منتدى الإعلام السوداني

حميدة عبدالغني

كمبالا، 28 يوليو 2025 (أفق جديد) لم يكن (كباشي كافي) يعلم أن رحلة فراره من جحيم الحرب والموت في السودان لاجئا بأوغندا، ستنتهي بموته في مخيم للاجئين، عندما هاجمه لاجئون مثله من دولة جنوب السودان في أحداث مخيم (كرياندونغو)، بسبب الصراع على المساعدات الشحيحة التي تقدمها منظمات الأمم المتحدة، وفقا لما قاله مسؤول في المخيم الذي يأوي لاجئين سودانيين.

كان المخيم الواقع في مقاطعة بيالي جنوب أوغندا يضم أكثر من 30 ألف لاجئا سودانيا، وتعرض في الأسبوع الثاني من يوليو، لهجمات متتالية بالأسلحة البيضاء من قبل لاجئين جنوب سودانيين، أسفر عن مقتل لاجئ سوداني وإصابة أكثر من 20 آخرين بعضهم بحالات حرجة نقلوا لتلقي العلاج في مستشفيات بالعاصمة الأوغندية كمبالا.

وقال رئيس مجتمع اللاجئين السودانيين في مخيم (كرياندونغو)، حسين تيمان، لـ “أفق جديد” إن المخيم تعرض لسلسلة هجمات من قبل منسوبين لـ “مجتمع النوير” الذين يسكنون قريبا من مخيم السودانيين، مما أدى إلى قتل لاجئي وإصابة آخرين.

وأوضح أن أحد قيادات “مجتمع النوير” قال خلال اجتماع مشترك مع السلطات الأوغندية إن السبب الرئيسي للهجمات هو “نزع الأراضي التى كان يزرع عليها اللاجئون النوير، وتوطين اللاجئين السودانيين فيها، بالإضافة الى الضائقة الاقتصادية التي يعيشونها بعد أن تم إعادة تصنيف الفئات غير المستحقة لدعم برنامج الغذاء العالمي”.

وأضاف بقوله “إنهم يشعرون بالغبن لأن اللاجئين السودانيين شاركوهم في الخدمات العامة، مثل المياه، المدارس، المركز الصحي”.

وفرّ اللاجئون السودانيون من مخيماتهم عقب الهجمات التي تعرضوا لها، وتجمعوا داخل مركز استقبال اللاجئين ومقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، طلباً للحماية من العنف، إلا أن السلطات الأوغندية أخرجتهم لاحقاً من هذه المواقع ليتم نقلهم إلى مكان مؤقت تم تجهيزه بواسطة المفوضية التي تعهدت بحمايتهم، وفق شهود عيان.

وقال شهود العيان لـ”أفق جديد” إن أجزاء كبيرة من منازل الأسر السودانية في مخيم “كرياندونغو” دُمرت إثر الهجوم الذي تعرضت له، وسط حالة من الصدمة والخوف الذي انتاب الأسر والأطفال في المخيمات. وذكر الشهود أن العديد من اللاجئين السودانيين هربوا من المخيم إلى العاصمة الأوغندية، كمبالا، ومدن أخرى حيث يستقرون اليوم مع أقربائهم ومعارفهم في انتظار استتباب الأمن بالمخيم.

إجراءات القبض

وتجري السلطات الأوغندية تحقيقات وتحريات حول أحداث مخيم “كرياندونغو”، تمهيدًا للقبض على الجناة المتورطين في مقتل اللاجئي السوداني، وفقا لما قاله رئيس مجتمع اللاجئين السودانيين، حسين تيمان.

وقال تيمان في تصريح لـ “أفق جديد” إن السلطات الأوغندية شكلت لجنة للتحقيق في الأحداث وتعمل للقبض على المتهمين، بعد أن أعلنت حالة الطوارئ وحظر التجوال في المخيم. وأشار إلى أن المكتب القيادي لمجتمع اللاجئين السودانيين في أوعندا، وجه كل شهود العيان للتعاون مع المتحري من البوليس الأوغندي والإدلاء بإفاداتهم حول الأحداث.

ونوه إلى غياب دور المنظمات الإنسانية في احتواء تداعيات الأحداث بالمخيم، مبيناً أن العشرات من الأسر السودانية أصبحت اليوم بلا مأوى ولا غذاء بعد تدمير مخيماتهم.

رواية لاجئة

“سكينة” لاجئة سودانية تعيش في مخيم “كرياندونغو” برفقة 4 من أبنائها و3 من أحفادها، روت تفاصيل الفرار من السودان وما تعايشه الآن في مخيم اللجوء. وقالت لـ “أفق جديد”: “جئت مع أولادي من السودان إلى أوغندا بحثًا عن الأمان، تسلمت قطعت أرض سكنية قمت ببنائها بالطوب وافتتحت متجراً فيها ليكون مصدر دخل إضافي إلى جانب المساعدات التي نتلقاها من المنظمات”.

بدأت سكينة في التأقلم مع الوضع الجديد ومساعدة أبنائها للتعلم وشق طريقهم إلى المستقبل من وسط محنة اللجوء، إلا أن الأحداث الأخيرة شلت خطتها وجعلتها عاجزة عن تدبر حالها، وفق قولها.

وأضافت: “بعد الهجوم الذي تعرضنا له فقدنا الأمان تماما، لم نصاب بأذى لأن المهاجمين لم يقتحموا منزلنا الذي أغلقناه علينا لمدة 3 أيام من الهجوم المتتالي”. وأشارت إلى أن الأوضاع بدأت في الهدوء إلا أن المخاوف لم تفارقها حيث لا زال متجرها مغلقاً، خصوصاً وأنها وجدت الجميع من حولها فروا لوجهات مختلفة، إلا جارتها “عازة” التي بقيت في منزلها مع أطفالها الثلاثة.

وأشارت إلى أن جارتها بقيت لأن لديها زراعة، عبارة عن “خضروات” كانت قد زرعتها في الأرض التي منحتها لها مفوضية اللاجئين، وأصبحت تعتمد عليها في مصدر رزقها ومن أجلها تحدت الخوف وتمسكت بالبقاء.

ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد مجلة (أفق جديد) لتسليط الضوء على أحداث مخيم (كرياندونغو) الذي يضم المئات من اللاجئين السودانيين بدولة أوغندا. أودت الأحداث بحياة شخص وإصابة العشرات، وللفت النظر لما يواجهه اللاجئين السودانيين من معاناة ومخاطر في غياب ضمان الحماية الكافية.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.