اللاجئون السودانيون أمام مشاكل كراهية الغرباء في مصر
وصلوا في الساعة الثانية صباحا. وحصلوا على البطاقات الصفراء في الساعة الواحدة ظهرا.
وقال بحر، وهو أب لطفلين يبلغ من العمر 32 عاما، “كانت الأشهر الماضية أشبه بالجحيم. كنا بالكاد نغادر المنزل ونتجنب السير في الشوارع. نستطيع اليوم تنفس الصعداء نوعا ما”.
وكان الانتظار الطويل أحدث محنة للعائلة التي وصلت إلى مصر في مطلع يناير الماضي بعد أربعة أيام قضتها متنقلة عبر الصحراء هربا من الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم.
◄ معلقون تلفزيونيون مصريون أشاروا إلى ما وصفوه بعبء ملايين المهاجرين خلال فترة التضخم المرتفع والضغوط الاقتصادية
ومن المفروض أن توفر البطاقات درجة من الحماية القانونية، وتمنع الإعادة القسرية وتمنح حامليها بعض الخدمات، بما في ذلك الرعاية الصحية. لكن اللاجئين يخشون ألا تحميهم من كراهية الأجانب في مصر. وتصاعدت هذه التخوفات منذ أن بدأ السودانيون يصلون بأعداد كبيرة بعد اندلاع الحرب في وطنهم في أبريل 2023.
وقالت أفراح إدريس، زوجة بحر، “لا يزال وضعنا غير آمن حتى بعد أن تلقينا البطاقة. نخشى أن يوقفنا ضابط شرطة ويطلب بطاقات إقامتنا التي لا يمكن أن تصدر الآن وتستغرق سنتين”.
وأكدت إدريس أن الأسرة تجنبت خلال الأشهر الماضية السير في الشوارع الرئيسية واستخدام وسائل النقل العام. وأضافت الأم البالغة من العمر 28 عاما “نخرج فقط إلى مناطق قريبة من المنزل أو السوق أو لزيارة بعض الأصدقاء الذين يعيشون في مكان قريب”.
وتحدثت عن اعتقال اثنين من أقاربهما، لم تكن لديهما بطاقة إقامة أو لجوء، ثم ترحيلهما إلى السودان قبل ثلاثة أسابيع.
وخلقت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم وشردت أكثر من 10 ملايين شخص داخل السودان وخارجه.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 500 ألف سوداني فروا إلى مصر منذ بدء الصراع.
◄ أكثر من 500 ألف سوداني فروا إلى مصر منذ بدء الصراع، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
◄ أكثر من 500 ألف سوداني فروا إلى مصر منذ بدء الصراع، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
وأصبح هؤلاء اللاجئون، مثل بحر وعائلته ومواطنين من دول أفريقية أخرى، عالقين في مأزق قانوني خلقه قانون مصري جديد.
ويلزم القانون، الذي صدر في سبتمبر 2023، جميع المهاجرين غير الشرعيين، أو أولئك الذين انتهت صلاحية تصاريح إقامتهم، بتنظيم وضعهم بحلول نهاية سبتمبر، ما يمدد الموعد النهائي السابق في يونيو.
ويمكن أن تتجاوز الرسوم الإدارية في هذه العملية ألف دولار، وهو مبلغ باهظ بالنسبة إلى الكثيرين.
ويعدّ التسجيل كطالب لجوء لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بديلا لغير القادرين على تلبية المتطلبات، وقد يستغرق شهورا. وبدأ بحر العملية بعد شهر واحد من وصوله، لكنه لم يحصل على البطاقات إلا في سبتمبر.
وقال “لو كان بحوزتي ألف دولار، لما أتيت إلى المفوضية. لم نكن لننتظر كل هذا الوقت في خوف”.
وسهلت مصر في البداية دخول الأشخاص الفارين من السودان. لكن القاهرة علقت التزام السماح للنساء والأطفال وكذلك للرجال السودانيين الذين تزيد أعمارهم عن 49 عاما بالدخول دون تأشيرة بعد أقل من شهرين من بدء الحرب. وزاد هذا من إبطاء الدخول.
وقال المسؤولون إن “الأنشطة غير المشروعة”، كإصدار تأشيرات مزورة، كانت سبب التغيير.
وتتضمن عملية الحصول على التأشيرة عقبات كأداء حاول الآلاف من السودانيين تجنبها بخوض رحلات محفوفة بالمخاطر عبر الصحراء لدخول مصر بشكل غير قانوني.
ويحتاج السودانيون إلى حجز موعد مع الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية المصرية للتقدم بطلب للحصول على الإقامة بعد تلقي بطاقات طالب لجوء صفراء من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر.
وامتدت أوقات الانتظار لهذه المواعيد إلى أكثر من سنتين بسبب عدد المتقدمين.
