبل أسبوعين في يوم جمعة بوقفة احتجاجية، رفع المشاركون خلالها لافتات كتب عليها: “لا لتوطين الأجانب.. ليبيا لليبيين”. وبعد اعتقال السلطات لأحد منظمي الحملة، خرج محتجون في مظاهرة بمصراتة انتهت بتهديدات علنية ضد السودانيين، أعقبها اعتداءات مباشرة على محالهم وضرب بعضهم في السوق.
وأشار المتحدث إلى أن التظاهرات والحملات يشارك فيها أعداد كبيرة من الليبيين، لافتًا إلى أن بعضهم يحمّل السودانيين مسؤولية ارتفاع أسعار إيجارات العقارات والبضائع، فضلًا عن مزاحمة المواطنين الليبيين في فرص العمل والسكن حسب رأيهم. وقال: “المنشورات ضدنا في السوشيال ميديا كثيرة جدًا، ولوقت طويل يحاولون إقناع الناس أننا السبب في الغلاء”.
وبيّن أن الاستهداف لم يقتصر على السودانيين، إذ سبق أن طال الفلسطينيين والسوريين، إلا أن السودانيين باتوا الأكثر عرضة للهجوم، نظرًا لربط وجودهم بتزايد الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط. وأضاف: “في الفترة الأخيرة كثرت عودة القوارب من البحر، والهجرة الموسمية تكون غالبًا في الصيف، وهذا جزء من أسباب تصاعد الهجوم ضدنا”.
مداهمات واستهداف للمساكن
(م. ع) تحدث عن مداهمات تستهدف مساكن السودانيين، حيث أنذر أصحاب العقارات المستأجرين بوجود حملات تفتيش واسعة، مؤكدًا أن أي شخص لا يملك أوراقًا رسمية معرض للاعتقال والمساءلة.
وأوضح أن أغلب السودانيين في ليبيا يعملون في مهن بسيطة مثل البقالات والورش والبناء والنظافة والمخابز والدواجن.
السفارة السودانية صامتة
برغم تدهور الأوضاع الأمنية وتعرض السودانيين في ليبيا لمخاطر جمة، بالمقابل كان هناك غياباً تاماً لدور السفارة السودانية. (م. ع) يقول: “منذ شهور أخطرنا السفارة في طرابلس برغبتنا في العودة إلى السودان، لكن لم نجد أي استجابة. مئات الأسر الآن عالقة بعد سيطرة الدعم السريع على المثلث الحدودي مع السودان، دون حلول.. ناشدنا السفارة والقنصلية في ليبيا باستمرار لإيجاد حلول جذرية ولكن بلا جدوى”.

ترحيل جماعي وتصاعد الضغوط
في يوليو 2025، أعلنت السلطات الليبية في الشرق عن ترحيل نحو 700 مهاجر سوداني عبر البر إلى السودان، بعد احتجازهم في مناطق وسط وجنوب شرق البلاد، بدعوى الإقامة غير القانونية.
وذكرت المديرية العامة لمكافحة الهجرة غير الشرعية (هيئة ليبية)، أن هذه الإجراءات تأتي في إطار حملات أوسع تستهدف الحد من الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، وهو ما يعكس تصاعد الضغوط الأمنية على المهاجرين في ليبيا خلال الأشهر الأخيرة.
وفي تقرير صادر في الشهر نفسه، رجّحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن يتجاوز عدد السودانيين الموجودين في ليبيا 650 ألف لاجئ مع نهاية العام الجاري، نتيجة استمرار الحرب في السودان منذ أبريل 2023.
وأوضحت المفوضية أن تدفق الوافدين ما زال مستمرًا بوتيرة يومية، خاصة من إقليم دارفور عبر الحدود الجنوبية، حيث سُجّل وصول 313 ألف لاجئ منذ اندلاع الحرب، بمعدل يتراوح بين 300 إلى 600 شخص يوميًا.
وأشارت إلى أن هذا التدفق يضاعف الضغوط على المدن الليبية المستضيفة، التي تعاني أصلًا من نقص في المياه والغذاء والمأوى والخدمات الصحية.
انعكاسات للوضع السياسي
كشف صحفي ومحلل سياسي سوداني يقيم في ليبيا فضل حجب اسمه أن موجة العداء الأخيرة تجاه الأجانب في البلاد تعود جذورها إلى حديث حول اتفاق جرى بين حكومتي الشرق والغرب (حكومة عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر) مع الإدارة الأمريكية، بشأن إعادة توطين جزءا من الفلسطينيين داخل ليبيا.
وأوضح في حديث لـ “جُبراكة نيوز” أن تسريب خبر هذا الاتفاق فجّر موجة غضب شعبي عارم، بدأت على منصات التواصل الاجتماعي بشعارات مثل: (لا لتوطين الأجانب.. ليبيا لليبيين) و(لا للوجود الأجنبي)، وسرعان ما تحولت هذه الحملات الإلكترونية إلى دعوات ميدانية لطرد جميع الأجانب.
وأشار إلى أن الشرارة الأولى اندلعت من مدينة صبراتة السياحية الكبرى، قبل أن تمتد إلى الزاوية وسرمان، حيث رافقتها احتجاجات عنيفة وأعمال شغب شملت الاعتداء على الأجانب، خصوصًا السودانيين، واقتحام منازل أسرهم ونهب بعض المحلات التجارية لأول مرة في تاريخ ليبيا، ووصل الأمر إلى ترحيل بعض الأسر إلى مراكز إيواء.
خطاب الكراهية ضد الأجانب
وبيّن أن أطرافًا عدة استغلت حالة الغضب الشعبي لإذكاء خطاب الكراهية ضد مختلف الجنسيات المقيمة في ليبيا، من سودانيين وسوريين وفلسطينيين وتشاديين ومصريين، عبر اتهامهم بالتسبب في ارتفاع الإيجارات والأسعار، والاستحواذ على فرص العمل، فضلًا عن ربط وجودهم بانتشار أمراض خطيرة مثل الإيدز والسرطان باعتقادهم.
وأضاف: “خطاب الكراهية ليس جديدًا في ليبيا، لكنه عاد هذه المرة بصورة أعنف، مدفوعًا بشعور الليبيين بأن عدد الوافدين الذي يقدّر بأكثر من 10 ملايين يفوق عدد السكان المحليين البالغ نحو 7 ملايين”.
ولفت إلى أن الأحداث الأخيرة تزامنت مع مقتل أحد قادة المليشيات في طرابلس، ما زاد من حالة الاضطراب الأمني في ظل عجز حكومة الدبيبة عن السيطرة الكاملة على المليشيات، الأمر الذي فاقم مناخ الفوضى وأتاح المجال لتنامي أعمال العنف والنهب.
وانتقد الصحفي والمحلل السياسي موقف السفارة السودانية في طرابلس، مؤكدًا أنها لم تُصدر حتى الآن أي بيان إدانة أو احتجاج على ما وصفه بـ (الأعمال الوحشية) والانتهاكات التي طالت السودانيين، رغم تلقيها مذكرات عاجلة من الجالية السودانية، مطالبًا بضرورة تحركها الفوري لمخاطبة السلطات الليبية والضغط لوقف هذه التجاوزات.
ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (جبراكة نيوز) لتسليط الضوء على قضية اللاجين السودانيين في ليبيا مؤخرا، وتصاعد الهجمات والعنف ضدهم، نتيجة حملات كراهية ممنهجة تحولت إلى اعتداءات ميدانية وعمليات ترحيل جماعي. وسط صمت السفارة السودانية والجهات الرسمية وعجزها عن حماية مواطنيها.
المصدر: صحيفة التغيير