سهام مصطفى: مصر أطلقت هذا التشريع الذي يهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات شاملة للاجئين لإدارة الأزمة بشكل أفضل
سهام مصطفى: مصر أطلقت هذا التشريع الذي يهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات شاملة للاجئين لإدارة الأزمة بشكل أفضل
وحددت المنظمة الدولية للهجرة في2022 أن حوالي 9 ملايين مهاجر من 133 دولة يعيشون في مصر.
وذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 770120 شخصا فقط من 62 دولة سجّلوا كلاجئين رسميا اعتبارا من 9 سبتمبر.
وتمكن كثيرون آخرون من العيش والعمل في مصر لفترات طويلة بفضل درجة من التسامح القانوني. وكان ذلك إلى حد صدور المرسوم الجديد.
وقالت سهام مصطفى، النائبة عن حزب مستقبل وطن الذي يدعم الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن مصر كافحت للتعامل مع أعداد الوافدين.
وأضافت “أطلقت مصر هذا التشريع الذي يهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات شاملة للاجئين لإدارة الأزمة بشكل أفضل. ويمكّن هذا الحكومة من تقديم المساعدة المستهدفة مع ضمان الأمن القومي أيضا”.
وكثفت الحكومة منذ يناير عملياتها الأمنية للتحقق من وضع إقامة الأجانب.
ولا توجد بيانات رسمية عن عدد الأجانب الذين رحّلوا من مصر منذ العام الماضي. وقالت منظمة العفو الدولية ضمن تقرير في يونيو إن مصر نفذت اعتقالات جماعية وترحيلات غير قانونية لآلاف اللاجئين السودانيين.
وقالت المنظمة الحقوقية إنها وثقت 12 واقعة أعادت فيها السلطات المصرية ما يقدر بنحو 800 مواطن سوداني بين يناير ومارس من هذا العام دون منحهم فرصة لطلب اللجوء أو الطعن في قرارات الترحيل.
ولم ترد الهيئة العامة للاستعلامات في مصر والمتحدث باسم مجلس الوزراء على طلبات للتعليق على تقرير منظمة العفو الدولية.
ودفعت هذه الحملة آلاف اللاجئين السودانيين إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سعيا منهم للحصول على مواعيد التسجيل، وقالت المفوضية إن ذلك شكل ضغطا على خدماتها.
وقالت كريستين بشاي، المتحدثة الرسمية لمفوضية شؤون اللاجئين في مصر، “رأينا كل يوم ما معدله 4 آلاف شخص يأتون إلى مكاتبنا، مقارنة بـ800 شخص قبل الحرب”.
وذكرت أن عدد طالبي اللجوء من السودان المسجلين قبل الحرب بلغ 60779، ويصل اليوم إلى 482995، ويتزايد يوميا.
وأشارت بشاي إلى أن السودانيين يشكلون 62.7 في المئة من إجمالي عدد طالبي اللجوء المسجلين لدى المفوضية في مصر.
وأشعل وصول اللاجئين التوترات الاجتماعية حيث يُتّهم السودانيون وغيرهم من الأجانب بالتسبب في رفع أسعار الإيجارات.
وأشار معلقون تلفزيونيون مصريون إلى ما وصفوه بعبء ملايين المهاجرين خلال فترة التضخم المرتفع والضغوط الاقتصادية.
◄ من المفروض أن توفر البطاقات درجة من الحماية القانونية، وتمنع الإعادة القسرية وتمنح حامليها بعض الخدمات، بما في ذلك الرعاية الصحية
وقالت إدريس، زوجة بحر، إنها حاولت تسجيل ابنيها في مدارس في الجيزة، التي استقر فيها العديد من السودانيين. لكن المدارس رفضت مطالبها.
وأضافت “قالوا لنا: لا نريد سودانيين. خسر أبنائي الآن عامين من حياتهم بسبب هذه الحرب ولأننا غير مرحب بنا في مصر. إلى أين نذهب؟ ليس لنا أي مكان آخر”.
وقالت رجاء أحمد عبدالرحمن، وهي لاجئة سودانية تبلغ من العمر 27 عاما ودخلت مصر بشكل غير قانوني مع ابن عمها في أغسطس، إنها تتمنى أن يتمكن الناس من إعالة بعضهم البعض.
وتركت والدتها وشقيقتيها في الخرطوم، حيث كانت تعمل في مطبعة، لأنها كانت بحاجة إلى علاج طبي.
وأضافت “ذراعي مصابة بحروق بسبب القتال في الخرطوم. ما كنت لأغادر الخرطوم أبدا لولا هذا”.
وتعيش الآن مع ابن عمها في حي أرض اللواء بالجيزة في شقة صغيرة تكلفهما 4 آلاف جنيه مصري (83 دولارا) شهريا.
وتابعت “أخبرنا المالك بأن الإيجار سيرتفع إلى 8 آلاف جنيه مصري في غضون بضعة أشهر. كيف يمكننا تحمل ذلك؟ جئنا ومعنا القليل جدا من المال”.
العرب
المصدر: صحيفة الراكوبة